رياضة دولية

تقرير يسلط الضوء على "ركلات الترجيح"

مزيد من الأخطاء يحدث عند مشاركة الحكام في تصحيح تمركز الكرة - botola / تويتر
مزيد من الأخطاء يحدث عند مشاركة الحكام في تصحيح تمركز الكرة - botola / تويتر
نشر موقع "بارسا إنوفيشن هوب" تقريرًا، تحدث فيه عن أثر العوامل النفسية على ركلات الترجيح، ودور المشاعر الجماعية في التأثير على ركل أو صد الكرة، وسلط الضوء على تقنيات التسديد المختلفة، وعلى النظريات والدراسات الأخرى حول ضربات الجزاء، ورأي العلم في ذلك.

وقال الموقع، في التقرير، الذي ترجمته "عربي 21"، إن حارس المرمى لا يستطيع التحكم في المكان الذي يسدد فيه اللاعب ركلته في المرمى، والعكس صحيح، حتى وإن تم استخدام بعض أساليب الخداع. وبالتالي فإن جمال ركلات الترجيح سيتمثل في أنه "لا أحد لديه سيطرة كاملة على ما يحدث في كرة القدم"، ومع ذلك فإن علوم الرياضة أقرب إلى دحض هذا الاستنتاج.

هل ركلات الترجيح مجرد حظ؟

وأوضح الموقع أنه في عام 2020، قامت دراسة أجرتها جامعة كولونيا بتحليل أكثر من ألف ركلة جزاء في 14 مسابقة مختلفة، ووجدوا أن الفريق الأضعف لديه فرصة 40 بالمئة للفوز بركلات الترجيح، وهي نسبة أعلى مما كانت عليه في الوقت الرسمي، وهذا هو السبب في وصف ركلات الترجيح كثيرًا بأنها مسألة حظ. تقليديًّا، لم تكن هناك طريقة للتنبؤ بالنتيجة. ومع ذلك، فقد تمت دراسة ركلات الترجيح على مدى ثلاثة عقود لمحاولة وضع بعض الأسس لكشف زيف الأسطورة القائلة إن نتائجها كانت مجرد حظ.

وأضاف الموقع أن لوت برانسن، من موقع "ساي سبورتس"، تعمق في البحث عن طرق للتنبؤ بنتائج ضربات الجزاء الترجيحية، ما يدل على وجود علاقة بين عدد التمريرات الجيدة للاعب خلال المباراة وفرصه في إحراز هدف في ركلات الترجيح. من جانبها،  قدمت الورقة الفائزة بقلم روي إبراهيم نظامًا تدريبيًا لحراس المرمى بناءً على تحليل العضلات المستخدمة في الكتل الأكثر تواتراً، وفيما يتعلق بركلات الترجيح، تمكن إبراهيم من جعل حراس المرمى يغطون 43 سنتيمترًا إضافيًّا في كل امتداد.

العامل النفسي لركلات الترجيح

وذكر الموقع أنه يمكن لعوامل مثل مهارات اللاعب أو علم وظائف الأعضاء أو الحظ أو الإرهاق الذي يمكن أن يتعرض له بعد ساعتين من اللعب، أن تلعب دورًا في نجاح أو فشل ضربات الجزاء، فلا أحد يعرف اتجاه حارس المرمى في حالة تصديه للكرة. ومع ذلك، هناك عامل أكثر أهمية بكثير:

العامل النفسي، وهو تحمل الإجهاد، حيث ثبت أن التعب يمكن أن يؤثر على التنسيق العصبي العضلي وأن التمرينات لفترة طويلة يمكن أن تغير الوظائف المعرفية التي قد تؤثر على ضربات الجزاء، لكن لا أحد من هذه القيود في تلك الحالة أكبر من التوتر. ومن خلال تحليل الإحصائيات، اكتشف جير جورديت، من المدرسة النرويجية لعلوم الرياضة، أنه في أهم المسابقات الكروية يكون هناك عدد أقل من ضربات الجزاء المسجلة. علاوة على ذلك، تقل فرص النجاح في كل تسديدة، وعندما تكون ركلة جزاء أكثر حسمًا من سبقتها، يكون هناك المزيد من التسديدات الضائعة. وكان استنتاجه أن القلق بسبب الأهمية الملحوظة في البطولة كان العامل الأكثر حسماً في ركلات الترجيح في البطولات الدولية.

وبحسب الموقع، عندما يكون هناك "خنق" للاعبين ووضعهم تحت ظروف الضغط، يحاول الرياضيون مراقبة الحركات التي تكون غريزية والتحكم فيها بوعي، ما يضر بجودة الحركة، وعندما يكون هناك اضطراب عاطفي مزعج للغاية، يميل الناس إلى التركيز على العواقب المباشرة، وليس على النتائج طويلة المدى لما يقومون به، وإذا كان القلق يسيطر على اللاعب، فمن المحتمل أن تكون أولويته هي إنهاء معاناته.

ولفت الموقع إلى أنه يمكن الكشف عن هذا التنظيم الذاتي في اتجاه نظر اللاعب عندما يبتعد عن نقطة الجزاء قبل الاستعداد، حيث يمكنه بدء مشيته للخلف مرة أخرى ليتحضر للتسديد بالنظر إلى عين الحارس مباشرة، وتجنب نظراته أو المشي وهو يدير ظهره له. في المقابل، من وجهة نظر حارس المرمى، وجدت مجموعة من الباحثين البريطانيين أن حراس المرمى قيموا ثقة اللاعبين من خلال مظهرهم، فإذا تجنبوا التواصل، فهم يفهمون أن الثقة في تسديدتهم كانت أقل، كما أن هناك طريقة أخرى لمعرفة ما إذا كان هناك نقص في الثقة، وهي وضع الكرة في منطقة الجزاء في أسرع وقت ممكن، حيث سيحاول اللاعب الذي يتحكم فيه القلق إنهاء العمل بأسرع ما يمكن للقضاء على المشاعر السلبية.

الضغط الناجم عن الصورة الذاتية

وأوضح الموقع أنه يترتب على الفشل خطر إتلاف الصورة التي يمتلكها اللاعبون عن أنفسهم، ما يؤدي إلى حالة من الذعر، وهناك العديد من العوامل الحاسمة في الضغط الناجم عن الصورة الذاتية. ففي الولايات المتحدة، تم تعريفه بأنه "اكتئاب السنة الثانية" في البيسبول، إنه انخفاض متكرر في الأداء بعد المواسم الناجحة.

وفي كرة القدم، عرّف جورديت أنظمة التجنب والتنظيم الذاتي للاعبين الذين حصلوا على جوائز مثل "أفضل لاعب في فيفا لهذا العام"، سواء كان الأمر يتعلق بالصورة الذاتية أو تصور تهديد وسائل التواصل الاجتماعي للسمعة، فإن البحث وجد أن اللاعبين الإنجليز غير القادرين على تجاوز ركلات الترجيح يظهرون أكبر قدر من وقت تجنب النظر، 57 بالمئة منهم يديرون ظهورهم لحارس المرمى عند الابتعاد عن منطقة الجزاء قبل الشوط الثاني.

المشاعر الجماعية

إلى جانب ما سبق، قال الموقع إن المشاعر أمر معدٍ، حيث تزيد العدوى العاطفية الإيجابية من مستوى الانتباه والإدراك والأداء لدى زملائك في الفريق، وبالتركيز على هذا الجانب في ركلات الترجيح، يمكننا دراسة ما إذا كانت المشاعر الإيجابية الجماعية مفيدة لتقليل تأثيرات القلق وتجنب فشل اللاعبين، وقد كانت النتيجة أنه عندما يكون اللاعب سعيدًا بالتسجيل، يشعر المنافس بالدونية ويشعر زملاؤه بالتفوق، وسيكون لهذا عواقب على ثقة الذين سيسددون بعده، حيث كان احتمال إهدار المنافس أكبر بمقدار 2.35 مرة بعد ركلة جزاء مع احتفال واضح، كما يمكن إيجاد العدوى العاطفية بين المباريات وحتى بين البطولات، فقد لوحظ أنه من الأرجح خسارة ركلات الترجيح إذا كان الفريق قد خسر ضربات الترجيح في السابق أيضًا، وسيكون سجل الفريق السلبي عاملًا مرهقًا آخر في حالة وجود اللاعبين الذين شاركوا في الفشل الأخير.

ولوحظ -بحسب الموقع- أيضًا أن مزيدًا من الأخطاء تحدث عند مشاركة الحكام في تصحيح تمركز الكرة في منطقة الجزاء، وفقًا لإحصائية تتوافق مع إحصائية أخرى في الدوري الأمريكي الوطني، والتي أظهرت أن عددًا أكبر من ركلات الترجيح تم تضييعها عندما سبقتها مهلة مستقطعة بخلاف تلك التي تكون في أثناء المباراة، وبهذا خلص بحث جورديت وإستر هارتمان وإينار سيغمودنستاد إلى أن "الحكام يمكن أن يلعبوا دورًا في نتيجة ركلات الترجيح".

تقنيات التسديد المختلفة

وذكر الموقع أنه تمت دراسة تقنيات تسديد اللاعبين من ناحية ما إذا كانوا يركزون على مكان ارتماء حارس المرمى، أو يسددون الكرة في مكان تم اختياره مسبقًا بغض النظر عن اتجاه الحارس، وبعد تحليل جميع ركلات الترجيح في بطولات اتحاد الكرة الأوروبي وكأس العالم بين سنتي 1982-2002، اكتشفوا أنه في 90 بالمئة من ركلات الترجيح يمكن بوضوح رؤية استخدام اللاعبين لإحدى هاتين الإستراتيجيتين، وقد أظهر الاتجاه العام أنه في ما بين 78-85 بالمئة من المرات لم يفكر اللاعب في حارس المرمى، وأظهرت الإحصائيات أن اللاعب الذي يميل إلى خداع حارس المرمى يتخذ خطوات أكثر وينظر إلى الحارس مرات أكثر، وإذا تم تنفيذ التسديدة دون أخذ حارس المرمى بعين الاعتبار، فستكون فترة الركض أقصر وأكثر حدة.

وأشار بحث أجرته جامعة إكستر إلى أنه عندما يسدد اللاعب هدفًا مباشرًا دون خداع، فإن الانحرافات التي يسببها الحارس، مثل تحريك أذرعهم أو الهتاف في المدرجات، يمكن أن تشتت التركيز المطلوب للتسجيل، وأظهرت دراسة نشرتها مجلة "سبورتس ساينس" أن مجرد وجود حارس المرمى يؤثر على دقة اللاعبين، كما ثبت أن وجود الحارس يجعل التسديدات تكون أكثر "تمركزًا".

وأضاف الموقع أن بعض الجوانب الأخرى قد تبدو واضحة، مثل أنه من بين المتخصصين الذين يسجلون 8 من أصل 10 ركلات جزاء، فإن الذين يلعبون بالقدم اليمنى يميلون إلى التسديد إلى المنطقة اليمنى من حارس المرمى، والذين يلعبون بالقدم اليسرى يسددون إلى اليسار، وكلاهما يفضل التسديد في المناطق المنخفضة من الهدف.

نظريات ودراسات أخرى حول ركلات الترجيح

وكشف الموقع عن أن رياضة الغولف هي الأكثر شبهًا بركلات الترجيح، حيث يذكر لاعبو الغولف أيضًا أن القلق هو العاطفة الرئيسية قبل التسديدات الحاسمة، لذلك يوصى الباحثون لاعبي كرة القدم باتباع بروتوكولات الغولف المعتادة لتخفيف التوتر، وحاولت دراسات أخرى كشف بعض المعتقدات الشائعة، فهناك اعتقاد سائد في ألمانيا بأن اللاعب الذي تمت عرقلته في المنطقة لا يسدد ركلة الجزاء أبدًا، لكن بحثًا نشرته مجلة "سبورتس ساينس" ينفي أي علاقة إحصائية ذات دلالة حول نجاح ركلة جزاء إذا سددها اللاعب الذي حصل عليها.

ووفق الموقع، فقد تمت دراسة سياق ركلات الترجيح، حيث وجد بحث أجراه ميكائيل جميل من جامعة سوفولك اختلافات كبيرة في كل دوري، ففي الدوري الإنجليزي الممتاز سجل التسديد بالجزء الداخلي للقدم المزيد من الأهداف، أما في ألمانيا، فقد حقق مشط القدم نجاحًا أكبر، وفي إيطاليا، حققت كلتا الطريقتين نسبة نجاح مماثلة.

ونوه الموقع إلى أن هناك بعض الدراسات التي تعمقت في التفاصيل الدقيقة مثل لون القميص، حيث أظهرت استطلاعات الرأي أن اللون الأحمر هو اللون الأكثر إثارة للرعب، كما أنه يرتبط ثقافيًّا بالهيمنة والقدرة، ووفقًا للمصمم أندريا برانزي، فإن أول ما ينظر إليه في الأشياء هويتها اللونية وليس شكلها ووظيفتها، وقد حللت دراسة لونين فقط، الأحمر والأبيض، واستنتجت أن الفرق التي حققت انتصارات أكثر في إنجلترا ارتدت اللون الأحمر، مثل ليفربول ومانشستر يونايتد، لكن بحثًا مشابهًا في الولايات المتحدة كشف أن الفرق التي ترتدي اللون الأسود يُنظر إليها على أنها أكثر عدوانية وإرهاقًا، وبهذا فإن اللون قد يعني ميزة طفيفة اعتمادًا على الرموز الثقافية لكل بلد.

واختتم الموقع التقرير بالقول إن حراس المرمى يميلون إلى الانتباه إلى تفاصيل أخرى لتخمين اتجاه التسديدة، حيث ثبت أن حراس المرمى الكبار ينظرون إلى جذع المهاجمين والوركين والساقين الداعمة أكثر من حراس المرمى الصغار، وهذا يثبت أن حراس المرمى ينشئون تنبؤات لأنماط سلوك المهاجمين، وهذا هو التناقض الأكبر لركلات الترجيح، فكلما زادت الدراسات والقدرة على التنبؤ، زادت صعوبة التنبؤ، لأن علم الرياضة يطور الجهتين على التوازي: المهاجمين وحراس المرمى.
الموقع: بارسا انوفيشن هاب
الكاتب: ألفارو غونزاليس
رابط التقرير:
https://barcainnovationhub.com/the-anatomy-of-a-penalty/
التعليقات (0)