هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
في عام 2004، قال السير أليكس فيرغسون: “دوري الأبطال حاليا أكبر من كأس العالم، جميع المواهب العالمية تلعب في أوروبا، وتوجد في الفريق نفسه”، وحينها أشار مدرب مانشستر يونايتد السابق إلى وجود زين الدين زيدان والظاهرة رونالدو ولويس فيغو في الفريق نفسه، كمثال على قوة الأندية مقارنة بقوة المنتخبات.
تصريح فيرغسون لم يكن الوحيد، فقد تلاه عدد كبير من الأسماء المهمة التي تغنت ببطولة دوري أبطال أوروبا وتفوقها على كأس العالم، ودائما يكون الدليل قوة المنافسة في الأدوار الإقصائية، وكثرة اللحظات المثيرة التي تتركها كل نسخة من البطولة الأهم في عالم الأندية.
ويبدو أن الاتحاد الدولي لكرة القدم نفسه بات مقتنعا بهذه الفكرة لدرجة كبيرة، فسارع لزيادة عدد الفرق المشاركة إلى 48 منتخبا في النسخ المقبلة، مغامرا بزيادة المباريات الضعيفة أو المحسومة، كما أنه وظف المدرب الفرنسي السابق آرسين فينغر للترويج الواسع لفكرة مونديال كل عامين، وهي أفكار تأتي لضمان أوسع قاعدة متابعة للمونديال من جهة، وبالتأكيد مزيد من الدخل من جهة أخرى.
لكن هل الفيفا على حق بهذه القناعة وشعوره بأن المونديال يتراجع؟!
سؤال سنعرف جوابه من خلال مونديال قطر الشتوي، الذي يعدّ أول مونديال تتوقف لأجله عجلة بطولات الدوري المحلية، وكذلك بطولات الأندية القارية، وهنا سيكون الاختبار الأكبر، فالناس ما زالت مشبعة بمعارك كروية محلية شاهدوها، فليس هناك فاصل صيفي لتجديد الشغف، كما أن بال مشجعي الأندية مشغول باستكمال الموسم، وليست مسألة انتقالات لاعبين صيفية كما جرت العادة، والعيون هذه المرة ستشاهد وهي تقارن بين أداء اللاعب في بلاده وأدائه قبل أيام مع ناديه.
هذا هو اختبار المكانة الحقيقي، فإن استطاع المونديال جعلنا ننسى أن هازارد لا يلعب في ريال مدريد، وتناولناه كلاعب بلجيكي يقود بلاده، وإن توقف الجدل بشأن مشاكل رونالدو مع تن هاغ ومن وصفهم بالخائنين له، وتابعناه من منظور برتغالي بحت، وإن استمتعنا بمواجهات لكبار تقليديين فيها، عندها نستطيع القول؛ إن كأس العالم كسب صراع المكانة بالتأكيد، وأنه ما زال يملك الشيء الكثير في قلوب الناس.
وهناك مقدمات تدفع عشاق الكرة الكلاسيكية المؤمنين بكأس العالم كمحور للعبة للتفاؤل بالانتصار في معركة المكانة هذه، ابتداء من الكلام شبه المؤكد بأن أفضل لاعب في العالم كريم بنزيمة تجنب المواجهات المحلية الأخيرة ليكون جاهزا للمونديال، وكذلك الحال بشأن مهاجم يوفنتوس فلاهوفيتش، وعدد كبير من اللاعبين الذين لم يلعبوا بنصف طاقتهم في آخر الجولات، وفي ذلك إشارة واضحة لإيمان فئة كبيرة من لاعبي النخبة بأهمية الوجود والمنافسة بكل قوة في مهرجان العالم الكروي.
كأس العالم يمتلك الكثير من المقومات التي تجعله ينتصر في هذه المواجهة، ابتداء من قيمته التاريخية بصفته البطولة التي قدمت لكرة القدم أساطير مثل بيليه ومارادونا، وبصفته البطولة التي كانت دوما سبب تطوير قوانين اللعبة، كاختراع البطاقات الصفراء والحمراء الذي ألهمته مباراة إنكلترا والأرجنتين في مونديال 1966، أو منع الحارس من لمس الكرة بيده عندما يعيدها له زميله بقدمه، وهو القانون الذي عجلت فيه سلبية الأداء بين مصر وإيرلندا.
ورغم تراجع القيم القومية ومفهوم التضحية الوطنية على مستوى العالم، لكن الرغبة بدخول التاريخ من أحد أبوابه كما فعل السابقون يبقى طموحا لأكبر نجوم اللعبة، فأساطير زماننا يتمنون محاكاة ما فعله مارادونا في مونديال 1986، ونجوم أفريقيا يحلمون بالسير على خطى الكاميرون والسنغال، والمؤمنون بمتعة اللعبة يطمحون ليتم وصفهم بخلفاء سحرة البرازيل 1982.
وليس الكلام هنا عن أن كأس العالم مازالت بطولة مهمة من عدمها، فهذا كلام غير منطقي؛ لأن المونديال سيبقى مهما ومفتاحا رئيسيا لتطوير اللعبة وتسويق مواهبها، لكن الكلام بأنه رغم امتلاك كأس العالم قدرة خارقة على حفر أسماء اللاعبين في التاريخ٫ لكنه يواجه تحديات أمام بعض بطولات الأندية لاحتلال المكانة الأعلى في قلوب المشجعين، منها أن الأندية أصبحت مصدر تمويل اللاعبين الحقيقي، فيحصلون على أجور عالية وكذلك عقود رعاية نتيجة انتمائهم للأندية وليس للمنتخبات، كما أن كثافة مباريات الأندية يجعلها تفوز بحصة كبيرة من اهتمام المشاهد، مانحة إياه فرصة المباريات المجنونة مرة كل أسبوع، بدلا من مرة كل 4 سنوات.