قضايا وآراء

هل ننشد العدل بعد افتضاح المؤسسات الدولية؟

جمال حشمت
جيتي
جيتي
عدم فعالية الأمم المتحدة وكثير من المنظمات الدولية تجلت في أوضاع كثيرة منذ إنشائها، خاصة في قضية فلسطين وعشرات القرارات التي لم تنفذ، مرورا بجائحة كورونا ونهاية بالعدوان على غزة والعجز التام عن اتخاذ موقف حاسم.

لقد تعملقت الأمم المتحدة ومنظماتها على الغلابة فقط، وجعلت كل قراراتها محصنة بالباب السابع الذي يتيح استعمال القوة لتنفيذ القرارات، بينما كان الفيتو لخمس دول مانعا من تحقيق العدالة المنشودة ضد الدول القوية. وهنا ضاعت الحقيقة وانتفى العدل وظهر العجز جليا لحماية المستضعفين في العالم، أو حتى لإقرار السلام والأمن العالميين وهما سر وجود المنظمة.

يقول أردوغان في كتابه "نحو عالم أكثر عدلا" عام ٢٠٢١م: "لا يمكن ترك مصير البشرية لأهواء عدد محدود من البلدان في عصر يواجه مشكلات جسيمة".. "إن المجتمع الدولي والمنظمات الدولية للأسف تكتفي بموقف المتفرج لا غير، والأدهى من ذلك تموضع المجتمع الدولي والجهات الفعالة عالميا ضد الديمقراطية ومطالب الناس بالعدالة إضافة إلى إضفاء الشرعية على أولئك الذين يقتلون الأبرياء بوحشية في مختلف أنحاء العالم، والتغاضي عن العنف بتجاهل القيم العالمية من أجل سياسة الوقيعة".

العالم اليوم إن لم يستطع إجراء هذا التغيير الذي يشكل أمما متحدة تعكس التعددية الثقافية والتعددية القطبية لضمان سلام عالمي عادل وأكثر استدامة، وإن لم تنجح الجهود في تحقيق ذلك بعد كل الفشل الذي صاحب تاريخ المنظمة الدولية، فلا بد من موقف حاسم تتحرك فيه الدول الحرة التي عانت من ويلات الظلم الدولي والسيطرة الأممية لعدة دول

تعريف الأمم المتحدة في ميثاق تأسيسها: "منظمة عالمية تهدف إلى تأمين العدالة والأمن والتنمية الاقتصادية والمساواة الاجتماعية لجميع البلدان"، فهل حققت ذلك، أم كانت عاجزة وفقدت وظيفتها مع مجلس أمنها أمام صراعات عدة، مثلما حدث ويحدث في فلسطين وسوريا والعراق وأوكرانيا، ومن قبلها مجازر حرب البوسنة والمذبحة الرواندية؟ كانت كلها وصمات عار، ولم يفكر أحد في تعديل مسارها وفاقا أو اختلافا طالما هي تحقق مصالح الدول الخمس دائمة العضوية!

ومن هنا كانت اقتراحات تركيا بوجوب عدم استمرار هذا النظام الدولي المنحاز ضد الفقراء والأبرياء، بل تجب إعادة هيكلته من أجل تأسيس بنية أكثر فاعلية وشفافية ووظيفية وتمثيلا وخضوعا للمساءلة، من شأنها الإسهام بحق في السلام العالمي والأمن والاستقرار. وهذا يستلزم تغييرا جذريا عند إعادة هيكلة مجلس الأمن الذي يتمتع بسلطة رادعة فعلية لا يدفع ثمنها إلا الضعفاء، من أجل الحصول على بنية تمثيلية أكثر عدلا.

إن العالم اليوم إن لم يستطع إجراء هذا التغيير الذي يشكل أمما متحدة تعكس التعددية الثقافية والتعددية القطبية لضمان سلام عالمي عادل وأكثر استدامة، وإن لم تنجح الجهود في تحقيق ذلك بعد كل الفشل الذي صاحب تاريخ المنظمة الدولية، فلا بد من موقف حاسم تتحرك فيه الدول الحرة التي عانت من ويلات الظلم الدولي والسيطرة الأممية لعدة دول؛ إما بالتوقف عن المشاركة أو الانسحاب من هذه المنظمات، وكلما زاد العدد كان ذلك مؤثرا ومعجلا في قرار التغيير المنشود.

لقد فضح العدوان الصهيوني النازي الوحشي على المدنيين في غزة لأكثر من مائة يوم قتلا وهدما وتدميرا وحصارا ومنع كهرباء وماء وطعام ومأوى؛ عجز هذه المنظمة وكل مؤسساتها عن حماية الأبرياء ووقف العدوان رغم القرارات المؤيدة لذلك فكان العجز عالميا.

فهل من الممكن إنشاء نظام دولي أكثر عدلا واستقرارا؟!

نحن أمام دولة مارقة تعتبر نفسها فوق كل القوانين والقرارات الدولية تشعر بحالة من التدليل، وتتباهى بحالة من الاستعلاء المبني على القوة اعتمادا على الدعم الأمريكي الغربي والضعف العربي الإسلامي

هل يمكن التفاؤل بدعوى دولة جنوب أفريقيا ضد جرائم الكيان الصهيوني في غزة والضفة أمام محكمة العدل الدولية؟

رغم قوة البراهين وضعف المبررات الصهيونية فقد أعلن الكيان الصهيوني أنه لن يلتزم بأي قرار يوقف الحرب التي يدعي أنه يدافع بها عن نفسه، حتى لو كان من محكمة دولية في محاكمات يراها كل العالم.

الوضع خطير، فنحن أمام دولة مارقة تعتبر نفسها فوق كل القوانين والقرارات الدولية تشعر بحالة من التدليل، وتتباهى بحالة من الاستعلاء المبني على القوة اعتمادا على الدعم الأمريكي الغربي والضعف العربي الإسلامي.

فهل آن الأوان لتغيير هذه المعادلة التي أثبتت عملية طوفان الأقصى أنها ممكنة وحقيقية وواقعية وليست مستحيلة؟

وهل يمكن أن تكون الدروس المستفادة من طوفان الأقصى علامات طريق للأمة بكل مكوناتها لاستعادة إرادتها ومقدراتها للبدء في إحداث هذه التغييرات الضرورية؟
التعليقات (0)