صحافة دولية

NYT: بايدن بعد تقليص إنتاج أوبك: مغازلة الرياض أم الانتقام؟

زملاء الرئيس في الحزب الديمقراطي زادوا من الضغط عليه لمعاقبة الرياض- جيتي
زملاء الرئيس في الحزب الديمقراطي زادوا من الضغط عليه لمعاقبة الرياض- جيتي

نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" تقريرا لمراسلها في البيت الأبيض، بيتر بيكر، ترجمته "عربي21"، قال فيه إن الرئيس بايدن يواجه خيارا صعبا بعد قرار شركات النفط العالمية العملاقة، خفض الإنتاج قبل أسابيع فقط من انتخابات التجديد النصفية الحاسمة، والتي قد تؤدي إلى تغيير سعر البنزين.

 

وتساءل كاتب التقرير: هل يجب أن يلتزم بسياسته المتمثلة في استمالة السعودية أم اتخاذ إجراءات للرد؟

 

وأضاف التقرير: "يُنظر إلى إعلان منظمة أوبك بلس للطاقة التي تقودها السعودية بأنها ستقلص ضخها بمليوني برميل يوميا على نطاق واسع في واشنطن على أنه طعنة في ظهر بايدن، الذي تخلى قبل ثلاثة أشهر فقط عن تعهده بجعل السعودية دولة "منبوذة" وسافر إلى هناك لمجاملة ولي عهد المملكة الاستبدادي".


وتابع التقرير: "السؤال الذي يواجه بايدن الآن هو ما يجب فعله حيال هذه الخيانة الظاهرة، ففي تصريحات لطيفة عن عمد، قال للصحفيين يوم الخميس فقط إنه يشعر "بخيبة أمل" ويفكر في "بدائل" غير محددة".

 

لكن زملاءه الديمقراطيين، المحبطين مما يرون أنه احترام مفرط من الرئيس للسعوديين والحريصين على إظهار الصرامة قبل أن يتوجه ناخبوهم إلى صناديق الاقتراع، زادوا من الضغط على بايدن لمعاقبة الرياض.


وهنا قال النائب توم مالينوفسكي، الديمقراطي عن ولاية نيوجيرسي، في مقابلة، في إشارة إلى الوجود العسكري الأمريكي في السعودية: "يجب أن يبدأ فقط بسحب الأشياء. هذا من شأنه أن يجذب انتباههم. إجراء يقابله إجراء. تحدي ما يهددون بفعله".

 

وأضاف: "هل يعتقدون حقا أنهم يستطيعون مقايضة شريكهم الأمني الأمريكي بشريك أمني روسي أو شريك أمني صيني؟ إنهم يعرفون أنهم لا يستطيعون فعل ذلك".


وقال تشاك شومر السيناتور من نيويورك، زعيم الأغلبية، إن قرار السعودية بالتحالف مع روسيا التي يقودها الرئيس فلاديمير بوتين لدعم أسعار النفط كان "خطأ فادحا".


وقال: "ما فعلته السعودية لمساعدة بوتين على الاستمرار في شن حربه الدنيئة الشريرة ضد أوكرانيا سوف يتذكره الأمريكيون لفترة طويلة. نحن نبحث في جميع الأدوات التشريعية للتعامل بشكل أفضل مع هذا الإجراء المروع والساخر للغاية".

 

اقرأ أيضا: ما هو قانون "نوبك" الذي يلوح به مشرعون أمريكيون ضد أوبك+؟


ولدى سؤاله عن خفض الإنتاج يوم الخميس، قال بايدن: "إننا نبحث عن بدائل" للنفط من دول أوبك بلس. وقال: "لم نحسم أمرنا بعد".


بينما نصحت إدارته بالحذر، على أمل أنه في المحصلة، فسيصل خفض الإنتاج اليومي في الواقع إلى نصف هدف مليوني برميل لأن بعض منتجي النفط لم يحققوا أهدافهم بالفعل.

 

وبدلا من معاقبة السعودية، فقد بدا أن مساعدي بايدن يركزون أكثر على مواجهة تحركها من خلال الإفراج عن المزيد من النفط من الاحتياطي البترولي الاستراتيجي وربما السعي إلى التقارب مع فنزويلا التي تضخ النفط.


ويبدو أن الإدارة تفكر في اتخاذ خطوات للضغط على شركات الطاقة المحلية لخفض أسعار التجزئة، بما في ذلك القيود المفروضة على تصدير المنتجات البترولية.

 

وقال برايان ديسي المستشار الاقتصادي الوطني للرئيس، للصحفيين: "لا نعلن عن أي خطوات على هذه الجبهة لكن هناك إجراءات سنواصل تقييمها".


وأضاف: "لم يكن من الممكن أن يأتي قرار أوبك بلس في وقت أسوأ من الناحية السياسية بالنسبة لبايدن، الذي راهن جزئيا على انخفاض أسعار البنزين لحملة الانتخابات النصفية. وقام رون كلاين، رئيس موظفي البيت الأبيض، بتتبع السعر بشكل منهجي في محطات تعبئة البنزين لعدة أشهر حيث إنه انخفض، وشعر الديمقراطيون بزخم متجدد نتيجة لذلك".


لكن أسعار البنزين بدأت بالفعل بالارتفاع تدريجيا حتى قبل الخطوة التي تقودها السعودية، ويرجع ذلك جزئيا إلى مشكلات المصافي في الساحل الغربي وفي الغرب الأوسط. وارتفع المتوسط الوطني بمقدار سبعة سنتات إلى 3.86 دولار منذ يوم الاثنين مع زيادة الطلب وتراجع المخزونات، على الرغم من أنه ظل أقل بكثير من الذروة التي تجاوزت الـخمسة دولارات للغالون في تموز/ يونيو.

 

اقرأ أيضا: بايدن للأمريكيين: السعودية وروسيا وراء ارتفاع أسعار البنزين


ويصر السعوديون على أن خفض الإنتاج لم يكن مقصودا به أن يكون ضربة لبايدن، وقد أرسلوا أوراقا ورسوما بيانية إلى مسؤولي الإدارة لتبرير ذلك. ومع انخفاض سعر النفط إلى ما دون الـ80 دولارا للبرميل في الأيام الأخيرة، فقد أخبر السعوديون المسؤولين الأمريكيين بأنهم قلقون من أن ينزلق أكثر إلى السبعينيات وربما الستينيات، ما يجعل ميزانيتهم المعتمدة على الطاقة غير مستدامة.


ويخشى مسؤولو إدارة بايدن من أن الأزمة الحقيقية قد تحدث في كانون الأول/ ديسمبر عندما يبدأ سريان الحد الأقصى للأسعار الذي نظمته الولايات المتحدة لتقييد أرباح النفط الروسي ويبدأ حظر الاتحاد الأوروبي على شراء الخام الروسي.

 

ما هي خيارات بايدن؟

 
خيارات بايدن لمواجهة خفض الإنتاج محدودة وتحتاج إلى مقايضات. لقد أمر بالفعل بإطلاق المزيد من النفط من الاحتياطي البترولي الاستراتيجي، ولكن بما أن الاحتياطي الآن عند أدنى مستوى له منذ أربعة عقود، فإن هذا يخاطر بنقص في حالة الحرب أو كارثة طبيعية مثل إعصار آخر.


يمكن أن يضغط للحد من صادرات الوقود المعالج مثل البنزين والديزل، ما من شأنه أن يوسع الإمدادات ويخفض الأسعار محليا.

 

لكن هذا من شأنه أن يضر بالشركاء التجاريين، ولا سيما الحلفاء الأوروبيين الذين يحاولون فطم أنفسهم عن الطاقة الروسية وأن تزيد ضغوط التضخم العالمية.


يمكن للإدارة أن تفتح المزيد من الأراضي والمياه الفيدرالية للتنقيب وتخفيف اللوائح المتعلقة بالحفر والاستكشاف ووضع خطوط الأنابيب لزيادة الإنتاج المحلي، على الرغم من أن ذلك قد يؤدي إلى رد فعل عنيف بين دعاة حماية البيئة.


وقالت دارلين والاس، عضو مجلس إدارة Oklahoma Energy Producers Alliance : "إنهم بحاجة إلى تخفيف اللوائح، ويحتاجون إلى الإفراج عن كل تلك التصاريح الموجودة على مكتب شخص ما للتنقيب في الأراضي الفيدرالية، ويحتاجون إلى السماح لخط أنابيب Keystone XL كي يمتد لتوصيل نفط أثاباسكا الرملي الكندي إلى المستهلكين الأمريكيين.. ويحتاج الرئيس إلى تشجيع المستثمرين على الاستثمار في أعمال النفط".


يمكن أن يؤدي تخفيف العقوبات على إيران وفنزويلا إلى توفير أكثر من مليون برميل من النفط يوميا، ما سيساعد في خفض الأسعار ويحتمل أن يحل محل بعض البراميل الروسية التي تباع الآن لمصافي التكرير الصينية والهندية.

 

لكن المحادثات النووية مع إيران تعثرت مع أمل ضئيل في تحقيق اختراق، وآفاق التوصل إلى اتفاق مع فنزويلا غامضة.


وذكرت صحيفة وول ستريت جورنال، أن إدارة بايدن كانت تستعد لتخفيض العقوبات للسماح لشيفرون باستئناف الضخ مقابل التحرك نحو الانتخابات في عام 2024.

 

ولكن في بيان، أكد البيت الأبيض أنه "لا توجد خطط لتغيير سياسة العقوبات دون خطوات بناءة مع نظام مادورو".


وفي تصريحات موجزة للصحفيين يوم الخميس، لم ينف بايدن أي تغيير محتمل تجاه فنزويلا. وقال: "هناك الكثير من البدائل. لم نحسم أمرنا بعد". وردا على سؤال عن ما يتعين على فنزويلا القيام به لإقناع الولايات المتحدة بتخفيف العقوبات، قال بايدن: "الكثير".


ودافع الرئيس عن قراره السفر في تموز/ يوليو إلى السعودية، حيث صافح بقبضة اليد حاكمها الفعلي، ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، على الرغم من تعهد الحملة الانتخابية بعزل المملكة بسبب مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي الذي كان مقيما في الولايات المتحدة وقُتل بناء على ما قالت وكالة المخابرات المركزية إنها أوامر الأمير محمد.


على الرغم من عدم الإعلان عن ذلك رسميا، قال المسؤولون الأمريكيون في جلساتهم الخاصة في ذلك الوقت إن لديهم تفاهما على أن السعودية وقوى الطاقة الأخرى ستزيد الإنتاج بحلول الخريف.


لكن بايدن أصر مرة أخرى الخميس، على أن لديه أهدافا أخرى في الذهاب إلى السعودية، مثل تشجيع العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل.


وقال الرئيس: "لم تكن الرحلة أساسا للنفط. الرحلة كانت حول الشرق الأوسط وإسرائيل وترشيد المواقف".


وأضاف بشأن خفض الإنتاج: "لكنها مخيبة للآمال، وتقول إن هناك مشاكل".


وقال مالينوفسكي وديمقراطيون آخرون إن على الرئيس أن يذهب إلى أبعد من مجرد التعبير عن خيبة الأمل.

 

وقدم مشروع قانون مع النائبين شون كاستن وسوزان وايلد، الديمقراطيين من إلينوي وبنسلفانيا، يتطلب سحب القوات الأمريكية وأنظمة الدفاع من السعودية والإمارات.


وكان مشروع القانون بمثابة بيان أكثر من أي شيء آخر حيث إن الكونغرس لا ينعقد حتى الانتخابات، لكن مالينوفسكي قال إنه صاغه بعد إجراء مماثل قدمه الجمهوريون في عام 2020، واستخدمه الرئيس دونالد ترامب للضغط على السعودية لتقليص الإنتاج في وقت كانت فيه أسعار النفط المنخفضة تشكل مصدر قلق.


وقال مالينوفسكي إن على بايدن بالمثل استخدام التشريع لدفع السعوديين. وقال: "الهدف من مشروع القانون لدينا هو منحه الذخيرة التي يحتاجها وآمل أن يستخدمها"...

 

"لقد خاطر، وكان واضحا وصادقا من أجل هذه العلاقة، وهذه ليست الطريقة التي يجب أن يستجيب بها الصديق. لذلك فإنه ربما ينبغي عليهم العثور على أصدقاء جدد".

 

التعليقات (0)