يظهر اسم
محمد دحلان، المسؤول الأمني السابق في قطاع
غزة، كخيار مطروح لما بعد الحرب التي يشنها
الاحتلال الإسرائيلي على القطاع، وأحد أهدافه القضاء على حركة حماس. ويقول دحلان إن
عدم وجود استراتيجية واضحة لإقامة الدولة الفلسطينية وإنهاء الاحتلال يجعلان من الصعب
عليه وعلى غيره إدارة غزة المدمرة.
وفي مقابلة أجرتها
معه وكالة "رويترز" في إمارة أبوظبي، يقطع القيادي السابق في السلطة الفلسطينية
محمد دحلان سعيه إلى أي منصب، ويقول: "أنا لا أبحث عن أي منصب، ولم يعد لي أي صلة
بأي عمل حكومي، لكنني سأستمر في دعم الشعب الفلسطيني، والوقوف بجانب أهلنا، بما تيسّر
من علاقاتنا العربية. لا أريد أي مكانة أو موقع في المستقبل، لكني أيضا لن أتوقف عن
أداء واجبي، وهذا واضح لا لبس فيه".
اظهار أخبار متعلقة
ويعزو دحلان غياب
الرؤية لمستقبل غزة إلى غياب التصور عند كل من "إسرائيل" وأمريكا والمجتمع
الدولي لما بعد الحرب، إذ دخلت "إسرائيل" الحرب من دون رسم استراتيجية لما
بعد حرب غزة.
وقال: "دخلت
(إسرائيل) القطاع خليها تدبّر نفسها، هي قوة احتلال وسيتعامل معها الشعب الفلسطيني
على أنها قوة احتلال، ولن يجدوا من يأتي لأخذ هذا الهم وتحمّل المسؤولية، والذي يريد
الحرب فليتحمل مسؤولية نتائجها مش يدوّر (لا يفتش) على ضحايا ليعطيهم هذه المسؤولية".
ويشهد قطاع غزة
قصفا ودمارا لم يسبق لهما مثيل جراء العدوان الذي تشنه "إسرائيل" برا وبحرا
وجوا عليه منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر.
واستشهد حتى
الآن أكثر من 11 ألف فلسطيني غالبيتهم من النساء والأطفال في غزة منذ بدء العدوان
الإسرائيلي.
وحسب رأي دحلان، فإن "الحرب ستنتهي إلى خراب على كل الأطراف، ومن يدخل في غزة لا يعرف أن يخرج،
ما حدا عارف، ما حدا عنده ضمانات".
ولا يرى دحلان
نتائج عسكرية محققة للإسرائيلي على الأرض لغاية اليوم، فهو "ينتصر على الأبرياء
فقط، أطفال وشيوخ، مثلما يفعل الآن، وكأن الحرب المعلنة لإنجاز قتل المدنيين".
ويستخلص القيادي
الذي شغل مناصب أمنية بارزة في السلطة الفلسطينية وكان خصما بارزا لحماس في الداخل، بأن المشكلة ليست حماس، ويقول إن "الموضوع أشمل من ذلك، الموضوع ليس حماس في غزة
فقط"، متسائلا: "هل كانت حماس تشكل أزمة وحدها، أم أن المشكلة كانت أنه لا
يوجد حكومة إسرائيلية قابلة لفكرة السلام مع الشعب الفلسطيني؟"
وأضاف:
"طيب اليوم المشكلة حماس، غدا ماذا ستكون المشكلة؟ ولنفترض أن إسرائيل تخلصت من
حماس، هل تقبل بحل الدولتين، وتعطي دولة ذات مصداقية فلسطينية تعيش جنبا إلى جنب مع
إسرائيل؟ الجواب من وجهة نظري لا، فليثبتوا عكس ذلك".
وكان دحلان قد
اتخذ في السابق موقفا متشددا ضد حماس، ووصف انتصارهم في الانتخابات بأنه "كارثة"،
لكنه يقول اليوم: "أنا لست مناصرا لحماس، وبيني وبينهم كثير من الخلافات الجوهرية
والكبيرة، لكن أن تبرر لنفسك رفع شعار الديمقراطية وتعذب وتقتل الأطفال لأنهم انتخبوا
حماس زمان؟ هذا عار إسرائيلي".
ويعود دحلان إلى
وثائق عام 1948، ليؤكد عقيدة التهجير والنزوح لدى "إسرائيل"، ويقول:
"الوثائق التي يتم تسريبها، سواء من الاستخبارات أو من الأحزاب أو من وزير المالية، خلاصتها أنهم لا يريدون الشعب الفلسطيني في فلسطين، فكرة التهجير والتطهير العرقي وهذه
فكرة أيدلوجية قائمة لدى الصهيونية وفي وثائق منذ 48 حتى الآن، لا يستطيعون أن يعيشوا
من وجهة نظرهم في إسرائيل إلا إذا قتلوا كل الشعب الفلسطيني أو هجروه".
أما الشعب الفلسطيني، فيراه دحلان ثابتا ولا يريد النزوح: "ورغم كل القهر والاستغلال والأسلحة ...فالشعب
الفلسطيني ما زال بفقره وجوعه وبلا كهرباء وماء ودواء مثبتا في ركام بيوته".
اظهار أخبار متعلقة
ولا يعتقد القيادي
السابق أن فكرة التهجير ستكون قابلة للتطبيق والتنفيذ، سواء بالنزوح إلى سيناء أو الأردن، قائلا: "حتى لو نفذوها بقوة الدبابات، وحملوا كل مواطن فلسطيني على دبابة وطلعوه
على سينا هيلف (يدور) ويرجعلهم تاني من الجهة الأخرى، فنحن ليس لدينا وطن غير فلسطين،
جربوا كل أنواع التعذيب والقتل الجماعي، ما يجري اليوم في غزة هي حرب عالمية تقودها
الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي وإسرائيل على المواطنين في غزة، ولن يفلحوا
فيها".
ودحلان في بداية
الستينات من العمر، وهو قيادي تدرج في قيادة حركة فتح حتى أصبح عضوا في لجنتها المركزية
قبل أن يصطدم مع الرئيس محمود عباس. وعمد دحلان إلى تشكيل تيار جديد أطلق عليه اسم
(التيار الإصلاحي) للحركة، وانضم إليه بعض من حركة فتح، خصوصا من قطاع غزة.
وكانت حركة فتح
بقيادة الرئيس عباس تلاحق كل من تعتقد أنه انضم إلى حركة التيار الإصلاحي التابع لدحلان، وتتخذ إجراءات بحقه.
ومن خلال علاقاته
بدولة الإمارات العربية المتحدة والعمل كمستشار لديهم، أصبح دحلان يعمل في الضفة الغربية
من خلال دفع أموال وتحديدا في المخيمات الفلسطينية وفي القدس لإيجاد قاعدة له.
وينظر البعض إلى
دحلان على أن لديه طموحا بالعودة إلى الأراضي الفلسطينية، وأنه خليفة محتمل للرئيس عباس.
وفي التقييم الميداني
للوضع، يعتبر دحلان أنه ليس لدى "إسرائيل" أي إنجاز عسكري تعرضه على مجتمعها
"فالحرب العسكرية بدأت وانتهت في 7 أكتوبر بفضيحة". وقال: "ما بعد
7 أكتوبر هو عمل انتقامي من إسرائيل ومَن يدعمها، وكل ما يجري الآن وفي المستقبل القريب
لن يكون لصالحها، وسيشكل فضيحة أخلاقية لكل من دعم إسرائيل في هذا الغلط، وهذا الدعم
لإسرائيل بقتل المدنيين يورط الشعب الإسرائيلي والحكومة الإسرائيلية؛ لأنه لا يوجد مخرج
إلا السلام".
وعن مستقبل هذا
الصراع، يجزم دحلان بأن الفلسطينيين لا يطلبون معركة نهائية مع الاحتلال، لكن الحل هو
"أن ينخلع الاحتلال من الضفة وغزة والقدس الشرقية.. نحن شعب لن يتنازل مهما كلف
الأمر".
ويعوّل المسؤول
الفلسطيني السابق على الأجيال الفلسطينية القادمة في صنع الحلول، ويقول للإسرائيليين:
"إذا بدهم نصيحة ما يغلبوا حالهم (لا يتعبوا أنفسهم) مع الشعب الفلسطيني، يا إما
بيعطونا حل الدولتين، يا إما الجيل القادم لن يقبل بحل الدولتين، لأن هذا الجيل سيكون
هو الجيل الذي قُصف ودُمر وشُتت في الضفة وغزة".
اظهار أخبار متعلقة
وطالب دحلان الذي
يعد شخصية مثيرة للجدل، ويُنظر إليه على أنه متعدد العلاقات على مستوى دولي، "بوقف
الحرب ثم الحديث الجدي ولمرة واحدة لفكرة حل الدولتين، الذين ليدهم فكرة بأن تعميق
الاحتلال في غزة سيوجد الحل يكون واهما. والجيل الحالي في فلسطين إذا لم يجد أملا في
الاستقلال والحرية وحياة كريمة فسيكون أقسى بألف مرة مما شاهدناه، سيكون أشرس".
ويخلص دحلان في
تقييمه إلى أنه "إذا لم يعملوا على حل الدولتين خليهم يغرقوا في رمال غزة".