ما جدية التهديد الأمريكي لمعرقلي الحل السياسي في ليبيا؟

يطرح التهديد الأمريكي الأخير لمعرقلي الحل السياسي في ليبيا، أسئلة حول مدى جديته، وإمكانية أن يشكل ضغطا على الطبقة السياسية في البلاد، فضلا عن الأدوات والأوراق التي تُمسك بها واشنطن لتتمكن من دفع أطراف الأزمة الراهنة إلى الانخراط في حلول تفضي إلى إجراء الانتخابات التي تحظى بإجماع محلي ودولي.

وكان المبعوث الأمريكي الخاص إلى ليبيا السفير ريتشارد، أكد على الضرورة الملحة لاتخاذ خطوات ملموسة لإنشاء قاعدة دستورية تفضي إلى انتخابات "موثقة وشفافة" بما يتماشى مع تطلعات الشعب الليبي.

وناشد في تصريحات له، جميع القادة والمؤسسات الليبية استخدام نفوذهم للدفع نحو هذا الهدف، محذرا من أن الوضع الراهن لا يُمكن أن يستمر، مشيرا إلى أنّ الولايات المتحدة قد تعيد تقييم علاقاتها مع الجهات الفاعلة والمؤسسات التي تؤخر وتعرقل التقدم نحو الحلول السياسية.

 

— U.S. Embassy - Libya (@USEmbassyLibya) November 10, 2022

 

ويتزامن كلام نورلاند مع تصريحات أطلقتها المستشارة الأممية السابقة، ستيفاني ويليامز قالت فيها، إن الأوضاع في ليبيا تتطلب تدخلا من دول عديدة مثل الولايات المتحدة الأمريكية، مشيرة إلى أنه بدون الانتخابات ستكون في ليبيا شهية مستمرة للسلطة ‏التنفيذية المؤقتة، وهذا ما كان واضحًا خلال السنوات الست ‏الماضية.

فرض عقوبات

وأضافت" :على الولايات المتحدة أن تلعب دورًا في ليبيا، لكن ‏يجب أن يساعد الليبيون أنفسهم أولاً، وطالما ظل النفط هو المصدر الوحيد للإيرادات في ليبيا، ستظل كل ‏هذه الأطراف تتصارع طيلة الـ40 عامًا المقبلة".

ويرى الكاتب الصحفي، عبد الله الكبير أن التهديد الذي أطلقه نورلاند "جدي"، لكنه لا يشير إلى احتمال فرض عقوبات على المعرقلين.

ويشدد الكاتب في حديث خاص لـ"عربي21" على أن الأطراف المعنية سوف تخشى من احتمال فرض عقوبات أو الضغط عليهم بعد تورط بعضهم في انتهاكات وجرائم متنوعة، مؤكدا على أن أمريكا تملك وسائل ضغط يمكنها تفعيلها لإجبار المعرقلين على الرضوخ. 

 

اقرأ أيضا: مباحثات أمريكية-ليبية حول توحيد الجيش والانتخابات

ورغم أن الكبير يعتقد أن الملف الليبي لم يحظ بأولوية لدى الإدارة الأمريكية في السابق، لكنه يؤكد أن تطورات الحرب في أوكرانيا وما خلفته من أزمة في الطاقة دفع الإدارة الأمريكية إلى المزيد من الاهتمام بالملف الليبي.

الكاتب والمحلل السياسي، السنوسي بسيكري يقول إن "الولايات المتحدة لا تزال الأقدر على توجيه الأحداث في ليبيا والتأثير على اتجاه النزاع الراهن وتهيئة الظروف للاستقرار ولو نسبيا، والوقائع تشهد بذلك"، لكنه أشار في الوقت نفسه إلى أن "التجربة تؤكد أن العقوبات التي يقصدها نورلاند تلك التي لم تؤت ثمارا ولا يأبه لها الساسة الليبيون، فهي عقوبات محدودة كما أن الولايات المتحدة نفسها لم تلتزم بتنفيذها ". 

الاهتمام الأمريكي

وكتب بسيكري لـ"عربي21"، قائلا، "إن ليبيا ليست ضمن أولويات واشنطن، لكنها تأخذ موقفا يجعل حضورها جليا في بعض الأوقات، يرتفع مؤشره وينخفض مع سخونة الأحداث، ولقد شكل التدخل الروسي المباشر في ليبيا باعثا على اهتمام أمريكي متزايد تجاه الملف الليبي".

ويدلل بسيكري على كلامه بالإشارة إلى نفي ويليامز إمكانية إعادة التمثيل الدبلوماسي الأمريكي إلى العاصمة طرابلس، وأرجعت ذلك إلى الأهمية النسبية المتدنية لليبيا في أجندة السياسة الخارجية الأمريكية وعقبت بقولها إن ليبيا لم تكن أبدا ذات أولوية عالية، بل أنزلت إلى مرتبة ثانوية.

اقرأ أيضا: مخاض ليبيا السياسي مستمر.. وحفتر يلوح بالحرب

ويشدد على أن سياسة إسناد الملف الليبي إلى طرف آخر هي سياسة بحد ذاتها، وبأدوات متغيرة وتأثير له اتجاهات مختلفة تماما. ففي مرحلة سابقة، خاصة بعد وصول ترامب إلى البيت الأبيض، أُطلِق العنان لحلفاء أمريكا في الخليج، تحديدا الإمارات والسعودية، فكان لتورطهم في الملف الليبي نتائج كارثية منها الحرب على طرابلس وما خلفته من نتائج خطيرة، تتعدى دمار العمران وهلاك الإنسان.

 

ويقول: "عندما وضع الروس أقدامهم في ليبيا تراجع الدور والحضور الخليجي وتقدمت تركيا لتكون من بين أهم صانعي الأحداث في البلاد، وليتغير مسار الأحداث مائة وثمانين درجة عما كان عليه قبل التدخل التركي في الصراع، وهذا لا شك بإرادة وموافقة أمريكية".