سياسة عربية

من "انتفاضة الحجارة" إلى "طوفان الأقصى".. نضال فلسطيني لا يتوقف نحو الحرية

من مخيم جباليا في غزة انطلقت انتفاضة الحجارة
من مخيم جباليا في غزة انطلقت انتفاضة الحجارة
أحيا الفلسطينيون الجمعة الثامن من كانون الأول/ ديسمبر الذكرى السادسة والثلاثين لانتفاضة الحجارة في ظل عملية "طوفان الأقصى" التي فجرتها كتائب عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة حماس، في غزة، وهي ذات المكان الذي انطلقت منه شرارة انتفاضة الحجارة قبل 36 عاما.

كانت انتفاضة الحجارة أول حراك شعبي فلسطيني واسع داخل الأراضي المحتلة ضد الاحتلال الإسرائيلي، وذلك بعد 20 عاما من نكسة حزيران التي أدت إلى احتلال الضفة الغربية والقدس وقطاع غزة بالإضافة إلى شبه جزيرة سيناء المصرية والجولان السوري.

جاءت الانتفاضة في ظل ركون الاحتلال إلى إنجازاته على الصعيد السياسي خصوصا إخراج مصر من معادلة الصراع من خلال اتفاقية كامب ديفيد عام 1978، وإنجاز عسكري تمثل في إخراج منظمة التحرير ومقاتليها من بيروت عام 1982. في مثل هذه الظروف انفجرت الانتفاضة في وجه الاحتلال لتأكد أن الشعب الفلسطيني لا يمكن أن ينسى حقوقه المسلوبة.

من مخيم جباليا في غزة انطلقت انتفاضة الحجارة، عقب استشهاد أربعة عمال على حاجز بيت حانون "إيريز" الاحتلالي في السابع من كانون الأول/ ديسمبر عام 1987، بعد أن أقدم مستوطن على دعسهم بشاحنته.

في صباح اليوم التالي، عم الغضب مخيم جباليا، وانطلقت المظاهرات العفوية الغاضبة، التي تحولت إلى مواجهات عنيفة مع قوات الاحتلال، أدت إلى استشهاد الشاب حاتم السيسي، ليكون أول شهيد في الانتفاضة.

اظهار أخبار متعلقة


متدحرجة من مخيم جباليا، إلى مخيم بلاطة، ونابلس، سرت الانتفاضة، فاستشهد في 10 كانون أول/ دسمبر 1987، الطفل إبراهيم العكليك (17 عاما)، ولحقته في اليوم التالي الشابة سهيلة الكعبي (19 عاما)، والطفل علي مساعد (12 عاما) من مخيم بلاطة، ثم قامت الانتفاضة.

تردد صدى الانتفاضة وفعلها المقاوم يومياً في كافة وسائل الإعلام العالمية، وباتت اللغات الأجنبية تتبنى اسمها العربي الفلسطيني بدون ترجمات.

استمرت الانتفاضة التي شاركت فيها جميع فئات الشعب الفلسطيني وفصائله السياسية خمس سنوات، حيث انتهت رسميا عقب توقيع اتفاقية أوسلو عام 1993.

واستنادا إلى معطيات مركز المعلومات الوطني الفلسطيني فإن 1550 فلسطينيا استشهدوا خلال الانتفاضة التي خفت جذوتها مع بدء المسار السياسي وتوقيع اتفاق أوسلو في سبتمبر/ أيلول 1993، كما أنه اعتقل نحو 100 ألف.

وتشير معطيات مؤسسة الجريح الفلسطيني إلى أن عدد جرحى الانتفاضة يزيد على الـ70 ألف جريح، عانى نحو 40 بالمئة منهم من إعاقات دائمة، و65 بالمئة يعانون من شلل دماغي أو نصفي أو علوي أو شلل في أحد الأطراف، بما في ذلك بتر أو قطع أطراف هامة.

Image1_122023962810631693747.jpg

وكشفت إحصائية أعدتها مؤسسة التضامن الدولي، أن 40 فلسطينيا استشهدوا خلال الانتفاضة داخل السجون ومراكز الاعتقال الإسرائيلية، بعد أن استخدم المحققون معهم أساليب التنكيل والتعذيب لانتزاع الاعترافات.

وتشير معطيات منظمة بتسيلم الحقوقية الإسرائيلية إلى هدم وإغلاق 741 منزلا فلسطينيا عقوبة ضد نشطاء الانتفاضة، إضافة إلى نحو 1800 منزل هدمت بحجة البناء دون ترخيص.

وأشارت "بتسيلم" إلى تعذيب عشرات آلاف الفلسطينيين خلال اعتقالهم، ومقتل 383 مستوطنا وجنديا إسرائيليا.

وترى الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين أن الأسباب الحقيقية للانتفاضة تمثلت في رفض الشعب الفلسطيني للاحتلال والاستيطان ورفضه لإجراءات ضم القدس، وللإجراءات القمعية من قتل وإبعاد وزج الآلاف من أبناء وبنات الشعب الفلسطيني في المعتقلات ولإجراءات التضييق الاقتصادي، وبالتالي وصول التناقض والصراع مع العدو في تلك الفترة إلى ذروته "نقطة التأزيم"، يضاف إلى ذلك أن الشعب الفلسطيني في الداخل وقواه الوطنية سعت إلى تخليص منظمة التحرير من مأزقها بعد خروج فصائلها من بيروت، إثر العدوان الصهيوني على لبنان عام 1982 .

اظهار أخبار متعلقة


وكان من أسباب ديمومتها لمدة خمس سنوات، وفق بيان للجبهة الشعبية، تشكيل قيادة موحدة لها من فصائل منظمة التحرير الفلسطينية ومن شخصيات وطنية لبرمجة فعالياتها الكفاحية، من مظاهرات وإضرابات وعصيان مدني، وأيام غضب تخللها إلقاء الحجارة وقنابل المولوتوف على جنود العدو وقطعان المستوطنين، وتوحد الشعب الفلسطيني حول نهجها وأهدافها، إذ انخرط فيها أبناء التشعب الفلسطيني من مختلف فئاته الاجتماعية وتميزت بشموليتها الجغرافية والديمغرافية والطبقية.

وبرغم ما حققته الانتفاضة من إنجازات إلا أنه لم يتم تثميرها سياسياً باتجاه تحقيق الأهداف التي انطلقت من أجلها، "بل غدر بها وبالتضحيات الهائلة التي قدمتها، من خلال طرح مبادرات ومشاريع لا تمت بصلة للانتفاضة وأهدافها"، بحسب الجبهة الشعبية.

"لقد كانت انتفاضة الحجارة محطّة مهمّة في تاريخ شعبنا النضالي المستمر"، هكذا استهلت حركة حماس بيانها في الذكرى السادسة والثلاثين لانتفاضة الحجارة، وهو ذات تاريخ الإعلان عن تأسيس الحركة ذاتها.

وتضيف: "انطلقت شرارتها من أرض غزَّة العزَّة وامتد لهيبها في كل ساحات الوطن، واستطاعت بفعلها المقاوم إعادة قضيتنا الوطنية إلى حضورها عربياً وإسلامياً ودولياً".

وترى الحركة أن ذكرى الانتفاضة تأتي في ظل "معركة طوفان الأقصى المتواصلة، من تلك الأرض الرّاسخة بأهلها، صبراً وصموداً، وبرجال المقاومة، قوَّة وبسالة وإثخاناً في العدو، لتجدّد جذوة هذه الانتفاضة، وتكمّل مسيرتها المباركة، في الوقت الذي خطط فيه الأعداء لطمس معالم قضيتنا الوطنية وتغييب حقوقنا المشروعة والاستفراد بقدسنا وأقصانا".

وبحسب حركة حماس فإن معركة "طوفان الأقصى" استمرار طبيعي لانتفاضات الشعب الفلسطيني "لمواجهة عدوان الاحتلال النازي، وإحباط كل مخططاته الاستيطانية والتهويدية".

لم تكن الانتفاضة مجرد فعل مقاوم على الأرض، بل باتتت ثقافة تجذرت في الوعي الفلسطيني وانعكست على جميع مجالات حياته السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية والفنية.

التعليقات (0)