صحافة دولية

NYT: مواليد غزة خلال الحرب سيعانون آثارا صحية ونفسية مزمنة

فلسطينية تجلس بين ركام منزلها مع رضيعتها في غزة- جيتي
فلسطينية تجلس بين ركام منزلها مع رضيعتها في غزة- جيتي
استعرضت صحيفة نيويورك تايمز، الظروف المأساوية التي يعاني منها الأطفال والأمهات في قطاع غزة، بسبب القصف والضغوط النفسية الكبيرة، ونقص الرعاية الصحية، فضلا عن انعدام الأمان، وهو ما سيؤثر على نموهم وتطورهم.

وقالت الصحيفة في تقرير ترجمته "عربي21" إن آية خريس طبيبة أسنان حامل تبلغ من العمر 26 عاما وزوجة طبيب وأم لطفلة تبلغ من العمر عامين وتعيش في مدينة غزة، فقدت الاتصال بالأطباء والخدمات الصحية التي تحتاجها لرعاية ما قبل الولادة وإدارة مرض السكري بعد وقت قصير من بدء العدوان على القطاع.

واضطرت هي وعائلتها إلى مغادرة المنزل والتنقل خمس مرات هربا من القصف المستمر، وأحيانا كانوا يقطعون عدة أميال سيرا على الأقدام، وفي أوائل كانون الأول/ديسمبر، كانت الدكتورة آية الحامل في الأسبوع 32 تنام على مرتبة رقيقة مباشرة على الأرض، وتتقاسم منزلا مع زوجة أخيها و74 شخصا من 11 عائلة، مع افتقارهم إلى الماء والغذاء الكافي والأدوية والكهرباء وأدوات النظافة الأساسية.

اظهار أخبار متعلقة



وأوضحت الصحيفة أنها لم تحصل على رعاية ما قبل الولادة ولا الفيتامينات، ولم تكتسب أي وزن خلال الشهرين الماضيين، وأبلغها طبيب ولادة خاص في 10 كانون الأول/ديسمبر أن لديها كمية زائدة من السائل الأمنيوسي، وتحتاج إلى عملية قيصرية فورية، ووجدت مستشفى خاصا سيتم افتتاحه في 16 كانون الثاني/يناير، وستبلغ التكلفة التقديرية 4000 دولار، وقد فقدت الأسرة كل مدخراتها وكذلك منزلها تحت القصف، وليس لديها ملابس أطفال أو حفاظات أو حليب صناعي، ولا يوجد مكان مناسب للتعافي بعد الولادة.

وأكدت الصحيفة أن قصة الدكتورة آية خريس هي قصة ما يقرب من 50,000 امرأة حامل في غزة، وجميعهن يعانين من انعدام المأوى، ونقص التغذية، والمياه الملوثة والمالحة، وصعوبة الحصول على رعاية ما قبل الولادة وبعدها ورعاية الأطفال، والأدوية والمعدات التي أرسلتها وكالات الأمم المتحدة غير كافية لتلبية احتياجات السكان؛ مع شيوع النقص الشديد في أدوية الألم والمضادات الحيوية وأدوية النوبات والسكري.

ووفقا لمنظمة الصحة العالمية، يواجه 15 بالمئة من بين أكثر من 180 امرأة تلد يوميا مضاعفات، دون أن يتمكن من الحصول على خدمات الطوارئ المناسبة، وفي الوقت نفسه، يلوح في الأفق خطر الإصابة أو الموت بسبب التفجيرات والعدوان، ناهيك عن الصدمات العاطفية التي لا يمكن تصورها.

وأضافت الصحيفة أنه إذا تمكنت هؤلاء الأمهات وأطفالهن من النجاة من الحرب، فسوف يصارعون آثارها لبقية حياتهم؛ حيث تكشف الأبحاث الصحية في عدة مناطق تأثرت بالنزاع المسلح أن هذه النوع من الحالات مرتبطة بزيادة في حالات الإجهاض، والتشوهات الخلقية، والولادة المبكرة، ووفيات الأمهات، وتظهر دراسات أخرى عن النزاع المسلح من عام 1945 إلى عام 2017 أن الأطفال المعرضين للحرب أكثر عرضة للمعاناة من سوء الظروف المعيشية والفقر الناجم عن فقدان البنية التحتية التعليمية والاقتصادية.

وأشارت الصحيفة إلى أن حياة النساء الحوامل في غزة قبل الحرب كانت صعبة للغاية؛ حيث يتم رعايتهن من قبل أطباء وقابلات مثقلين بالعمل مع إمدادات لا يمكن الاعتماد عليها من الكهرباء والأكسجين، وعلى الرغم من الجهود التي تبذلها وزارة الصحة في غزة ووكالة غوث وتشغيل اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، فإن ممارسات التوليد تميل إلى أن تكون مزيجا من العالم المتقدم والعالم النامي.

وقالت إنه نادرا ما يسمح للأطباء بمغادرة غزة لتحديث مهاراتهم، كما تفرض السلطات الإسرائيلية قيودا على أنواع الأدوية والمعدات المسموح بدخولها، ومعدلات وفيات الرضع أعلى بنحو سبعة أضعاف مما هي عليه في مناطق الاحتلال، كما أن النزيف والعدوى وأمراض الانصمام الخثاري وارتفاع ضغط الدم الناجم عن الحمل والولادة المتعسرة وإنهاء الحمل غير الآمن تعد من الأسباب الرئيسية لوفيات الأمهات، وهي مضاعفات يمكن السيطرة عليها إلى حد كبير في العالم المتقدم.

اظهار أخبار متعلقة



وأفادت الصحيفة بأن هذه المخاطر تفاقمت خلال الحرب مع تدهور المستشفيات والخدمات الصحية؛ حيث تلد بعض النساء في السيارات والشوارع والملاجئ المكتظة، في وقت تتزايد فيه الأمراض المعدية مثل أمراض الجهاز التنفسي والتهاب الكبد الوبائي والتهاب السحايا، وأبلغت بعض المستشفيات، بما في ذلك مركز النصر الطبي ومستشفى كمال عدوان، عن وقوع إصابات مباشرة في أقسام الأطفال حديثي الولادة والأمومة، ما أدى إلى وفاة عدد من الأطفال والأمهات.

وهناك تقارير عن نساء خضعن لعمليات قيصرية دون تخدير، وأخريات خرجن من المستشفى بعد ثلاث ساعات من الولادة، ويمكن أن تؤثر صدمة الحرب أيضا بشكل مباشر على الأطفال حديثي الولادة، فقد أنجبت الأمهات اللاتي تعرضن لصدمات الحرب خلال صراع عام 2014 في غزة أطفالا عانوا من نمو حسي حركي ومعرفي وعاطفي سلبي.

وتابعت بأنه من المرجح أن تؤدي ندرة الغذاء وسوء التغذية في غزة نتيجة للهجوم الحالي إلى مضاعفات أخرى، فوفقا لليونيسف، تواجه النساء الحوامل اللاتي يعانين من سوء التغذية والتغذية خطرا متزايدا للإصابة بتسمم الحمل والنزيف وفقر الدم والوفاة، كما يمكن حدوث حالات ولادة لأجنة ميتين، وقد يتأثر الأطفال بانخفاض الوزن عند الولادة والهزال وتأخر النمو.

وشددت الصحيفة على أن الدكتورة آية خريس ومعها ما يقدر بنحو 50,000 امرأة حامل في غزة في أمس الحاجة إلى إنهاء القتال حتى يتمكنّ من الولادة بأمان، لكنهم أيضا في أمس الحاجة إلى وضع حد للدمار الذي يؤثر على كل جيل ولد ونشأ هناك.
التعليقات (0)