أصبح الهاتف الخلوي من الضروريات في هذه الأيام، فهو وإن
كان وسيلة اتصال بالأساس، إلا أنه تحول لوسيلة تجعلك تطلع على كل ما يدور حولك،
وأكثر من ذلك تجعلك توثق ما يدور حولك، وهو الأمر الأهم في قطاع
غزة الذي يعاني
عدوانا إسرائيليا مدمرا منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي.
يجلس رجال نازحون في غزة حول مجموعة متشابكة من الكابلات
والأسلاك الممددة المتصلة بمنفذ طاقة في مستشفى سعيا لتحقيق هدف بالغ الأهمية ولكنه
بعيد المنال، وهو
شحن هواتفهم.
وفي وقت الحرب بغزة، فإن الهاتف المشحون بمثابة شريان حياة،
إذ يساعد في الاطمئنان على الأحبة بعد القصف الإسرائيلي، ويساعد في معرفة الأماكن التي
قد يتوفر بها الطعام والمياه، بالإضافة إلى توفير الإنارة في الخيام بعد حلول الظلام.
اظهار أخبار متعلقة
وقال محمد أبو سخيتا الذي نزح مع عائلته التي تضم طفلا رضيعا
من مخيم الشاطئ للاجئين بشمال غزة إلى خيمة في رفح: "اليوم، حلم البني آدم أن يشحن
(الهاتف) شحنة كاملة، من الصعوبة جدا، يا تشحنه 50-60 (بالمئة)، أقصى حد 70 (بالمئة)
لأنك بتقعد تضيع ثلاث أو أربع ساعات"، وفق تقرير مصور لوكالة
"رويترز".
وتحظى المنطقة المتاح فيها شحن
الهواتف خارج المستشفى الإماراتي
في رفح بشعبية كبيرة لأنها مجانية. ويسمح المستشفى للنازحين بتوصيل الكابلات إلى مقابس
الكهرباء التي يتم تغذيتها إما عن طريق الألواح الشمسية أو مولد عندما يتوفر الوقود.
وفي أماكن أخرى، تسمح بعض الأسر أو الشركات الصغيرة التي
لديها ألواح شمسية للناس بشحن الهواتف ولكن في كثير من الأحيان مقابل رسوم، وهو أمر
لا يستطيع الجميع تحمل تكلفته.
وقال أبو سخيتا: "والله في بيشحنوا طاقة شمسية بفلوس،
بس الأوضاع المادية عندي صعبة، فأضطر للبحث عن بديل، أشحن في مكان مثل مستشفى، أو مؤسسة
مجانية من غير دفع نقود".
والهواتف ليست الجهاز الوحيد الذي يحتاج إلى شحن منتظم.
وقال محمد أبو طه، وهو حلاق في رفح، إنه يعتمد على الألواح
الشمسية في منزل عائلته لشحن ماكينة الحلاقة الكهربائية الخاصة به بعد استخدامها.
وقال: "من بين كل زبون أبعث ابن أختي ليشحن الماكينة
وأضطر أحكي للزبون يعني إذا فيه شمس بشتغل، مفيش شمس مش هنشتغل.. وإذا الماكينة طفت
معي، أعتذر للزبون".
وتمكن أحد الخياطين في رفح من التغلب على مشكلة انقطاع الكهرباء
عن طريق تحويل دراجة طفل مفككة إلى دينامو بدواسة لتشغيل ماكينة الخياطة الخاصة به.
لا مكان للشحن
مع استمرار العدوان والمجازر نزح معظم السكان، وأدى النقص
الحاد في الغذاء والمياه والكهرباء والأدوية إلى كارثة إنسانية، وفقا للأمم المتحدة.
وأصبح شحن الهاتف أحد تحديات الحياة اليومية؛ إذ يستغرق وقتا
طويلا ومثيرا للإحباط شأنه شأن البحث عن الخبز أو المياه.
وقال محمود معروف، وهو نازح من جباليا بشمال غزة، والذي أحضر
بطارية مشابهة لبطاريات السيارات إلى نقطة الشحن في المستشفى الإماراتي: "جئنا
هنا حتى نشحن ما عندنا لكن هناك زحام".
وإلى جانب الهواتف، يجلب الناس مثل هذه البطاريات لشحنها
حتى يتمكنوا بعد ذلك من تشغيل الأجهزة التي يحتاجونها في خيامهم.
وينظم المتطوعون في المستشفى جدولا زمنيا يسمح للأشخاص بالشحن
لفترة معينة من الوقت. ويساعد النظام على تجنب المشاحنات من خلال إتاحة الوصول إلى
المقابس القيمة لأكبر عدد ممكن من الأشخاص، ولكن الطلب مرتفع للغاية بحيث لا يرضي الجميع.
وقال معروف إنه يحتاج إلى شحن بطاريته لتشغيل الأجهزة الطبية
لأطفاله الذين يعانون من أمراض الجهاز التنفسي.
اظهار أخبار متعلقة
وأوضح: "عندنا أولاد تعيش على التنفس الاصطناعي، أحضرنا
بطارية كبيرة حتى نشحنها لأن المستشفيات مليئة والوضع صعب جدا".
وعلى الرغم من الملل، فإنهم محظوظون بما يكفي ليجدوا مكانا
يتحملهم حتى يشحنوا هواتفهم بقدر الإمكان.
وقال محمد الشمالي، وهو نازح من مدينة غزة: "نأتي
هنا عند المستشفى الإماراتي حتى نشحن هواتفنا، يستمر الهاتف بالعمل ليوم أو يوم ونصف
كحد أقصى. نحن نستخدمه للإنارة فقط لا غير".
وأضاف: "الاتصالات ضعيفة، لا شبكة إنترنت موجودة. نستخدمه
لإضاءة الطريق أو الخيمة، لا أكثر ولا أقل".