اقتصاد دولي

"صدمة انكماشية" تضرب اقتصاد الصين للمرة الأولى منذ عامين.. ما تداعياتها؟

مؤشر أسعار المستهلكين بالصين انخفض 0.3 بالمئة على أساس سنوي في يوليو - الأناضول
مؤشر أسعار المستهلكين بالصين انخفض 0.3 بالمئة على أساس سنوي في يوليو - الأناضول
دخل قطاع المستهلكين في الصين، الأربعاء، مرحلة انكماش للأسعار هي الأولى منذ أكثر من سنتين، تحت وطأة استهلاك داخلي متباطئ يشكل عقبة بوجه الانتعاش لثاني أكبر اقتصاد في العالم.

وهبط مؤشر أسعار المنتجين للشهر العاشر على التوالي بتراجعه 4.4 بالمئة وهو ما تجاوز التوقعات بانخفاضه 4.1 بالمئة، بحسب وكالة رويترز.

وقال المكتب الوطني للإحصاء إن "مؤشر أسعار المستهلكين انخفض 0.3 بالمئة على أساس سنوي في تموز / يوليو"، مقارنة مع متوسط تقديرات بانخفاضه 0.4 بالمئة في استطلاع أجرته الوكالة. ويعد هذا الانخفاض الأول للمؤشر منذ شباط / فبراير 2021.

وقال جاري نج محلل أول الاقتصاد في ناتيكسيس لمنطقة آسيا والمحيط الهادي: بالنسبة للصين، يبدو الفارق بين قطاعي التصنيع والخدمات واضحا بشكل متزايد مما يعني أن الاقتصاد سينمو بوتيرتين مختلفتين في بقية عام 2023 خاصة مع تجدد مشكلة العقارات.

وأضاف: "كما يظهر ذلك أن تعافي الاقتصاد الصيني الأبطأ من المتوقع ليس قويا بما يكفي لتعويض ضعف الطلب العالمي ويرفع أسعار السلع الأولية"، بحسب وكالة فرانس برس.

اظهار أخبار متعلقة


ما هو الانكماش المالي؟

ويسجل انكماش الأسعار أو الانكماش المالي عند تراجع أسعار السلع والخدمات، وهو نقيض التضخم. وإن كان تراجع الأسعار يبدو من حيث المبدأ مفيدا للقدرة الشرائية، إلا أنه يشكل في الواقع خطرا على الاقتصاد ككل إذ يحمل المستهلكين على إرجاء مشترياتهم بدل الإنفاق، على أمل الاستفادة من تراجع إضافي في الأسعار.

ولتراجع الطلب تداعياته، حيث تضطر الشركات إلى خفض إنتاجها وتجميد عمليات التوظيف أو حتى تسريح موظفين، وتقر تخفيضات جديدة لتصريف مخزونها، ما يؤثر على مردوديتها مع بقاء تكاليفها بمستواها.

إلى ذلك، رأى المحلل كين تشونغ من مصرف ميزوهو الياباني أن "الانكماش المالي يعكس واقع تباطؤ الانتعاش في الصين وضرورة اعتماد خطة نهوض قوية لتحفيز طلب غير كاف".

ويُتوقع أن يسبب الانكماش ضغوطات على السلطات الصينية وضغطا على صانعي السياسة في الصين لتقديم التحفيز بالرغم من الإجراءات الحذرة التي اتخذتها، بحسب إلسا لينوس الرئيسة العالمية لاستراتيجية العملات الأجنبية في بنك الاستثمار "RBC Capital Markets".

في المقابل يرى دينغ شوانغ، كبير الاقتصاديين في الصين الكبرى وشمال آسيا في بنك ستاندرد تشارترد، أن الانكماش في الصين "يجب أن يساعد التضخم في الولايات المتحدة وأوروبا على الاعتدال". 

لكن الاقتصادي توم هوبكنز يرى أن البيانات كانت علامة واضحة على ضعف الاقتصاد الصيني، ما قد يثير مخاوف شركات واقتصادات الاتحاد الأوروبي التي كانت الصين شريكا تجاريا رئيسيا لها. مبينا أن "انتقال الصين إلى حالة انكماشية ينسجم مع الاتجاه السائد في معظم الدول الغربية، التي كانت تكافح مع مشكلة معاكسة للتضخم المرتفع".

وقللت السلطات في الصين من المخاوف بشأن الانكماش، حيث ذكر ليو غو تشيانغ نائب محافظ البنك المركزي الصيني، في وقت سابق، أنه لن تكون هناك مخاطر انكماش في الصين في النصف الثاني من العام، لكنه أشار إلى أن الاقتصاد يحتاج إلى وقت للعودة إلى طبيعته بعد الوباء، بحسب صحيفة "الغارديان" البريطانية.

وفي حديثه لوكالة فرانس برس، رأى الخبير الاقتصادي تشيوي تشان من شركة "بينبوينت أسيت ماناجمنت" أن الأرقام الاقتصادية الجديدة قد تضع الحكومة "تحت الضغط" وتحضها على مراجعة موقفها.

اظهار أخبار متعلقة


"صدمة انكماشية"

هذه "الصدمة الانكماشية" ينسبها الخبير الاقتصادي أندرو باتسون من مكتب غافيكال دراغونوميكس إلى أزمة القطاع العقاري، الذي لطالما "مثل ربع إجمالي الناتج المحلي في الصين"، على حدّ قوله.

وتضاربت الآراء حول الانكماش المالي، في حين يعتبره بعض الخبراء "حبل خلاص" لدعم النشاط الاقتصادي،  يرى المحلل تيم واترير من دار الوساطة في البورصة "كاي سي إم ترايد" أن "هذه الأرقام سيئة، لكن هل هي سيئة إلى حد يدفع بكين إلى اتخاذ تدابير جديدة على الفور؟".

وشهدت الصين فترة قصيرة من انكماش الأسعار في نهاية 2020 ومطلع 2021، نجم عن انهيار أسعار لحوم الخنزير، الأكثر استهلاكا في البلد. وتعود فترة انكماش الأسعار السابقة إلى 2009.

ويتصاعد القلق من أن تكون الصين بصدد مرحلة من التباطؤ الشديد في النمو الاقتصادي تشبه ما تسمى بفترة "العقود الضائعة" في اليابان التي شهدت ركودا في أسعار المستهلكين والأجور على مدى جيل كامل، وهو ما سيتناقض بشكل واضح مع التضخم السريع في باقي دول العالم.

والصين هي أول اقتصاد في مجموعة العشرين يسجل انخفاضا على أساس سنوي في أسعار المستهلكين منذ آخر مرة سجلت فيها اليابان قراءة سلبية لمؤشر أسعار المستهلكين العام في أغسطس/ آب 2021.
التعليقات (0)