سياسة عربية

مع جلسة صندوق النقد لأجل مصر.. ما السيناريوهات التي ينتظرها المصريون؟

صندوق النقد الدولي بصدد منح مصر قرضا بقيمة 3 مليارات دولار- جيتي
صندوق النقد الدولي بصدد منح مصر قرضا بقيمة 3 مليارات دولار- جيتي

أيام تفصل مصر عن قرار صندوق النقد الدولي المحتمل في 16 كانون الأول/ ديسمبر الجاري، بمنحها قرضا بقيمة 3 مليارات دولار، هي في أمس الحاجة إليه لكسب ثقة المؤسسات المالية الدولية الأخرى المقرضة، وحل بعض أزماتها المالية والاقتصادية.

 

ويرى مراقبون أن قرض صندوق النقد الجديد رغم قلة قيمته المالية وعدم كفايته لحل أزمات البلاد التمويلية وسداد التزاماتها الدولية وخدمة ديون خارجية وصلت 172.1 مليار دولار وفقا لتوقعات الصندوق في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، إلا أنه يسهل الحصول على قروض أخرى بقيم مالية ولمدد زمنية أكبر.

 

لكن، السيناريوهات المحتملة التي يرصدها مراقبون مؤلمة ومخيفة وتشير لاحتمالات إفلاس للدولة، وتنبؤ بواقع اقتصادي ومالي واجتماعي وسياسي أصعب مما يعيشه المصريون بكثير، وجميعها أوضاع على خطورتها تسبق الذكرى الـ12 لثورة يناير 2011، ما يشير لاحتمال وقوع حالة غضب شعبي ضد النظام.

 

اظهار أخبار متعلقة


"تطمين حكومي"

 

ووسط حالة من الضبابية والصمت الحكومي، خرج رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي الأربعاء، ببيان نشرته وكالة الأنباء الرسمية، ينفي فيه الادعاءات بشأن تعرض مصر للإفلاس بسبب ارتفاع حجم الديون وتضاعف فاتورة خدمة الدين.

 

وفي الرد على تساؤلات الرأي العام المثارة بشأن أداء اقتصاد مصر، أرجع الأمر للأزمات الاقتصادية العالمية والحرب الروسية الأوكرانية، وأكد أن الحكومة تحاول تنشيط الأداء الاقتصادي ودفع نمو الاقتصاد وتوفير فرص العمل المنتج وتعزيز الاستثمارات.

 

"أقرب السيناريوهات"

 

وعن السيناريوهات المحتملة قبل وبعد منح صندوق النقد قرض المليارات الثلاثة لمصر، قال الخبير الاقتصادي الدكتور عبدالنبي عبدالمطلب، إن "مصر تستهدف مساندة صندوق النقد الدولي، من خلال رعايته لبرنامج الإصلاح الاقتصادي".

 

وفي حديثه لـ"عربي21"، يعتقد أن "أقرب السيناريوهات ستكون قيام مصر بتخفيض جديد في قيمة الجنيه خلال الأيام القليلة القادمة".

 

وتوقع أن "يقفز التخفيض المحتمل للعملة المحلية على الأسعار المتداولة فى سوق الصرف حاليا"، مضيفا: "لذلك قد يتخطى سعر الدولار حاجز الـ34 جنيها مقابل الدولار".

 

اظهار أخبار متعلقة


وفي رؤيته لأقل تلك السيناريوهات وقعا على المصريين، يرى عبدالمطلب، أنه "حتى يتم تقليل أثر سيناريو تخفيض قيمة الجنيه على المواطن المصري أعتقد أن الحكومة مطالبة باتخاذ إجراءات من شأنها تساعد الطبقات الفقيرة على زيادة دخلها".

 

هذه الإجراءات وفق المسؤول المصري السابق، تتلخص في ثلاثة إجراءات أولها: "توفير عدد إضافي من السلع المدعومة على البطاقات التموينية".

 

وثانيا: "تيسير حصول المشروعات متناهية الصغر على التمويل المطلوب لإقامة مشروع، مع إعطاء فترة سماح عام قبل تحصيل الأقساط".

 

و"زيادة المرتبات والأجور وما في حكمهما بنسبة تساهم في تغطية زيادة النفقات التي نتجت عن سيناريو تخفيض قيمة الجنيه المصري"، كثالث الإجراءات التي يطالب بها الخبير المصري.

 

اظهار أخبار متعلقة


ويعتقد أنه يمكن الخروج من أزمة مستعرة قد تطيح بالبلاد، وأن "الحل الأمثل يستلزم زيادة التعاون بين مؤسسات الحكم ومؤسسات القطاع الخاص للوصول إلى آليات تضمن زيادة الإنتاج بإنشاء عدد أكبر من المصانع وتوفير مستلزمات الإنتاج للصناعة والزراعة".

 

وختم رؤيته بالقول: "كما أعتقد أن إيجاد استراتيجية علمية لتنشيط السياحة قد يساهم في تخفيف حدة الأزمة الحالية".

 

"رعب في الأسواق"

 

وتسود السوق المصرية مؤخرا مخاوف كبيرة تؤثر على تقييم الجنيه مقابل الدولار الذي يقترب بالبنك المركزي من 24.5 جنيه بينما تعدى الـ31 جنيها بالسوق السوداء، وكذلك تضرب تلك المخاوف سوق الذهب الذي وصل 1850 جنيها لعيار 21، وسط تفاقم أسعار جميع السلع والخامات وتوقف بعض المصانع.

 

في الشارع وعبر مواقع التواصل الاجتماعي يعرب التجار والمستوردون وأصحاب المصانع والشركات والمستهلكون أنهم في ترقب لما قد تصدره الحكومة المصرية من قرارات يتحسبون منها تعويما جديدا للعملة المحلية بطلب من صندوق النقد الدولي.

 

ويترقب ملايين الفقراء صدور قرارات حكومية أكثر صرامة وشدة مع طلب الصندوق رفع الدعم بشكل كامل عن الدعم في البلاد التي يعاني نحو 60 بالمئة من أهلها من الفقر والفقر المدقع.

 

اظهار أخبار متعلقة


إلا أن هناك أزمة من نوع خاص، يترقب الخبراء والمحللون كيف سيتم حلها، خاصة وأنها تمس الإمبراطورية الاقتصادية للمؤسسة العسكرية التي يطالب صندوق النقد الدولي بتقليصها وطرح شركاتها بالبورصة، ودعم القطاع الخاص في المقابل.

 

"هنا تكمن المشكلة"

 

وفي تعليقه، قال الأكاديمي والخبير الاقتصادي الدكتور علي عبدالعزيز: "رغم طول فترة مفاوضات مصر مع الصندوق (آذار/ مارس- تشرين الأول/ أكتوبر الماضيين)، تم التوافق على حزمة تمويلية بقيمة 9 مليارات دولار، 3 من الصندوق و5 من شركاء دوليين ومليار من برنامج الاستدامة التابع للصندوق".

 

وفي حديثه لـ"عربي21"، أضاف: "لكن في المقابل كان لابد من تحقيق شروط لازالت مصر تراوغ في تنفيذها حتى يوافق الصندوق على منحها أول شريحة بقيمة 750 مليون دولار خلال كانون الأول/ ديسمبر الجاري".

 

وتابع: "يشير إلى ذلك أن ملف مصر مقيد على موقع صندوق النقد ولم يعلن عن جدول أعمال تخصه رغم الإعلان عن مناقشة الملف 16 كانون الأول/ ديسمبر الجاري".

 

أستاذ الاقتصاد بجامعة الأزهر، أكد أنه "هنا تكمن المشكلة"، مبينا أن "الشروط التي لم تتحقق هي: أولا، التحرير الكامل لسعر الصرف، وهو ما يعني احتمال ارتفاع سعر الدولار لـ50 جنيها، أي انخفاض قيمة الجنيه من 4 سنتات إلى سِنتين اثنين".

 

اظهار أخبار متعلقة


وأوضح أن "الشرط الثاني هو إلغاء شرط الاعتماد المستندي لتمويل طلبات الاستيراد؛ وهو ما سيرفع الطلب بشدة على الدولار".

 

عبدالعزيز، أشار إلى أن "الشرط الثالث، هو وقف تمويل المشروعات قليلة العائد؛ وأهمها العاصمة الإدارية، وبالأخص تلك التي تكلف الدولة بالدولار".

 

ولفت إلى أن "الشرط الرابع هو تخارج الجيش والحكومة من بعض القطاعات الاستثمارية وإعادة هيكلة كاملة لدعم القطاع الخاص".

 

وأكد الخبير المصري، أن "ما قامت به الحكومة المصرية من تلك الشروط فقط وقبل أيام هو إلغاء مبادرات البنك المركزي الخاصة بالفائدة المنخفضة فقط".

 

ويرى أن هناك "سيناريو وحيدا الآن لا يوجد غيره أمام النظام؛ إما تحرير كامل لسعر الصرف والوفاء باحتياجات السوق الدولارية، وتنفيذ باقي الشروط؛ وإما ستكون هناك مشاكل في الحصول على القرض".

 

اظهار أخبار متعلقة


ويعتقد أن "النظام سينفذ أكبر قدر منها، وفي المقابل سيعاني الشعب أشد المعاناة، من ارتفاع معدلات التضخم الذي قد يقترب من 100 بالمئة لشعب يعاني من الأساس بسبب وقف الاستيراد ونقص الدولار وتبعات الأزمات الدولية كفيروس (كورونا) وحرب أوكرانيا".

 

عبدالعزيز ختم بالقول: "ما يمكن الإشارة إليه الآن أنه لا يمكن حل هذه الأزمات والسيسي في الحكم؛ فهو من تسبب فيها بل هو جزء كبير منها".

 

"فقر وتضخم"

 

الباحث والكاتب ونائب رئيس حزب التحالف الشعبي الاشتراكي إلهامي الميرغني، عبًر في حديثه لـ"عربي21"، عن مخاوفه وخاصة في ظل "زيادة خطر الديون على مصر الآن، موضحا أن أكثر من نصف الموازنة يذهب لسداد فوائد وأقساط الديون".

 

وأكد أن هذا "يقلص الانفاق على باقي بنود المصروفات في الموازنة العامة للدولة، وله تأثير خطير على ارتفاع نسب الفقر ومعدلات التضخم"، محذرا من أن أي "تخفيض في قيمة الجنيه يؤثر على استيراد المواد الغذائية ومستلزمات الإنتاج".

 

ولفت إلى أزمات مستمرة لم تنتهي ومتوقع تفاقمها، مشيرا إلى أزمات "عدم توفير الذرة والأعلاف لمزارع الدواجن، وتأثير ذلك على المصريين وارتفاع أسعار الدواجن والبيض"، معربا عن مخاوفه الشديدة من القادم على المصريين.

 

اظهار أخبار متعلقة


"منحنى خطير"

 

السيناريوهات الصعبة التي ينتظرها المصريون مثار جدل عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وعبر عنها الناشط تامر شيرين شوقي، بقوله إن تطبيق شروط صندوق النقد ومنها "تحرير سعر الصرف يُفقد المصريين ما تبقى من قيمة عملتهم".

 

وعبر صفحته بـ"فيسبوك"، أضاف أنه "يهبط بمستوى الفرد اجتماعيا وماديا 75 بالمئة من وضعه الحالي"، مبينا أنه "إذا اقترن تحرير الصرف مع رفع الدعم فسيدمر ما تبقى من الطبقة المتوسطة ويحولهم إلى فقراء فعلا، ويحول الفقراء إلى معدمين".

 

وطالب الناشط أحمد مختار، الحكومة المصرية بتوضيح حقيقة الأوضاع، مشيرا لحالة من الهلع في الأسواق خاصة مع تفاقم سعر الدولار مقابل الجنيه بالسوق السوداء وبالبنوك، والارتفاع التاريخي في سعر الذهب، مشيرا إلى أن هذا مؤشر كارثي.

 

وحذر عبر صفحته بـ"فيسبوك"، من "وجود ندرة في بعض المنتجات والسلع في بعض القطاعات بسبب أزمة الاستيراد والإفراج عن البضائع في الموانئ"، لافتا لحالة الترقب الشديدة لتخفيض العملة المحتمل، مطالبا بإجراءات حماية اجتماعية كافية.

 

اظهار أخبار متعلقة


وأشار إلى أن الأعباء التي تنوي الدولة فرضها وخاصة عبر قوانين "ترخيص المحلات"، و"التصالح الجديد"، و"الفاتورة الإلكترونية"، تأتي في توقيت صعب فيه ركود وزيادة معدلات البطالة.

التعليقات (1)
ابوعمر
الخميس، 08-12-2022 08:37 ص
سيناريو الموت البطيئ على طريقة نفوق الحيوانات المسنة....