سياسة دولية

"ICJP" يحذر نوابا بريطانيين من عواقب نقل السفارة إلى القدس

حذرت الرسالة من أن قضية القدس ما تزال قضية بالغة الحساسية وخلافية - جيتي
حذرت الرسالة من أن قضية القدس ما تزال قضية بالغة الحساسية وخلافية - جيتي

أرسل المركز الدولي للعدالة للفلسطينيين، وثيقة توجيهية للبرلمانيين في بريطانيا بشأن الخطوة المقترحة بنقل السفارة البريطانية إلى القدس المحتلة، مشيرا إلى أن سياسة رئيسة الوزراء ليز تراس، تعدّ تغيرا جذريا في سياسة حكومة البلاد تجاه القدس.

وحذرت الرسالة من أن قضية القدس ما تزال قضية بالغة الحساسية وخلافية، وسوف تتجاوز عواقب البت بها الطرفين اللذين يعدّان المدينة عاصمة لهما.

 

اقرأ أيضا: صبيح لـ"عربي21": عواقب وخيمة لنقل سفارة بريطانيا للقدس

وفيما يلي النص الكامل للوثيقة:

1. في خطاب موجه إلى أصدقاء إسرائيل في حزب المحافظين في شهر آب/أغسطس 2022، أعلنت عضو البرلمان ليز تراس عن التزامها بنقل موقع السفارة البريطانية في إسرائيل، لضمان أن الحكومة البريطانية "تعمل بانسجام وتنسيق قوي مع إسرائيل." وخلال لقاء لاحق مع رئيس الوزراء الإسرائيلي يائير لابيد في الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك الشهر الماضي، أعادت رئيسة الوزراء ليز تراس تأكيد تعهدها بالنظر في إمكانية نقل السفارة البريطانية إلى القدس.
2. وهذا يمثل تغيرا جذريا في موقف الحكومة البريطانية تجاه القدس. يعرب المركز الدولي للعدالة للفلسطينيين عن قلقه إزاء قانونية النقل المحتمل للسفارة البريطانية في إسرائيل من تل أبيب إلى القدس، وما سيكون لذلك من تداعيات على أي مفاوضات خاصة بالوضع الدائم بين إسرائيل وفلسطين. فوضع القدس قضية بالغة الحساسية وخلافية، وسوف تتجاوز عواقب البت بها الطرفين اللذين يعدّان المدينة عاصمة لهما. فالقدس مدينة ذات أهمية دينية لا تضاهى، لملايين المؤمنين من الأديان التوحيدية الثلاثة حول العالم (الإسلام والمسيحية واليهودية)، وليس واضحا بالنسبة للمركز الدولي للعدالة للفلسطينيين إلى أي مدى، تم أخذ ذلك بالاعتبار من قبل الحكومة البريطانية.

الخلفية

3. كانت القدس عاصمة لفلسطين في ظل حكومة الانتداب البريطاني من 1922 إلى 1948.
4. في عام 1947، تبنت الجمعية العامة للأمم المتحدة خطة التقسيم لفلسطين، التي رغم تقسيمها للبلد إلى دولتين إحداهما عربية والأخرى يهودية، أبقت على القدس مدينة موحدة، من خلال توفير منظومة دولية تحت سيطرة الأمم المتحدة، بوصفه نظاما قائما بذاته.
5. ما لبثت حرب عام 1948، ثم اتفاقية الهدنة بين إسرائيل والأردن في عام 1949، أن كرست تقسيم المدينة بحكم الأمر الواقع إلى الجزء الشرقي، الذي يشمل البلدة القديمة، تحت حكم الأردن (الذي كان يحكم الضفة الغربية أيضا)، والجزء الغربي، تحت حكم دولة إسرائيل الجديدة.
6. ما بعد حرب عام 1967، التي أفضت إلى احتلال إسرائيل للقدس الشرقية والأراضي الفلسطينية المحتلة، انتهى خط الهدنة الذي كان يفصل بين الشقين الشرقي والغربي للمدينة.
7. وفي عام 1980، أقدمت إسرائيل على ضم القدس الشرقية بشكل رسمي من خلال سن "القانون الأساسي" في الكنيست، وبذلك اعتبرت القدس بأسرها عاصمة لإسرائيل. وقد تمكنت بفضل سيطرتها على الأرض بحكم الأمر الواقع من استثمار موارد وجهود ضخمة في تغيير الصفات الطبيعية والسكانية للمدينة وأكنافها.
8. في إعلان المبادئ، الذي وقع في أيلول/سبتمبر من عام 1993 من قبل حكومة إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية، كجزء من اتفاقيات أوسلو، ثمة اشتراط بأن يكون وضع القدس من القضايا التي أجلت إلى مفاوضات الوضع الدائم. ولقد صرحت الأمم المتحدة بأن ثمة اهتماما كبيرا في أن الحالة التي أفرزها الوضع القائم على الأرض، لا ينبغي بحال أن تقرر مسبقا نتيجة المفاوضات.


الوضع القانوني الدولي

وضع إسرائيل بوصفها القوة المحتلة للمناطق الفلسطينية المحتلة، بما في ذلك القدس الشرقية.

9. ورد تأكيد وضع إسرائيل كقوة محتلة في الرأي الاستشاري الصادر عن محكمة العدل الدولية، على النحو التالي؛ "إن المناطق الواقعة ما بين الخط الأخضر... والحد الشرقي السابق لفلسطين في عهد الانتداب، وقع احتلالها من قبل إسرائيل في عام 1967 في أثناء صراع مسلح بين إسرائيل والأردن. وبموجب القانون الدولي العرفي، فإن تلك الأراضي في حكم الأراضي المحتلة التي تصبح إسرائيل بموجبها في وضع القوة المحتلة. لم ينجم عن الأحداث التي وقعت بعد ذلك في تلك المناطق أي تغير في هذا الوضع؛ فكل هذه المناطق (بما في ذلك القدس الشرقية) تبقى مناطق محتلة، وتظل إسرائيل في وضع القوة المحتلة".
10. كما حافظت المحكمة الجنائية الدولية من جهتها على وضع إسرائيل كقوة محتلة فيما يتعلق بموقعها من القدس الشرقية، حيث أعلن قاضي المحكمة أن التحقيق في الجرائم المزعومة، سوف يشمل تلك التي ارتكبت في القدس وجزء من المناطق الفلسطينية المحتلة. وقد جاء موقف القاضي تبعا لقرار سابق، حافظ على طبيعة علاقة إسرائيل مع فلسطين بوصفها قوة محتلة، وخاصة فيما يتعلق بغزة. والحقيقة هي أن المحكمة الابتدائية كانت قد أكدت ودعمت قرار القاضي، وخلصت إلى أن إسرائيل تعدّ قوة محتلة في المناطق الفلسطينية التي يحدها الخط الأخضر. وهذا الوضع هو نفسه الذي تعترف به منظمة الصليب الأحمر الدولي.

التزامات إسرائيل بوصفها قوة محتلة

11. يترافق وضع القوة المحتلة مع مسؤولية الحفاظ على ذلك الوضع. ومسؤولية القوة المحتلة موثقة جيدا في القانون الدولي. وإذا ما أخذنا بالاعتبار وضع إسرائيل كقوة محتلة، فإن الالتزامات المرافقة لهذا الوضع تم تأكيدها مرارا وتكرارا، وبالذات التزامات إسرائيل بموجب معاهدة جنيف الرابعة.
12. قابلية تطبيق معاهدة جنيف الرابعة، تم تأكيدها ضمن الرأي الاستشاري الذي تقدمت به محكمة العدل الدولية، بما في ذلك الحمايات المنصوص عليها في المعاهدة الخاصة بالمناطق المحتلة منذ عام 1967، بما في ذلك القدس الشرقية. وتأكيد منظمة الصليب الأحمر الدولية على وضع إسرائيل، يشمل أيضا تأكيد قابلية التطبيق القانوني لمعاهدة جنيف الرابعة على الأراضي المحتلة منذ عام 1967 من قبل دولة إسرائيل، بما في ذلك القدس الشرقية، وهو الأمر الذي عبرت عنه بوضوح منظمة الصليب الأحمر الدولي، بالانسجام مع عدد من القرارات التي تم تبنيها من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي، وكذلك المؤتمر الدولي لمنظمات الصليب الأحمر والهلال الأحمر، الذي يعكس وجهة نظر المجتمع الدولي.
13. ومن الملاحظ أن قابلية تطبيق معاهدة جنيف الرابعة، تم تأكيدها من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة 46/92 في عام 2009، مشيرا إلى علاقة ذلك بالتزامات إسرائيل طبقا للمعاهدة.
14. من بين الحمايات ضمن معاهدة جنيف الرابعة التي تقدم للمناطق الفلسطينية المحتلة، والتي لدى إسرائيل التزامات تجاهها، المادة 47 والمادة 53 من المعاهدة ذات دلالة خاصة على الالتزامات المشار إليها في هذا الخطاب.
15. تنص المادة 53 على ما يلي:
1). أي تدمير من قبل القوة المحتلة للممتلكات العقارية أو الشخصية التي تعود بشكل فردي أو جماعي إلى أشخاص بصفتهم الخاصة، أو إلى الدولة، أو إلى أي سلطات عامة، أو إلى منظمات اجتماعية أو تعاونية، فهو محرم، إلا في حالة ما لو عُدَّ مثل هذا التدمير ضروريا بشكل قطعي بسبب العمليات العسكرية.
2). من المهم أن المادة 47 تؤمن الحمايات التي توفرها المادة 53 من خلال النص على أن "الأشخاص المحميين الذين يقيمون في الأرض المحتلة لن يحرموا، في أي حال وبأي شكل من الأشكال، من الفوائد التي تقدمها المعاهدة الحالية". وتمضي المادة 47 لتقرر بأن أي تغييرات تجريها إسرائيل "نتيجة لاحتلال المنطقة، في مؤسسات أو حكومة المنطقة المذكورة، ولا من خلال أي اتفاق يتم إبرامه بين سلطات المناطق المحتلة والقوة المحتلة، ولا من خلال ضم الأخيرة كليا أو جزئيا للمنطقة المحتلة"، لن تستخدم لتبرير تملص إسرائيل من التزامها من اتباع الحمايات المنصوص عليها في المادة 23، أو في المادة 34، من البروتوكول الإضافي الأول.
3). بمعنى آخر، لا يجوز أن تستخدم الإجراءات المتخذة لضم أو تحويل وضع القدس الشرقية ذريعة لتبرير الأعمال، التي من خلالها تدمر إسرائيل ممتلكات الشعب الفلسطيني -سواء فرديا أو جماعيا–، مثل الاستخدام الجماعي وأهمية الأماكن المهمة دينيا وثقافيا وتاريخيا وتعليميا للمجتمع الفلسطيني.
4). تبين هذه المواد بجلاء أن أعمال إسرائيل من تدمير ومصادرة الأرض، تعدّ انتهاكا صارخا لالتزاماتها، بموجب، ليس فقط قانون حقوق الإنسان الدولي كما هو مفصل أعلاه، ولكن أيضا تتناقض مع الالتزامات الحرجة بحماية الشعب الذي تحتله، وذلك بموجد القانون الدولي الإنساني.
5). هذه الالتزامات، وحقيقة أن أفعال إسرائيل تتعارض بشكل صارخ مع واجباتها بموجب القانون الدولي الإنساني، تثبت مدى جسامة انتهاكات الحقوق المفصلة أعلاه. لم يقتصر الأمر على انتهاك الحقوق الإنسانية الأساسية للفلسطينيين من خلال الأفعال الإسرائيلية، ولكنها وقع انتهاكها –هي والحمايات الأخرى تحت القانون الإنساني الدولي–، ضمن سياق الاحتلال من قبل القوة نفسها، التي تناط بها مسؤولية حماية حقوق الشعب الفلسطيني؛ نظرا لأن المدنيين الذين يعيشون في ظل الاحتلال العسكري معرضون للأذى. ولذلك، فإن الحكومة البريطانية مدعوة إلى النظر إلى الانتهاكات، من خلال عدسة الالتزامات الإسرائيلية المتزايدة بموجب القانون الدولي الإنساني، وأن تقدر جسامة تلك الانتهاكات في ضوء حقيقة أن أفعال إسرائيل انتهكت بالقدر نفسه الحمايات الأساسية المطلوب منها توفيرها بوصفها قوة احتلال.

وضع القدس

16. إن رغبة إسرائيل في أن تقدم حكومة صاحب الجلالة على نقل سفارة بريطانيا إلى القدس، ينبغي أن يُنظر إليها باعتبارها خطوة أخرى تجاه محاولات إسرائيل غير الشرعية لتغيير وضع القدس، وهي المحاولات التي ينالها التنديد بشكل دائم من قبل المؤسسات الدولية والمجتمع الدولي.

17. يتطلع هذا الخطاب إلى الإجماع داخل المجتمع الدولي على وضع القدس – وتحديداً الجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي – والذي أكد على خطوط ما قبل عام 1967 الناجمة عن اتفاق الهدنة لعام 1949.

18. يستمر المجتمع الدولي في رفض محاولات إسرائيل المتعاقبة لتغيير الخطوط ووضع القدس. لقد حاولت إسرائيل باستمرار استخدام القوانين والسياسات والممارسات التي تستهدف تغيير وضع القدس، وبشكل خاص القدس الشرقية حيث توجد المقبرة.

19. لقد تم توثيق ذلك تاريخيا، ولقد سجلت المحاولات وما استتبعته من تنديد منذ عام 1967:

1) في عام 1967، دعا قرار مجلس الأمن الدولي رقم 242 إلى "إنهاء جميع المزاعم" وإلى "الاعتراف بسيادة وسلامة أراضي والاستقلال السياسي لكل دولة في المنطقة وحقيها في العيش في سلام ضمن حدود آمنة ومعترف بها، ومتحررة من التهديدات أو ممارسة القوة."
2) في عام 1967، رفضت الجمعية العامة للأمم المتحدة محاولات إسرائيل فرض القانون الإسرائيلي على القدس الشرقية، وقالت الجمعية في قرارها رقم 2253 إن إجراءات إسرائيل باطلة ودعت إسرائيل إلى التراجع عن جميع الإجراءات التي اتخذتها والامتناع من الآن فصاعداً عن اتخاذ أي إجراء من شأنه أن يحدث تغييراً في وضع مدينة القدس.
3) في عام 1974، أكدت الجمعية العامة للأمم المتحدة على الحقوق الثابتة للشعب الفلسطيني في فلسطين ... ومنها حق تقرير المصير بدون تدخل خارجي { ... وكذلك ...} حق الاستقلال الوطني والسيادة.
4) وفي عام 1980، بعد إجازة القانون الأساسي الذي يعترف بالقدس كاملة عاصمة لإسرائيل، أعلنت الجمعية العامة للأمم المتحدة بطلان تلك الإجراءات واعتبرتها لاغية، ودعت إسرائيل إلى التراجع عن الإجراءات التي اتخذتها والامتناع من الآن فصاعداً عن أي إجراء من شأنه أن يغير من وضع مدينة القدس.
5) رداً على نفس القانون، وجد مجلس الأمن الدولي في نفس السنة أن "الإجراءات التي تغير من جغرافية أو ديمغرافية أو السمة التاريخية ووضع المدينة المقدسة باطلة ولاغية."
6) استمر الأمر نفسه حتى يومنا هذا. فعلى سبيل المثال:
7) في كانون الأول/ديسمبر من عام 2016، أدان مجلس الأمن الدولي جميع الإجراءات التي تستهدف تغيير التركيبة السكانية، والصفة والوضع، داخل المناطق الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967، بما في ذلك القدس الشرقية.
8) ردا على اعتراف الحكومة الأمريكية بالقدس عاصمة لإسرائيل، أكدت الجمعية العامة للأمم المتحدة أنها على موقفها. وقررت الجمعية العامة للأمم المتحدة أن "أي قرارات أو أفعال يفهم منها تغيير صفة أو وضع أو التركيبة السكانية لمدينة القدس المقدسة فإنها بلا أثر قانوني وتعتبر باطلة ولاغية، وينبغي التراجع عنها التزاماً بقرارات مجلس الأمن الدولي ذات الصلة." 
9) وثانية في عام 2018، ذكرت الجمعية العامة للأمم المتحدة إسرائيل بمسؤولياتها، وأهابت بإسرائيل في قرارها رقم 72/240 بأن: "تتقيد بالتزاماتها بموجب القانون الدولي، بما في ذلك القانون الإنساني الدولي، وأن تتوقف فوراً وبشكل تام عن جميع السياسات والإجراءات الهادفة إلى تغيير صفة ووضع المناطق الفلسطينية المحتلة بما في ذلك القدس الشرقية.


20. يمكن اعتبار أفعال إسرائيل في القدس الشرقية محاولة ثانية من قبل إسرائيل لتغيير وضع القدس الشرقية – وهو الأمر الذي تكرر التنديد به من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة ومن قبل مجلس الأمن الدولي منذ عام 1967. لم تتوقف الإجراءات التي تتخذ ضد المواقع الدينية والثقافية والتاريخية، والمهمة لدى الفلسطينيين (ولدى المجتمع الدولي كذلك)، وهي إجراءات تعيق قدرة الفلسطينيين والناس من كل الأديان على ممارسة شعائرهم والتفاعل مع ثقافاتهم وتاريخهم في تلك الأجزاء من القدس الشرقية التي تحاول فيها إسرائيل باستمرار تغيير الأوضاع. ويمكن النظر إلى إجراءات إسرائيل فيما يتعلق بالمقابر الإسلامية، ومنها على سبيل المثال مقبرة الشهداء، باعتبارها مشابهة لتقييد حرية العبادة في المسجد الأقصى، الحرم الشريف، وفي كنيسة القيامة، ومشابهة كذلك لأفعال إسرائيل التي نجم عنها تدمير مقبرة ماميلا الإسلامية العتيقة في القدس والتي تعود إلى القرن السابع.

21. ومن هنا تعتبر مسؤوليات إسرائيل المنبثقة عن القانون الإنساني الدولي ذات علاقة، إذ تشهد على رفض إسرائيل الانصياع إلى الالتزامات الدولية بموجب القانون الإنساني الدولي والقانون الدولي.

22. كما أن وضع إسرائيل كقوة محتلة، ينجم عنه مستوى أعلى من المسؤولية؛ إذ عليها أن تحمي حقوق الشعب الفلسطيني، بما في ذلك تلك التي ما فتئت تنتهكها.

الموقف البريطاني

23. في الثاني والعشرين من تشرين الثاني/نوفمبر 1967، أصدر مجلس الأمن الدولي القرار 242. تمت صياغة ذلك القرار من قبل الحكومة البريطانية وصوتت لصالحه. أكد القرار "عدم مشروعية الاستيلاء على الأراضي من خلال الحرب" وأكد الوفاء بمبادئ ميثاق الأمم المتحدة بما في ذلك المطالبة "بانسحاب القوات المسلحة الإسرائيلية من أراض احتلتها خلال الصراع الأخير"، وكذلك "إنهاء كل حالات الحرب بين الدول". وكانت حكومة صاحبة الجلالة هي التي صاغت نص القرار، ثم صوتت لصالحه. منذ ذلك الحين، لم تفتأ الحكومة البريطانية تؤكد اتفاقها مع مواد قرار مجلس الأمن الدولي 242 القاضية بانسحاب القوات المسلحة الإسرائيلية من أراض احتلتها في حرب عام 1967، التي تنطبق على القدس الشرقية المحتلة.

24. ردا على قيام إسرائيل بشكل أحادي بضم القدس الشرقية، تبنى مجلس الأمن الدولي بالإجماع القرار رقم 478. أكدت الحكومة البريطانية دعمها لقرار مجلس الأمن الدولي رقم 478، ورفضت تلك الإجراءات الإسرائيلية التي تغير من وضع مدينة القدس.

25. فيما يتعلق بالموقع البريطاني تجاه القدس، تستمر بريطانيا في اعتبار القدس الشرقية واقعة تحت الاحتلال العسكري غير المشروع من قبل إسرائيل. ولقد صرحت بريطانيا بأن الوجود الحالي للسفارة البريطانية لدى إسرائيل في تل أبيب، ووجود قنصلية في القدس الشرقية غير مفوضة لأي دولة، إنما هو تعبير عن رؤية بريطانيا بأنه لا يوجد دولة تتمتع بالسيادة على القدس. وأكدت بريطانيا أن إعلان البندقية وما تبع ذلك من تصريحات (سواء من قبل بريطانيا بشكل منفرد أو مع شركائها في الاتحاد الأوروبي)، بين بوضوح أنه لا شرعية لأي محاولات من جانب واحد لتغيير وضع القدس. كما صرحت بريطانيا إضافة إلى ذلك بأنها تعتقد بأن وضع المدينة مازال ينتظر أن يتحدد، وترى أنه ينبغي أن يحسم من خلال اتفاق جلي بين الأطراف المعنية، ولكنها ترى أن المدينة لا ينبغي أن يعاد تقسيمها. كما تعترف بريطانيا بإعلان المبادئ وبالاتفاق المرحلي، ووقعت عليهما إسرائيل ومنظمة التحرير في الثالث عشر من أيلول/سبتمبر من عام 1993 ثم في الثامن والعشرين من أيلول/سبتمبر من عام 1995، ويترك وضع القدس بموجبهما إلى أن يقرر في مفاوضات الوضع النهائي بين الطرفين.

26. تصرح القنصلية العامة البريطانية في القدس، بأن موقف الحكومة البريطانية بدولة إسرائيل من الناحية القانونية، ولكنها أمسكت عن الاعتراف بسيادتها على القدس؛ بانتظار الحسم النهائي لوضعها. فنحن نعترف بسلطة إسرائيل بحكم الأمر الواقع على القدس الغربية. وانسجاما مع قرار مجلس الأمن رقم 242 (لعام 1967)، وما تلا ذلك من قرارات صادرة عن المجلس، فإننا نعدّ أن القدس الشرقية ترزح تحت الاحتلال الإسرائيلي.

27. في الأول من كانون الأول/ديسمبر عام 2021، ألقى فيرغس إكرسلي، المنسق السياسي البريطاني في الأمم المتحدة، خطابا أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، أكد فيه أن "الموقف البريطاني حول وضع القدس واضح ومعروف منذ زمن طويل، وهو أنه ينبغي أن يحسم في تسوية يتم التفاوض عليها بين الإسرائيليين والفلسطينيين. ينبغي أن يضمن الحسم النهائي لوضع القدس أن تكون المدينة المقدسة عاصمة مشتركة لإسرائيل ولدولة فلسطينية، وأن يضمن ذلك ممارسة الحقوق الدينية من قبل كل من يعدّونها عزيزة لديهم. تعارض بريطانيا الإجراءات الأحادية حول القدس في غياب تسوية الوضع النهائي، وتبقى على دعمها للوضع التاريخي القائم".

مخاوف

28. طبقا لما يقوله رئيس الوزراء الفلسطيني محمد شتية، من شأن هذه الخطوة أن تضر بشكل كبير بالعلاقات البريطانية مع الفلسطينيين ومع العالم الإسلامي بشكل عام.

29. البلدان الوحيدة التي نقلت سفاراتها من تل أبيب إلى القدس، هي الولايات المتحدة وهندوراس وغواتيمالا وكوسوفو. بينما اختارت جميع الدول الأعضاء الأخرى في الأمم المتحدة الامتناع عن نقل سفاراتها إلى القدس؛ حتى لا تضر بمفاوضات الوضع النهائي بين إسرائيل وفلسطين. ومن شأن نقل السفارة البريطانية أن يساهم في مثل هذا الضرر، وهو الذي سيعدّ تراجعا عن الموقف الذي ظلت السياسة الخارجية البريطانية ثابتة عليه بشأن إسرائيل وفلسطين. من شأن ذلك التراجع أن يقوض حل الدولتين.

30. كما أن نقل السفارة سيكون بمنزلة اعتراف بقرار إسرائيل غير الشرقي ضم القدس، وبذلك سوف تعدّ بريطانيا من قبل المجتمع الدولي داعمة لانتهاكات ارتكبت بحق القانون الدولي.

31. تؤمن بعض الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، أن القدس ينبغي أن تظل كيانا مقسما، بينما يرى آخرون أن القدس الشرقية ينبغي أن تكون عاصمة لدولة فلسطينية تقوم في المستقبل، بينما تكون القدس الغربية عاصمة لدولة إسرائيل. وأيا كانت السياسة المنتهجة، فإن جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة تقريبا، تتفق على أن الوضع النهائي للقدس ينبغي أن يحسم من خلال عملية تفاوضية بين الإسرائيليين والفلسطينيين.

32. ظلت إسرائيل باستمرار ترتكب انتهاكات صارخة بحق أعراف وأحكام قانون حقوق الإنسان الدولي والقانون الإنساني الدولي، بما في ذلك أحكام معاهدة جنيف الرابعة التي تحكم قوانين الاحتلال. ولقد خلصت الأمم المتحدة وجميع منظمات حقوق الإنسان الكبرى، من فلسطين وإسرائيل وعالميا، بما في ذلك منظمة هيومان رايتس واتش ومنظمة العفو الدولية، إلى أن الفلسطينيين الذين يعيشون تحت السيطرة الإسرائيلية، يتعرضون لمنظومة من الفصل العنصري (الأبارتيد). وهذا استنتاج قانوني وليس مجرد هاجس أخلاقي. ولذلك؛ فإن قيام حكومة صاحب الجلالة بنقل السفارة في هذه اللحظة التي تشهد ظروفا صعبة ولاإنسانية وقاسية، يعيش فيها الفلسطينيون الذين يخضعون للهيمنة الإسرائيلية، من شأنه أن يبعث بإشارات تفيد بأن الحكومة البريطانية، لا تعبأ لا بالمسؤوليات التي تفرضها الأمم المتحدة ولا بمعاهدة جنيف، ولا حتى بالمحاسبة الخاضعة للأحكام في الإجراءات الدبلوماسية.

0
التعليقات (0)