هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
تناولت صحيفة الفاينانشال تايمز البريطانية، في تقرير لها، أهمية ارتفاع الدولار أمام العملات العالمية، وتأثيره على الاقتصاد العالمي.
وقال كاتب المقال مارتن وولف، وهو كبير المحللين بالصحيفة، إن ارتفاع العملة الأمريكية له آثار ركود في أماكن أخرى.
وأضاف الكاتب أنه في أوقات الشدة، يكون الدولار ملاذ العالم وقوته، حتى عندما تكون الولايات المتحدة هي مصدر المتاعب، كما حدث في الأزمة المالية 2007-2009، وهو ما يحدث مرة أخرى الآن.
وأشار إلى أن سلسلة من الصدمات، بما في ذلك التضخم المرتفع في الولايات المتحدة، أدت إلى صعود مألوف للدولار، ليس فقط مقابل عملات الاقتصادات الناشئة، ولكن أيضا مقابل عملات البلدان مرتفعة الدخل.
وأضاف المحلل الاقتصادي أن اضطراب إحدى سياسات الاقتصاد الكلي، خاصة الإدارة المالية، يكون أمرا خطيرا، خاصة عندما يكون الدولار قويا، وترتفع أسعار الفائدة، ويسعى المستثمرون إلى ملاذ آمن.
وقد ارتفع سعر الصرف الفعلي للدولار الأمريكي بنسبة 12 بالمئة منذ نهاية العام الماضي وحتى الآن، وفقا لتقديرات مؤسسة جيه بي مورجان. كما انخفض الجنيه الإسترليني أمام الدولار بنسبة 21 بالمئة، والين بنسبة 20 بالمئة، واليورو بنسبة 16 بالمئة، وأصبح الدولار الملك بلا منافس، على حد تعبيره.
وتساءل الكاتب: لماذا حدث هذا؟ وهل الأمر مهم؟ ما الذي يمكن عمله حيال ذلك؟
السبب والنتيجة؟
وعن السبب، ذكر الكاتب أن الجواب يكمن في أن الاقتصاد العالمي عانى من أربع صدمات متصلة منذ عام 2020: وباء كورونا، توسع مالي ونقدي ضخم، بالإضافة لأزمة الإمدادات بعد الجائحة، حيث أثر الطلب غير المتوازن على المدخلات الصناعية والسلع، وأخيرا جاء الغزو الروسي لأوكرانيا، والذي أصاب سوق الطاقة، خاصة بالنسبة لأوروبا.
وكانت هناك نتائج لهذا، من بينها تزايد حالة عدم اليقين، والضغط التضخمي القوي في الولايات المتحدة، والحاجة إلى سياسة نقدية خاصة من الاحتياطي الفيدرالي، للتوافق مع قوى الركود القوية خاصة في أوروبا. وتعززت قوة الدولار مع تشديد بنك الاحتياطي الفيدرالي إجراءاته أكثر من نظرائه في البلدان ذات الدخل المرتفع. وفي الوقت نفسه، يتم تحديد النتائج المتباينة للاقتصادات الناشئة من خلال مدى جودة إدارة اقتصاداتها، سواء كانت تصدر السلع أو الديون المرتبطة بها.
ولفت المحلل الاقتصادي إلى أنه "من المدهش أن عملات العديد من البلدان الناشئة داخل مجموعة العشرين كان أداؤها أفضل من عملات البلدان ذات الدخل المرتفع".
وتابع بالقول إن الروبل الروسي ارتفع بشكل حاد، فيما يوجد في الأسفل الجنيه الإسترليني والليرة التركية والبيزو الأرجنتيني.
اقرأ أيضا: لماذا ينخفض الجنيه الإسترليني.. وماذا يعني ذلك لبقية العالم؟
هل قوة الدولار مهمة؟
وأكد وولف في تقريره أن هذا الأمر مهم فعلا، مضيفا أنه كما يشير البحث الأخير الذي شارك في تأليفه موريس أوبستفيلد، كبير الخبراء الاقتصاديين السابق في صندوق النقد الدولي، فإنه يميل إلى فرض ضغوط انكماشية على الاقتصاد العالمي.
واعتبر أن أدوار أسواق رأس المال الأمريكية والدولار أكبر بكثير، ما يوحي به الحجم النسبي لاقتصادها، مشيرا إلى أن أسواق الولايات المتحدة المالية هي أسواق العالم، وعملتها هي الملاذ الآمن في العالم.
وبالتالي، فعندما تغير التدفقات المالية اتجاهها من أو إلى الولايات المتحدة، يتأثر الجميع، بحسب المحلل الاقتصادي البريطاني.
وحسب التقرير، فإن أحد الأسباب هو أن معظم الدول تهتم بأسعار الصرف، خاصة عندما يكون التضخم مصدر قلق.
وخلص الكاتب إلى أن الخطر يكون أكبر على تلك الدول التي لديها التزامات ثقيلة كديون لأطراف خارجية، وأكثر من ذلك إذا كانت مُقدرة بالدولار، فالدول القوية نسبيا تتجنب هذا الضعف، لكن العديد من البلدان النامية ستحتاج الآن إلى المساعدة.