سياسة عربية

كيف يمكن اكتشاف الصور المعدلة بواسطة برنامج ذكاء اصطناعي؟

تتيح بعض برمجيات الذكاء الاصطناعي توليد صور بمجرد إدخال بعض الكلمات المفتاحية- صورة ذكاء اصطناعي
تتيح بعض برمجيات الذكاء الاصطناعي توليد صور بمجرد إدخال بعض الكلمات المفتاحية- صورة ذكاء اصطناعي
شهدت تقنيات الذكاء الاصطناعي تطوّرات مبهرة جعلت الصور التي تنتجها تبدو شديدة الواقعيّة ولاقت رواجاً واسعاً على مواقع التواصل الاجتماعي، ما أثار تساؤلات حول سبل كشفها.

صحيحٌ أنه حتى اليوم ما من أداة يمكن أن تجزم ما إذا كانت الصورة وليدة برنامج ذكاء اصطناعيّ، إلا أنّه يمكن الاستناد إلى عناصر عدّة قد تُشير إلى استخدام هذه التقنيّة، بحسب ما أفاد به خبراء استطلعت آراءهم وكالة فرانس برس بين 21 و23 آذار/ مارس 2023.

تتيح بعض برمجيات الذكاء الاصطناعي، مثل "دال-إي" و"ميدجورني" و"ستايبل ديفيوجن" و"كرايون"، توليد صور بمجرّد إدخال بعض الكلمات المفتاحية باللغة الإنكليزيّة، وذلك باستخدام قواعد بيانات ضخمة تعزّزها أيضاً طلبات المستخدمين.

لكن كيف يمكن أن نميّز هذه الصور؟ بعض مستخدمي مواقع التواصل يلجأون إلى تطبيقات الذكاء الاصطناعيّ لإنشاء أعمالٍ فنيّة أو صورٍ على سبيل الفكاهة، لكنّ آخرين يستخدمون هذه الأدوات لإنتاج صورٍ مرتبطة بأحداثٍ سياسيّة.

من بين هذه الصور الرائجة عبر مواقع التواصل الاجتماعي واحدة تعود للقاء الرئيس الصيني شي جينبينغ بنظيره الروسيّ فلاديمير بوتين في 20 آذار/ مارس 2023، ومجموعة أخرى لمشاهد متخيّلة تُظهر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يجمع النفايات.

اظهار أخبار متعلقة


غالباً ما يعمد صانعو هذه الصور للإشارة إلى أنّها نتاج برامج ذكاء اصطناعيّ، لكنّها سرعان ما تنتشر خارج سياقها ويصدّق البعض أنّها حقيقيّة.

هناك أدوات عدّة لكشف حقيقة هذه الصور وأخرى قيد التطوير، إلا أنّ النتائج التي تقدّمها ليست حاسمة، وقد تعطي نتائج غير دقيقة، بحسب تجارب قام بها صحافيو فرانس برس.

ويشرح ديفيد فيشينغر المهندس المتخصّص في الذكاء الاصطناعيّ في جامعة فيينا للتكنولوجيا لفرانس برس أنّ عمل الذكاء الاصطناعي لا يقوم على مجرّد اقتطاع أجزاء من صورٍ لإعادة تركيبها إذ إنه "يلجأ إلى ملايين بل مليارات الصور لاستخراج بيانات منها، ثمّ يعيد استخدامها لتوليد صورة جديدة تماماً".

بدوره يوضح لفرانس برس، فينسنت تيراسي، أحد مؤسسي شركة Draft&Goal الناشئة التي تطوّر أداة خاصة بالجامعات تكشف المحتوى المنتج عبر الذكاء الاصطناعي، أنّ برامج الذكاء الاصطناعي تخلط الصور المتاحة لها في قاعدة البيانات ثم تفكّكها لتعيد بناء مشهد جديد تماماً لا يمكن تتبّع العناصر المستخدمة في صناعته.

لهذه الأسباب فإنه لا يمكن لمنصّات كشف الذكاء الاصطناعي أن تصل إلى نتائج حاسمة في هذه المرحلة.

لكن ماذا عن البيانات الوصفيّة (Metadata) التي تُعتبر بطاقة تعريفيّة للصورة ويمكن أن تتضمّن معلومات عن أصلها؟

"للأسف لا يمكن الاعتماد على هذه البيانات لأنّها تُحذف مباشرة عند تحميل الصورة على مواقع التواصل"، بهذه العبارة تجيب الأستاذة في جامعة فريديريك-2 في نابولي والمتخصصة في الذكاء الاصطناعيّ أناليزا فيردوليفا على سؤال فرانس برس.

اظهار أخبار متعلقة


العودة إلى مصدر الصورة
بحسب الخبراء، أفضل طريقة لكشف حقيقة الصورة تكمن في العثور على مصدرها الأصليّ، فقد تكون منشورة على حساب مَن صنعها مرفقة بإشارة إلى أنّها نتاج برنامج ذكاء اصطناعيّ.

وهنا يمكن استخدام البحث العكسيّ عن الصور في مختلف محرّكات البحث للوصول إلى الصفحات التي نشرت الصورة.

لقد أتاحت هذه الطريقة الوصول إلى أصل الصور التي زعم ناشروها أنّها لتوقيف الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب.

فقد أرشد أحد الروابط إلى تغريدة نشرها إليوت هيغينز مؤسس موقع بيلينغات المتخصّص في التحقيقات المفتوحة المصدر في 20 آذار/ مارس 2023، يقول فيها إنّه صَنع هذه الصور باستخدام الإصدار الأخير لبرنامج "ميدجورني".

وفي حال لم يرشد البحث إلى مصدر الصورة، فإنه يمكن أن يساعد في الوصول إلى نسخة ذات جودة أفضل تتيح التدقيق في تفاصيلها بحثاً عن أدلّة.

إلى ذلك يمكن أن تقدّم محرّكات البحث لقطات شبيهة، ما يفتح المجال لمقارنة الصورة موضع الشكّ بصورٍ حقيقيّة من مصادر موثوقة.

على سبيل المثال، انتشرت صورة زعم ناشروها أنّها تُظهر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين راكعاً يقبّل يد نظيره الصينيّ خلال زيارته الأخيرة إلى موسكو، إلا أنّ الصحافيّ الإيطاليّ ديفيد بوينتي أشار في حسابه على موقع تويتر، إلى أنّ الصالة التي اجتمع فيها الرئيسان في الحقيقة مختلفة تماماً عن الخلفيّة الظاهرة في الصورة، ما يثير الشكوك حولها.

قد يساعد الاطّلاع على الوصف المرافق للصورة أو تعليقات المستخدمين في معرفة ما إن كانت مصنوعة باستخدام برنامج ذكاء اصطناعيّ وأي من هذه البرامج استُخدم، فبرنامج "دال-إي" يُشتهر بالتصاميم فائقة الواقعية، و"ميد جورني" باستخدام صور المشاهير.

اظهار أخبار متعلقة


ويُتيح برنامج "ميدجورني" البحث عن الصّور التي ينتجها ضمن قنواته باستخدام كلمات مفتاح.

وإن لم يكن متاحاً الوصول إلى أصل الصور، فعندها يمكن التركيز على تفاصيل داخلها.

البحث عن علامة مائية
تعمد بعض برامج الذكاء الاصطناعي على ترك علامة على الصور التي تنتجها كالشّريط الملّون الذي يظهر على الصور المنتجة من خلال برنامج "دال-إي"، أو علامة القلم الملّون التي يتركها برنامج "كرايون"، أو علامة محرّك "بينغ".

لكنّ هذه العلامات يمكن إزالتها بسهولة، بالإضافة إلى أنّ البرامج الأخرى لا تترك في الأصل علامات.

التدقيق في نقاط الصورة (pixels)
"عند الشكّ يجب التدقيق بنقاط الصورة (pixels) فهي تختلف بين الصورة الفوتوغرافيّة وتلك المولّدة باستخدام الذكاء الاصطناعي"، بحسب تينا نيكوكا المتخصّصة في معالجة الصور في مختبر الرياضيات في جامعة باريس-ساكلي لفرانس برس.

البحث عن تشوّهات
وعلى الرغم من التطوّرات التي شهدتها هذه البرمجيات، فإنّ الصور التي تنتجها لا تزال تشوبها عيوبٌ وتشوّهات. وتعدّ هذه الأخطاء السبيل الأفضل لكشف هذا النوع من الصور.

من جهتها تحذّر أناليزا فيردوليفا من أنّ برمجيات الذكاء الاصطناعي تتحسّن يوماً بعد يوم ويجب ألاّ نركن فقط إلى هذه الأخطاء التي تظهر حالياً.

كانت برمجيات الذكاء الاصطناعي، وإلى غاية آذار/ مارس 2023، تنتج صوراً تشوبها أخطاء وتشوّهات على مستوى اليدين كما يظهر في هذه الصور التي تبدو شديدة الواقعيّة باستثناء يد الشرطيّ الذي يرتدي قفازاً من ستة أصابع.

"من الصعوبات التي تواجهها حالياً برمجيات الذكاء الاصطناعي إظهار الانعكاسات بشكلٍ واقعيّ. لذلك يمكن للتدقيق في الظلال والمرايا وانعكاس الأشكال على المياه أن يشكّل دليلاً على أنّ الصورة مصدرها برنامج ذكاء اصطناعيّ"، يقول فينسنت تيراسي.

ويشير تيراسي إلى أنّ التدقيق بالعيون مفيد أيضاً في هذا الإطار، إذ إنّها تظهر انعكاساً قد تشوبه أخطاء، كما يمكن رصد اختلافٍ بالشكل أو بالحجم أو باللون بين العينين، ما يمكن أن يقدّم دليلاً إضافياً.

تشكّل النظّارات الشمسيّة تحدياً إضافياً لهذه البرمجيات، إذ تظهر أحياناً وكأنها ذائبة على وجه الأشخاص.

ويلفت الخبراء النظر إلى أنّ اعتماد برمجيات الذكاء الاصطناعي على مزج عناصر من صورٍ عدّة قد ينعكس على جودة الصورة، خصوصاً على مستوى الإضاءة.
التعليقات (0)