"حتمية التوتر" ماذا بين الجزائر وفرنسا؟

بعد الانفراجةِ الأخيرةِ في العلاقاتِ الجزائريةِ الفرنسية، عاد التوترُ ليخيمَ على الأجواءِ بين البلدين، بسببِ ما وصفتهُ الجزائرُ بـ"عمليةِ الإجلاءِ السرية" للناشطةِ والمعارضةِ أميرة بوراوي إلى فرنسا.

فهل تشعلُ قضيةُ الناشطةَ بوراوي الأزمةَ بين البلدينِ من جديد؟ ولماذا تتسمُ علاقةُ البلدينِ بالتوتر؟

بوادرُ أزمةٍ جديدة



فصلٌ جديدٌ من التوترِ تشهدهُ العلاقاتُ الجزائريةُ الفرنسية على خلفيةِ عمليةِ إجلاءٍ سريةٍ من قبلِ موظفين دبلوماسيينَ وقنصليين وأمنيينَ تابعينَ للدولةِ الفرنسية، والحديث هنا عن الجزائريةِ المعارضةِ أميرة بوراوي الذي يعتبرُ تواجدها على الترابِ الوطنيِّ "ضروريا" وفقَ القضاءِ الجزائري.

بوراوي كانت قد تمكنتٍ من الخروجِ إلى تونسَ بطريقةٍ غيرِ شرعية قبلَ أن يتمَّ إجلاؤها إلى فرنسا سرا، الأمرُ الذي دفعَ الجزائرَ لاستدعاء سفيرها لدى باريس للتشاورِ.

اظهار أخبار متعلقة

مراقبونَ أكدوا أنَّ قضيةَ بوراوي قد تدفعُ بعودة العلاقاتِ الجزائريةِ-الفرنسيةِ إلى نقطةِ الصفر، بعدَ أن شهدت تحسنا نسبيا خلالَ الأشهرِ الماضية وخاصةً بعدَ زيارةِ الرئيسِ الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى الجزائر 25 آب/ أغسطس 2022.

فمن تكونُ أميرةُ بوراوي؟


ناشطةٌ وطبيبةٌ تبلغُ من العمرِ 46 عاما كانت قد سجنت عامَ 2020 بتهمٍ عديدة، ليطلقَ سراحها في 2 تموز/ يوليو 2020، وهي تواجهُ حكما بالسجنِ لمدةِ عامينِ بتهمةِ "الإساءة" للإسلامِ بسببِ تعليقاتٍ أدلت بها في صفحتها على موقعِ فيسبوك.

هذهِ ليست المرةُ الأولى التي تتضرر فيها العلاقاتُ بينَ الجزائرِ وفرنسا، والحقيقةُ أنَّ العلاقةَ بين البلدينِ طالما اتسمت بالتوتر.

"تصريحاتٌ غيرُ مسؤولة"



"هل كانت هناكَ أمةٌ جزائريةٌ قبل الاستعمارِ الفرنسي؟"..

تاريخُ الجزائر "أعيدت كتابتهُ بالكامل" وهو "لا يستندُ إلى حقائق" إنما يتكئُ على "خطابٍ يرتكزُ على كراهيةِ فرنسا".

لا بدَّ أنَّ كثيرين يتذكرُون هذهِ التصريحاتِ المنسوبةِ للرئيسِ الفرنسيِّ ماكرون، التي اعتبرها الجزائريون مسيئةً لهم وعلى إثرها جرى استدعاء السفيرِ الجزائريِّ من باريس إلى جانبِ إغلاقِ المجالِ الجويِّ الجزائريِّ أمامَ الطائراتِ العسكريةِ الفرنسية.

اظهار أخبار متعلقة

ووفقَ بيانٍ رسميّ، فقد اعتبرت الجزائرُ هذه التصريحاتِ تمثل "مساسا غيرَ مقبولٍ بذاكرة 5 ملايينِ و630 ألف شهيدٍ ضحوا بأنفسهم عبرَ مقاومةِ شجاعةٍ ضد الاستعمارِ الفرنسي"، ليقرَّ الرئيسُ الفرنسيُّ فيما بعدُ بخطأ تصريحاتهِ في مقابلةٍ مع صحيفةِ لوبوان كوتيشن.

أزمة التأشيرات 2021


أزمةٌ أخرى نشبت بين البلدينِ وذلكَ على إثرِ القرارِ الفرنسي تخفيضَ عددِ التأشيراتِ الممنوحة لمواطني الجزائر والمغرب وتونس، الأمرُ الذي دفعَ الخارجيةَ الجزائريةَ لاستدعاءِ السفيرِ الفرنسيِّ لديها لإبلاغه باعتراضَ السلطاتِ على تقليصِ عدد التأشيراتِ الممنوحةِ للجزائريينَ سنويا إلى النصف.

السببُ الرئيسيُّ بحسبَ محللينَ للأزمةِ بينَ البلدين هو الرفضُ الفرنسيُّ "طلب الصفح" عن تاريخِ فرنسا الاستعماريِّ في الجزائر.

ويتم الالتفاف عاى الاعتذارَ بمبادراتٍ من أجلِ تحقيقِ المصالحةِ بينَ البلدين لعلَّ آخرها التقريرُ الذي أعدهُ المؤرخُ الفرنسيُّ بنجامان ستورا والذي حملَ توصياتٍ كـتشكيل لجنةِ "ذاكرةٍ وحقيقة" في فرنسا.

وفي المقابلِ تصرُّ الجزائرُ على اعتذارِ باريس عن الحقبةِ الممتدة لأكثرَ من 132 عاما لترميمِ العلاقاتِ بين البلدين.