هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
شكل القرار المفاجئ لأستراليا بإلغاء اعترافها بالقدس المحتلة عاصمة لـ"إسرائيل" انتكاسة سياسية ودبلوماسية لتل أبيب، حيث كانت الأخيرة تعتبرها "أكثر الدول الصديقة لها في جنوب شرق آسيا" مما وضع علامات استفهام حول عدم تنبؤ المحافل السياسية الإسرائيلية بمثل هذا القرار قبل وقت كاف.
لم يتردد الإسرائيليون في وصف الخطوة الأسترالية بأنها "خيانة كاملة لإسرائيل، وطعنة بالسكين في قلب الدولة اليهودية"، وتشكل إضرارا بشدة بالثقة بين ما كانا يعتبران حليفين تقليديين، بعد أربع سنوات من قرار الحكومة السابقة في 2018، الاعتراف بالقدس عاصمة لدولة الاحتلال، رغم تأكيدها أن المصير النهائي للمدينة سيتقرر في محادثات مباشرة بين الإسرائيليين والفلسطينيين، مما جعل الإسرائيليين ينظرون للحكومة السابقة في كانبرا على أنها وضعت معيارا ذهبيا لدعمهم.
أرسين أوستروفسكي الكاتب في صحيفة "إسرائيل اليوم"، سرد ما قال إنها "سلسلة سياسات أسترالية وقفت داعمة لإسرائيل في المحافل الدولية، أهمها تصويتها الدائم في الأمم المتحدة، وحقها بالدفاع عن النفس ضد الفلسطينيين، ومكافحة معاداة السامية، كما أن إسرائيل تمتعت نسبياً بدعم مستقر من الحزبين في أستراليا على مر السنين، ولم يكن حزب العمال الأسترالي بقيادة أنتوني ألبانيز يشبه نظيره البريطاني بقيادة جيريمي كوربين، ورغم توقع حصول تبريد تدريجي في مستوى الدعم، لكن ليس لهذه الدرجة".
وأضاف في مقال ترجمته "عربي21" أن "قرار أستراليا الأخير مخجل ومفجع، قادته وزيرة الخارجية بيني وونغ، ذات الطبيعة الخبيثة لأفعالها، وازدرائها للجالية اليهودية في أستراليا، وحليفتها إسرائيل، وهذه ليست الطريقة التي يتصرف بها الأصدقاء، لأنها في المقابل أعلنت مضاعفة مساهمتها للأونروا من 10 إلى 20 مليون دولار أسترالي سنويا.. ولعلنا قريبا سنرى كيف ستصوت أستراليا في الأمم المتحدة على مجموعة من القرارات المناهضة لإسرائيل".
اقرأ أيضا: خشية إسرائيلية من اعتراف أستراليا بالدولة الفلسطينية
إيهود يعاري المستشرق الإسرائيلي في "القناة 12"، استعرض ما قال إنها "سلسلة الأحداث التي أدت إلى قرار أستراليا بإلغاء الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، وتشكل خلفية لهذه الخطوة القادمة من ضغوط شديدة ومستمرة من الجناح اليساري لحزب العمال، الذي أهملت إسرائيل العلاقات معه لسنوات طويلة، ومن أعضاء البرلمان المستقلين وحزب الخضر، مع العلم أن حزب العمال اتخذ قرارا عندما كان في المعارضة للاعتراف بالدولة الفلسطينية، ولم يعرب رئيس الوزراء ألبانيز ووزيرة خارجيته وونغ عن أي تعاطف خاص مع إسرائيل، مما قد يدفعهما للاعتراف بهذه الدولة".
وأضاف في مقال ترجمته "عربي21" أن "الخطوة الأسترالية جاءت لاسترضاء اليسار، مع العلم أن اعتراف موريسون السابق بالقدس عاصمة للاحتلال قدّمه في خضم حملة انتخابية صاخبة في محاولة لجذب الأصوات اليهودية، لكنها لم تكن محاولة ناجحة، وبقيت محفورة في الوعي السياسي الأسترالي باعتبارها حيلة انتخابية، وتقليدا لتصرفات الرئيس دونالد ترامب في ذلك الوقت، ولذلك يجدر بنا أن نفهم أن حكومة حزب العمال قد تبقى في السلطة بضع سنوات أخرى، مما يستدعي من إسرائيل تصحيح ما أهملته لسنوات عديدة".
فيما يصب الإسرائيليون جام غضبهم على أستراليا بسبب قرارها المنحاز للفلسطينيين، لكنهم في الوقت ذاته يتهمون الدوائر الدبلوماسية لديهم بإهمال أحزاب المعارضة الأسترالية خلال سنوات طويلة من الصداقة مع الأحزاب اليمينية، والنتيجة أن أقوى المؤيدين للقضية الفلسطينية من كبار أعضاء حزب العمال أصبحوا في السلطة، مما يجعل دولة الاحتلال تدفع ثمن هذا الإهمال الآن، والخشية الإسرائيلية من الدخول في أزمة دائمة مع الحكومة الحالية في أستراليا تحت وقع رد الفعل الانفعالي.