مقابلات

منظمة دولية لـ"عربي21": عمالة أطفال العراق تنسف براءتهم (فيديو)

قالت إن عمل الأطفال يهدد حياتهم- عربي21
قالت إن عمل الأطفال يهدد حياتهم- عربي21
قالت مديرة مكتب لجنة الإنقاذ الدولية في العراق (IRC)، سمر عبود، إن ما وصفتها بظاهرة عمالة الأطفال في العراق "تنسف براءة الأطفال، وتضع عبئا ثقيلا عليهم، وتعرض حياتهم للأذى والخطر".

ودعت، في مقابلة خاصة مع "عربي21"، المجتمع الدولي إلى الاهتمام بقضية عمالة الأطفال في العراق، ومواجهتها بكافة السبل المتاحة، لافتة إلى أهمية "العمل مع الحكومة العراقية لمعالجة الأسباب الجذرية التي لا تزال تؤدي إلى ممارسات عمالة الأطفال الخطيرة".

ورغم أن عبود رأت أن "العراق حقق إنجازات مهمة لحماية حقوق الأطفال بموجب القانون محليا، ووفق التزاماته القانونية الدولية"، لكنها أكدت أن "الواقع يختلف كثيرا بالنسبة للعديد من الأطفال في جميع أنحاء البلاد عما هو مأمول، ونحن ندعو الحكومة العراقية إلى زيادة ضمان تنفيذ قوانينها التي تحمي الأطفال من العمالة".

ويُعتبر عمل الأطفال مُخالفا لحقوق الطفل التي نص عليها إعلان جنيف لعام 1924، والإعلان الذي اعتمدته الجمعية العامة للأمم المتحدة، وقوانين العمل العراقية.

وقبل أيام، احتفل العالم بـ "يوم الطفل العالمي"، حيث يمثل تاريخ 20 تشرين الثاني/ نوفمبر من كل عام، اليوم الذي اعتمدت فيه الجمعية العامة إعلان حقوق الطفل عام 1959 واتفاقية حقوقه في عام 1989.

واقترحت الجمعية على الحكومات الاحتفال بذلك اليوم في التاريخ الذي تراه كل منها مناسبا، بوصفه يوما عالميا للتآخي والتفاهم بين أطفال العالم، وتعزيز الترابط الدولي وإذكاء الوعي بين أطفال العالم وتحسين رفاههم.

فيما اختارت الكثير من الدول الـ20 من تشرين الثاني/ نوفمبر للاحتفاء بهذه المناسبة التي بدأت منذ عام 1990.

وتاليا نص المقابلة الخاصة مع "عربي21":

ما الأسباب التي دفعت بعض العائلات العراقية إلى الاعتماد على عمالة الأطفال؟

تعمل لجنة الإنقاذ الدولية عبر مجتمعات محلية في محافظات كركوك، وصلاح الدين، والموصل، ونينوى، حيث تقدم الدعم والخدمات للأشخاص المتضررين من النزاع في العراق. لاحظنا بطء الانتعاش الاقتصادي في بعض المناطق مثل الموصل وغيرها. والعائلات باتت غير قادرة على الوصول إلى الدعم الذي تحتاجه لتغطية التكاليف الأساسية مثل التغذية والصحة والتربية. في بعض الحالات، تفتقر العائلات إلى الوثائق المدنية التي تسمح للأطفال بالعودة إلى المدارس؛ فبدون وثائق الهوية الأساسية، لا يمكن للأطفال التسجيل في المدرسة، وفي الحالات التي يحضرون فيها الفصول الدراسية دون تسجيل رسمي، لا يتم منحهم شهادات تسمح لهم بالانتقال عبر نظام الدرجات أو تمكنهم من تلقي النتائج الامتحانية.

في هذه الحالات، لا تتوفر للأسر الخيارات لتلبية احتياجاتها الأساسية سوى خيارهم الأخير الذي هو إرسال أطفالهم للعمل، وبالتالي يصبح الدخل الناتج عن عمل الأطفال ضرورة للأسر التي تكافح من أجل وضع الطعام على المائدة.

ما هي مخاطر ارتفاع معدلات عمالة الأطفال في العراق؟

ببساطة عمالة الأطفال تحرمهم من طفولتهم، وتنسف براءتهم، وتضع عبئا ثقيلا عليهم، وتعرض حياتهم للأذى والخطر. عندما يعمل الأطفال لا يمكنهم الذهاب إلى المدرسة، ويواجهون مخاطر جمّة آثارها طويلة المدى على صحتهم الجسدية والعقلية. في المسح الإحصائي الذي أجريناه، مؤخرا في شرق مدينة الموصل، 90% من مقدمي الرعاية أفادوا بوجود طفل أو أكثر منخرط في مجال العمل، بينما قال 85% من الأطفال إنهم لا يشعرون بالأمان في مكان العمل، ولا يعيشون طفولتهم البريئة، ولا يمارسون حقوقهم الأساسية، بينما يستحق جميع الأطفال أن ينعموا بطفولة طبيعية وآمنة.

العراق وقّع على اتفاقية حماية الطفل عام 1994.. إلى أي مدى يتم تطبيق هذه الاتفاقية اليوم على أرض الواقع؟ وهل القوانين المحلية كافية لحماية حقوق الأطفال؟

العراق حقق إنجازات مهمة لحماية حقوق الأطفال بموجب القانون محليا، ووفق التزاماته القانونية الدولية. ومع ذلك، يمكن تعزيز تنفيذ تلك المسؤوليات على جميع المستويات من بغداد إلى الحكومات المحلية من أجل حماية الأطفال بشكل أفضل من الأضرار مثل عمالة الأطفال أو غيرها، خاصة أن الواقع يختلف كثيرا عما هو مأمول بالنسبة للعديد من الأطفال العراقيين، ونحن ندعو الحكومة العراقية إلى زيادة ضمان تنفيذ قوانينها التي تحمي الأطفال من العمالة، وأن يتم التركيز بشكل خاص على تسجيل الأطفال الذين ظلوا بدون وثائق مدنية لأكثر من 5 أعوام منذ نهاية النزاع.

كيف تقيمون الإجراءات الحكومية لحل مشكلة عمالة الأطفال؟ وهل المسؤولية الكاملة تقع على عاتق الحكومة؟

تعمل لجنة الإنقاذ الدولية مع شركاء متعددين كالحكومة العراقية وقادة المجتمع وشركاء من المجتمع المدني لزيادة تنفيذ الحماية القانونية للأطفال. نحن نعلم أن حماية الأطفال لا تتعلق فقط بالقوانين والسياسات المحلية، بل هي أيضا في العقليات والمعتقدات. ولكل فرد دور يلعبه لتعزيز سلامة الأطفال ورفاهيتهم، وبالتالي فالمسؤولية مشتركة بين كل الأطراف والجهات المعنية.

وماذا عن الدور الذي تقوم به لجنة الإنقاذ الدولية وغيرها من المنظمات غير الحكومية الدولية لمواجهة هذه المعضلة؟

لجنة الإنقاذ الدولية تعمل على مستويات مختلفة لتقييم الأضرار التي تواجه الأطفال ودعم الحلول التي تمكنهم من عيش حياة آمنة وطبيعية. نحن نعمل مع الحكومات ومع المدارس ومقدمي الرعاية.

بالطبع هناك منظمات غير حكومية دولية تعمل أيضا على هذه القضية، ولكن المنظمات غير الحكومية المحلية ومنظمات المجتمع المدني لديها دور مهم للغاية تلعبه، لأنها تعرف أفضل ما يحدث في مجتمعاتها ومناطقها، فإن خبراتهم وتحليلاتهم لهذه القضية مهمة للغاية في أعمال الحماية.

ولجنة الإنقاذ الدولية تعمل في العراق منذ عام 2003، حيث قدمت مساعدات إنسانية ومساعدة للمجتمعات المتضررة من النزاع، ونعمل حاليا في جميع أنحاء العراق لتقديم تدخلات متعددة القطاعات لدعم النازحين داخليا والعائدين والمجتمعات المضيفة.

كما نقدم خدمات حماية الأطفال للأطفال الضعفاء ومقدمي الرعاية في محافظة نينوى -على سبيل المثال- مثل إدارة الحالات الفردية والدعم النفسي والاجتماعي، ودعم الالتحاق بالمدارس، والإحالات إلى برامج الأبوة والأمومة الإيجابية لمقدمي الرعاية.

وفي هذا الصدد، نشير إلى أن فريق حماية الأطفال والشباب في العراق، والتابع للجنة الإنقاذ الدولية، قدّم خلال العام الجاري فقط مجموعة من الخدمات إلى أكثر من 18 ألف شخص حتى الآن.

برأيكم، ما المطلوب من الجهات المحلية والدولية لمواجهة ظاهرة عمالة الأطفال في العراق؟

ترتبط قضية عمالة الأطفال بالعديد من العوامل بما في ذلك التعافي الاقتصادي البطيء، وخاصة ما بعد كوفيد-19 وما بعد الصراع، والعمليات البطيئة لتوثيق المدني ونقص الهياكل لدعم الأطفال في متابعة حياتهم الطبيعية والآمنة. يلعب جميع الفاعلين دورا مهما في تقوية الأنظمة لدعم الأطفال وحمايتهم ومساعدة العائلات في الخروج من المواقف التي تؤدي بها إلى اللجوء إلى عمالة الأطفال.

في لجنة الإنقاذ الدولية يربط نهج الحماية المتكامل الخاص بنا الأطفال وأسرهم بالدعم الاقتصادي، والدعم القانوني، والمساعدات والخدمات في علاج الصدمة من الممارسات الضارة مثل عمالة الأطفال.

ونحن ندعو المجتمع الدولي إلى الاهتمام بقضية عمالة الأطفال، وضرورة مواجهتها بكافة السبل المتاحة، وخاصة من خلال زيادة نطاق البرامج التي تستهدف وقف مشاكل تضرر الأطفال في العراق، وأيضا عبر العمل مع الحكومة العراقية لمعالجة الأسباب الجذرية التي لا تزال تؤدي إلى ممارسات عمالة الأطفال الخطيرة.

كيف تنظرون لمستقبل الأطفال في العراق في ظل الظروف الراهنة؟

يتمتع الأطفال بالمرونة. وتعمل لجنة الإنقاذ الدولية على تعزيز الطفولة الآمنة والصحية لأطفال العراق. لقد حدث تقدم بخصوص هذه القضية منذ النهاية المعلنة للصراع والنزاع منذ 5 سنوات، ولكن يمكن لجميع أصحاب المصلحة بذل المزيد من الجهد لضمان عدم تعرض الأطفال لأذى عمالة الأطفال وتمتعهم بالموارد التي يحتاجون إليها للنجاح في المدرسة والعيش بصحة جيدة وسعادة، ونأمل أن ينعم كل الأطفال بمستقبل أفضل وحياة طبيعية وآمنة دون أعباء أو مخاطر أو ظروف قاسية.



التعليقات (0)