نشرت صحيفة "
لاكروا" الفرنسية تقريرا تحدثت فيه عن الوضع في
ليبيا، التي شهدت في وقت سابق من هذا الأسبوع أسوأ قتال بين الجماعات المسلحة منذ سنة، ولا تزال في حالة من الجمود السياسي بوجود حكومتين متنافستين، بينما تواصل المليشيات تأكيد هيمنتها.
وقالت الصحيفة، في هذا التقرير الذي ترجمته "عربي21"؛ إن الاشتباكات الأخيرة في
طرابلس التي خلّفت 55 قتيلا و146 جريحا، اندلعت على خلفية اعتقال العقيد محمود حمزة قائد اللواء 444 يوم الاثنين 14 آب/ أغسطس من قبل قوة الردع الخاصة. وقد تواصلت أعمال العنف بين الفرقتين المسلّحتين في الضواحي الشرقية والجنوبية لطرابلس مع إطلاق نار كثيف من الجانبين، فيما يعتبر أعنف وأكثر الاشتباكات المسلحة دموية في ليبيا منذ سنة.
لاحقا، أعلن المجلس الاجتماعي لمنطقة سوق الجمعة -معقل قوة الردع الخاصة بضاحية طرابلس الجنوبية الشرقية-، أنه تم التوصل إلى اتفاق برعاية الحكومة في طرابلس لتسليم محمود حمزة إلى "جهة محايدة". وقد أطلِق سراحه مع تنفيذ وقف إطلاق النار وعودة الحركة الجوية.
إظهار أخبار متعلقة
وفي مقابلة له مع قناة "فرانس كيلتير"، قال جلال حرشاوي، المتخصص في الشأن الليبي في المعهد الملكي للخدمات المتحدة للدراسات الدفاعية والأمنية؛ إن هذه المعارك سببها رغبة المليشيات في السيطرة على المنطقة، لا سيما بالنظر إلى اقتراب فتح المطار الدولي الفعلي بعد عشر سنوات من إغلاقه جنوب طرابلس.
ويعتبر اللواء 444 التابع لوزارة الدفاع الليبية الجماعة المسلحة الأكثر انضباطا في غرب ليبيا، وهو يسيطر على الضاحية الجنوبية لطرابلس وكذلك مدينتي ترهونة وبني وليد؛ مما يسمح له بتأمين الطرق التي تربط العاصمة بجنوب البلاد. وأشار حرشاوي إلى أن اللواء 444 "كان سابقا وحدة ضمن قوة الردع الخاصة التي انفصل عنها قبل نحو ثلاث سنوات".
ويتلقّى أفراده تدريبهم في تركيا، ويحظون بـ "معدات ورواتب أفضل ومسؤوليات إقليمية أكبر".
وأشار حرشاوي إلى أن منافس اللواء 444 لا يقل عنه قوة، وهو قوة الردع الخاصة التي تسيطر على وسط العاصمة وشرقها، فضلا عن سجن ومطار معيتيقة المدني. وتقدم هذه القوة نفسها كهيئة أمنية مستقلة عن وزارتي الداخلية والدفاع وتولّت سلطات الشرطة في طرابلس. ولا يتردد أعضاؤها في اعتقال الجهاديين وتجار المخدرات والجماعات الإجرامية.
وفيما يتعلق بعملية الاستقرار السياسي للبلاد، أوضح حرشاوي أنه منذ سقوط النظام الدكتاتوري لمعمر القذافي في سنة 2011 مزقت الانقسامات ليبيا ببروز عدد لا يحصى من الجماعات المسلحة. وفي الوقت الحالي، تتنافس حكومتان على السلطة؛ هما حكومة الوحدة الوطنية في الغرب، وحكومة أخرى في الشرق.
وتدعم تركيا حكومة الوحدة الوطنية في الغرب، التي يقع مقرها في طرابلس. وفي شباط/ فبراير 2021، عُيّن رئيس وزرائها عبد الحميد
الدبيبة زعيما لحكومة انتقالية مؤقتة في إطار عملية السلام برعاية الأمم المتحدة، وكان من المنتظر بقاؤه في منصبه إلى حين تنظيم الانتخابات الرئاسية التي كان مقررا إجراؤها في 24 كانون الأول/ ديسمبر 2021، لكن تأجّلت الانتخابات باستمرار بسبب الطعون وخلافات النخب في السلطة والخصومات بين الجماعات المسلحة.
إظهار أخبار متعلقة
وإلى جانب هذه الحكومة المؤقتة، يوجد حكومة أخرى موازية في برقة شرق ليبيا، يقودها رئيس الوزراء أسامة حماد ويدعمها المشير خليفة
حفتر، زعيم الجيش الوطني الليبي. وهذه الحكومة التي لا تحظى باعتراف المجتمع الدولي مدعومة من مصر والإمارات العربية المتحدة وروسيا.
وأشارت الصحيفة إلى أن عبد الحميد الدبيبة أكّد في عدة مناسبات، أنه لن يسلّم السلطة إلّا لحكومة شرعيّة أفرزتها الانتخابات. لكن في غياب الانتخابات، لا تزال ليبيا غارقة في دائرة من العنف والفوضى، بينما تتمتع الحكومتان الحاليّتان بشرعية نسبية في بلد يخيّم عليه شبح الحرب الأهلية بشكل دائم.