قالت
منظمة العفو الدولية وشبكة أنسم للحقوق الرقمية في
العراق الثلاثاء، إن الحكومة أعادت طرح مشروعي قانونين على مجلس النواب، يقيدان بشدة،
حرية التعبير والتجمع السلمي للشعب العراقي.
وبحسب تقرير مشترك للمنظمة والشبكة، فإن طرح القانونيين يتزامن مع سلسلة من الملاحقات القضائية التي تستهدف الأشخاص الذين ينتقدون الشخصيات الحكومية، إلى جانب حملة تقودها وزارة الداخلية لقمع ما تسميه “المحتوى الهابط” عبر الإنترنت.
اظهار أخبار متعلقة
من جانبها قالت بيسان فقيه، مسؤولة حملات إقليمية معنية بالعراق واليمن في منظمة العفو الدولية: “تكشف محاولة السلطات العراقية الأخيرة لقمع حرية التعبير عن تجاهلها الصارخ للتضحيات الاستثنائية التي قدمها العراقيون خلال انتفاضة 2019 لضمان حرياتهم. يجب على الحكومة العراقية أن تسحب فورًا مشروعَي القانونَيْن القمعيَّيْن هذين، وينبغي على مجلس النواب ألا يمرر أي قوانين من شأنها تقييد حقوق العراقيين الإنسانية بدون مبرر".
وتابعت: "من حق الشعب العراقي أن ينتقد قادته والرموز الدينية، وأن يحتج سلميًا بدون خوف من التعرض للسجن ودفع غرامات باهظة. فهذه الحقوق مهمة جدًا في وقت يسعى فيه الشعب العراقي إلى محاسبة المسؤولين الحكوميين على مزاعم الفساد الممنهج وانتهاكات حقوق الإنسان".
اظهار أخبار متعلقة
ورأت العفو الدولية أنه بموجب مشروع القانون المقترح بشأن الجرائم المعلوماتية، فقد يواجه أولئك الذين ينشرون محتوى عبر الإنترنت، يُعتبر أنه يمسّ بـ“مصالح البلاد الاقتصادية أو السياسية أو العسكرية أو الأمنية العليا” مبهمة التعريف، عقوبة تصل إلى السجن مدى الحياة، ودفع غرامة تصل إلى 50 مليون دينار عراقي (حوالي 38,000 دولار أمريكي).
وخلال اجتماعات أجريت مع منظمة العفو الدولية في بغداد في أيار/ مايو الماضي، أعرب المدافعون عن حقوق الإنسان والنشطاء عن قلقهم من أن مشروعَي القانونَيْن سيمكّنان السلطات من قمع المعارضة السلمية بشكل أشد، حيث تثير الإصلاحات المقترحة قلقًا عميقًا بسبب الموجة الأخيرة من الملاحقات القضائية المتعلقة بحرية التعبير، بحسب تقرير العفو الدولية.
وأوردت المنظمة محاكمة الصحفي حيدر الحمداني استنادًا إلى دعوى تشهير جنائية رفعها ضده محافظ البصرة، الذي اتهمه الحمداني بالفساد في فيديو نشر في صحفته على "فيسبوك" حيث يتابعه أكثر من مليون متابع، كمثال على محاولات التضييق على حرية التعبير في العراق.
ونقلت المنظمة عن أحد الكوميديين العراقيين، كان قد حوكم أمام محكمة عراقية خلال حملة “المحتوى الهابط”، قوله: “لم أعد قادرًا على السخرية من أي حزب أو من الدولة أو من أي شخصية عامة… أو من حالة الطرق، أو المياه أو المدارس أو الجسور. لماذا؟ لأن كل شيء يخص الأحزاب السياسية".
اظهار أخبار متعلقة
وفي أيار/ مايو الماضي، أجرى مجلس النواب قراءته الثانية للقانون المقترح بشأن حرية التعبير والتجمع السلمي، وتتم حاليًا مناقشة التعديلات على مشروعَي القانونَيْن من جانب المشرعين في إطار خاص، وليس من الواضح ما إذا كان سيُتاح للشعب العراقي الاطلاع على الصيغة الأخيرة لمشروعي القانونين الخطيرين قبل التصويت المحتمل عليهما، وفق المنظمة.
وقال حيدر حمزوز، المدير التنفيذي لشبكة أنسم: “من غير المقبول أن نعاني في العراق اليوم من نقص في الوصول إلى المعلومات حول مشاريع القوانين قيد النظر من قبل مجلس النواب. فالوصول إلى المعلومات حق من حقوق الإنسان الأساسية، وهو أحد العوامل الأساسية لسيادة القانون، من أجل تمكين المواطنين من المشاركة الفعالة في الحياة السياسية ومكافحة الفساد”.
ووفق تقرير العفو الدولية، "فإن مشروع القانون يسمح للسلطات بحظر التجمعات العامة، ما لم يتم الحصول على إذن مسبق من السلطات قبل خمسة أيام على الأقل، ولا يذكر المعايير التي ستطبقها السلطات العراقية في الموافقة على الاحتجاجات أو حظرها، ما يمنحها في الواقع سلطة حظر جميع الاحتجاجات".
وأكدت، أن المتظاهرين في العراق يواجهون القمع على أيدي الأجهزة الأمنية، ويزداد هذا الخطر في أي وقت تعتبر فيه السلطات الاحتجاج غير مصرح به، لأنها تلجأ دائما إلى استخدام القوة لفض مثل هذه الاحتجاجات. وقد سبق أن وثقت منظمة العفو الدولية كيف قتل نحو 600 متظاهر وأصيب آلاف آخرون، خلال الاحتجاجات المعارضة للحكومة التي عمت أنحاء البلاد في 2019، بعد أن لجأت قوات الأمن إلى استخدام القوة المميتة.
واختتمت بيسان فقيه قائلة: “في نيسان/ أبريل 2023، أعادت الحكومة العراقية تأكيد وعدها لمنظمة العفو الدولية بأن تتكفل الحريات العامة، ومع ذلك فإن أفعالها في مجلس النواب لا تتماشى مع هذا التأكيد”.
ولاقت خطوة الحكومة العراقية غضبا واسعا على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث اعتبر مغردون أن الحكومة تحاول قدر استطاعتها إسكات الأصوات المعارضة.
في المقابل نقلت وسائل إعلام عراقية عن رئيس مجلس القضاء الأعلى فائق زيدان قوله: "ندعم حرية التعبير عن الرأي وتمكين وسائل الإعلام المختلفة من أداء مهامها بحرية في سبيل نقل الحقيقة وتشخيص السلبيات".
وفي شباط/ فبراير الماضي نددت اليونسكو بمشروع قانون حرية التعبير في العراق ومحاولات التصويت عليه في البرلمان، مشيرة إلى أنه "مخالف للدستور العراقي ولا يتماشى مع المعايير الدولية لحرية الرأي".
وقوبل قانون حرية التعبير في العراق بموجة رفض واعتراضات واسعة حالت دون تمريره في مجلس النواب منذ سنوات، إذ يتضمن فقرات وصفت بأنها تقيد حريات التعبير وتفرض عقوبات وغرامات مالية كبيرة قد تستغل سياسيا.