كتاب عربي 21

بعد رحيل الشيخ القرضاوي: اتحاد علماء المسلمين ومشروع الوحدة

قاسم قصير
1300x600
1300x600
رحل العلامة الشيخ يوسف القرضاوي بعد أن عاش حوالي تسعين عاما ميلادية وحوالي المائة عام هجرية (9 أيلول/ سبتمبر 1926م- وحتى 26 أيلول/ سبتمبر 2022م)، أي ما يعادل قرنا هجريا كاملا تقريبا، وهو واكب التطورات والمتغيرات السياسية والفكرية والاجتماعية والعلمية طيلة هذا القرن، وترك لنا عشرات المؤلفات الفكرية والبحثية وآلاف الدراسات، وعشرات المؤسسات الفقهية والإعلامية والاجتماعية والسياسية والعلمية.

وقد أثار رحيله الكثير من ردود الفعل والمواقف، خصوصا أن مواقفه في السنوات العشر الأخيرة قد أثارت الكثير من النقاشات ولا سيما حول مواقفه من الثورات الشعبية العربية أو ما سمي الربيع العربي، وكذلك مواقفه النقدية لتجربته على صعيد الوحدة الإسلامية والتي كان له دور مهم في تعزيزها وتفعيلها عمليا ومن خلال الأبحاث والدراسات واقامة المؤسسات الوحدوية، ومن أهم تلك المؤسسات الاتحاد العالمي للعلماء المسلمين ومؤسسة القدس، إضافة إلى إشرافه على أحد أهم المواقع الالكترونية الإسلامية الوحدوية، وهو موقع إسلام أون لاين الذي خرّج العديد من الإعلاميين والباحثين الإسلاميين.

وكان للشيخ القرضاوي علاقات مميّزة مع كافة العلماء المسلمين من كافة المذاهب الإسلامية، وحرص أن يشارك في إطلاق الاتحاد العالمي للعلماء المسلمين عدد من العلماء الكبار من المذاهب الإسلامية وأن يكون لرئيسه عددا من النواب، ومنهم آية الله الشيخ محمد علي التسخيري من إيران ومفتي سلطنة عمان الشيخ الخليلي والعلامة الشيخ عبد الله بن بيه من موريتانيا. وشارك في إطلاق مؤسسة القدس في بيروت مع عدد من قيادات المقاومة في لبنان وفلسطين وقيادات إيرانية وشخصيات قومية وعربية من مختلف الاتجاهات، كما ساهم الشيخ القرضاوي مع علماء آخرين في دعم مشروع التقارب القومي- الإسلامي والمؤتمر القومي الإسلامي.
أثار رحيله الكثير من ردود الفعل والمواقف، خصوصا أن مواقفه في السنوات العشر الأخيرة قد أثارت الكثير من النقاشات ولا سيما حول مواقفه من الثورات الشعبية العربية أو ما سمي الربيع العربي، وكذلك مواقفه النقدية لتجربته على صعيد الوحدة الإسلامية والتي كان له دور مهم في تعزيزها وتفعيلها عمليا ومن خلال الأبحاث والدراسات واقامة المؤسسات الوحدوية

وخاض الشيخ القرضاوي حوارات ونقاشات مع علماء المسلمين، ولا سيما من علماء وفقهاء المذهب الإثني عشري (الشيعي) وقيادات إيرانية، وشارك في مؤتمرات مجمع التقريب بين المذاهب الإسلامية. ومن أهم الحوارات التي خاضها مع الرئيس الإيراني الراحل الشيخ هاشمي رفسنجاني عبر قناة الجزيرة، إضافة إلى علاقته المميزة مع المرجع الراحل السيد محمد حسين فضل الله والإمام الشيح محمد مهدي شمس الدين وقيادات إسلامية أخرى.

وتبنى الاتحاد العالمي للعلماء المسلمين والشيخ القرضاوي مشروع الوحدة الإسلامية، الذي هو امتداد لمشروع التقريب الذي بدأ في مصر بين قيادات إسلامية في بداية القرن العشرين واستمر لسنوات طويلة، ومن ثم جرى إحياؤه مجددا من خلال تجارب ومشاريع إسلامية متعددة، ولا سيما بعد انتصار الثورة الإسلامية في إيران عام 1979 وعبر مشروع المقاومة الإسلامية في لبنان وفلسطين، ومجمع التقريب بين المذاهب الإسلامية في إيران وتجمع العلماء المسلمين في لبنان ومؤتمرات فكرية وحدوية في الجزائر ولندن والعراق ومصر والسعودية ودول عربية وإسلامية أخرى.

وشكّل الميثاق الإسلامي الذي تبناه الاتحاد العالمي للعلماء المسلمين أحد أهم تجليات المشروع الإسلامي الوحدوي، سواء من خلال بنوده ونصوصه أو المشاريع العملية التي قام بها في العديد من الدول العربية والإسلامية.
هذه التطورات تركت انعكاسات سلبية على دور الاتحاد العالمي للعلماء المسلمين، كما تراجعت العلاقات المباشرة بين الشيخ القرضاوي وعلماء الشيعة، وانسحب بعض هؤلاء من عمل الاتحاد، رغم أنه خلال السنوات الأخيرة جرت عدة محاولات لإعادة ترتيب الأوضاع خلال حياة الشيخ القرضاوي

لكن للأسف فقد تعرض هذا المشروع الوحدوي الإسلامي الذي تبناه الاتحاد العالمي والشيخ القرضاوي إلى انتكاستين خطيرتين في حياة الشيخ القرضاوي، الأولى عندما أجرى الأخير مراجعة نقدية لرؤيته الوحدوية واعتبر أن أتباع المذهب الشيعي وعلماءه يستفيدون من مشروع الوحدة لنشر مذهب التشيع في العديد من الدول العربية والإسلامية، وأصدر مواقف نقدية لآراء الفقهاء الشيعة وعلمائهم، مما أدى لردود فعل قاسية عليه من مؤسسات إيرانية وعلماء شيعة وبينهم المرجع السيد محمد حسين فضل الله، والثانية الخلافات حول كيفية مقاربة الثورات الشعبية العربية والتطورات التي حصلت في عدد من الدول العربية والتي ساهمت في تأجيج الأجواء المذهبية.

كل هذه التطورات تركت انعكاسات سلبية على دور الاتحاد العالمي للعلماء المسلمين، كما تراجعت العلاقات المباشرة بين الشيخ القرضاوي وعلماء الشيعة، وانسحب بعض هؤلاء من عمل الاتحاد، رغم أنه خلال السنوات الأخيرة جرت عدة محاولات لإعادة ترتيب الأوضاع خلال حياة الشيخ القرضاوي وبعد أن اضطر الأخير لتخفيف دوره في الاتحاد بسبب ظروفه الصحية وبعد أن تم اختيار قيادة جديدة للاتحاد، وقد ساهمت هذه المحاولات في تخفيف أجواء التوتر ولكنها لم تنه الخلافات التي نشأت، سواء على الصعيد الفقهي أو الفكري أو السياسي.
قد تكون هناك حاجة وضرورة قصوى لإعادة تقييم تجربة الوحدة الإسلامية، سواء من خلال تجربة الشيخ القرضاوي والاتحاد أو غيرها من التجارب الوحدوية الإسلامية، ولا بد من دراسة الأخطاء والإشكالات التي برزت ووضع آلية جديدة لتجاوز هذه الإشكالات، والعمل من أجل بناء أسس جديدة لمشروع الوحدة الإسلامية لا يكون خاضعا للظروف السياسية

واليوم وبعد رحيل سماحة العلامة الشيخ يوسف القرضاوي وفي ظل القيادة الجديدة للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، قد تكون هناك حاجة وضرورة قصوى لإعادة تقييم تجربة الوحدة الإسلامية، سواء من خلال تجربة الشيخ القرضاوي والاتحاد أو غيرها من التجارب الوحدوية الإسلامية، ولا بد من دراسة الأخطاء والإشكالات التي برزت ووضع آلية جديدة لتجاوز هذه الإشكالات، والعمل من أجل بناء أسس جديدة لمشروع الوحدة الإسلامية لا يكون خاضعا للظروف السياسية والمتغيرات العملية.

لا يستطيع أي مراقب منصف لتجربة الشيخ القرضاوي الفكرية والفقهية والسياسية والعملية أن ينكر اسهاماته الكبيرة في مشروع الوحدة الإسلامية، وأن قيام مؤسسة الاتحاد العالمي للعلماء المسلمين ومؤسسة القدس أحد تجليات هذا المشروع، لكن في الوقت نفسه يجب الاعتراف بأن هذا المشروع تعرض لانتكاسات عديدة خلال السنوات الأخيرة، وكل ذلك يتطلب مراجعة نقدية شاملة للمرحلة الماضية ووضع رؤية جديدة للمستقبل.

فهل يتصدى المشرفون على الاتحاد العالمي للعلماء المسلمين وغيرهم من العلماء والمفكرين والقادة والمفكرين والعلماء المسلمين المعنيين بهذا المشروع لهذه المهمة الجليلة؟

twitter.com/kassirkassem
التعليقات (1)
أحمد القاضي
الخميس، 20-10-2022 06:15 ص
مثل شعبي يتندر به الناس في لبنان عندما يتحدث أحد من الطبقة السياسية عن مكافحة الفساد، و هو أن عشم إبليس في الجنة. أذكر يوم ما و أنا حاضر في مناسبة دينية في منطقة عين الدلبة و كان المحاضر للمناسبة يرفع أصبعه و يهدد بالأنتقام من أتباع شخص قضى منذ قرون عديدة. آنذاك كنت من الذين يؤمنون بالوحدة، و لا زلت إلى الآن، و لكن، لا يمكن بأية حال أصلاح الأنقسام بين فريقين من البشر و أحداهما ببيت أمرا و ذلك تبعا للتقية و هي ركن من آركان العقيدة في مذهبه و من ثم التحدث عن الوحدة الإسلامية و التي كبدت العالم الإسلامي خسارة بشرية هائلة و ضيعت الفرصة على الشعوب العربية حتى تتخلص من الطغيان و تبدأ مسيرة التحرير من العبودية و الظلم و حتى عودة العدالة و الكرامة إلى منطقة الشرق الادنى و بعد ذلك قيام وحدة أسلامية حضارية راقية تحرر فلسطين المحتلة التي فتحها عملاق الأسلام الصحابي الجليل سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه و حررها قائد الأمة الإسلامية صلاح الدين الأيوبي رضي الله تعال. عنه. كان العلامة الشيخ القرضاوي رحمة الله تعالى عليه يسمع حلو الكلام من القيادات الشيعية و كنت أسمع مر التهديد بالأنتقام و القتل و ذات يوم، مر على أهل العراق، اليمن و سوريا جيوش فيلق الظلام و الذي فاق جيش دولة الكيان المحتل في الأجرام.