صحافة دولية

FP: لدى بوتين معارضة جديدة غاضبة من الهزيمة في أوكرانيا

دفع المقربين من بوتين إلى تصعيد الحرب له تداعيات مزعجة على ما بعد الحرب- جيتي
دفع المقربين من بوتين إلى تصعيد الحرب له تداعيات مزعجة على ما بعد الحرب- جيتي

نشرت مجلة "فورين بوليسي" مقالا للصحفي الاستقصائي، أليكسي كوفاليف، قال فيه إن حركة احتجاج روسية جديدة تتشكل، لكنها ليست مؤيدة للديمقراطية ولا معارضة للحرب.

وأشار إلى أن أكثر أنصار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تطرفا، الذين ازدادوا غيظا من الكارثة العسكرية التي تكشفت لروسيا في حرب أوكرانيا، يريدون من بوتين تصعيد الحرب، واستخدام أسلحة أكثر تدميرا، وضرب المدنيين الأوكرانيين بلا رحمة.

ولفت إلى أن أنصار بوتين هاجموا علنا الجيش الروسي والقيادة السياسية بزعم أنها تكبح جماح القوة الروسية الكاملة - رغم أنهم نادرا ما يذكرون بوتين بالاسم.

واعتبر أن دفع المقربين من بوتين لتصعيد الحرب، له تداعيات مزعجة على ما بعد الحرب وربما روسيا ما بعد بوتين، حيث تبدو السردية مثل نظرية المؤامرة الألمانية "الطعن في الظهر" التي ألقت باللوم في هزيمة البلاد في الحرب العالمية الأولى على أعداء أشرار في الداخل، بما فيهم اليهود.

وأصبحت هذه الرواية عن الهزيمة العسكرية جزءا لا يتجزأ من الدعاية التي جلبت النازيين إلى السلطة.


ورأى أن مروجي أسطورة الطعن في الظهر الروسية ليسوا حزبا أو حركة أو مجموعة واحدة. بدلا من ذلك، فإن المتظاهرين هم تحالف فضفاض - نشط في الغالب على الإنترنت - من منظري اليمين المتطرف والمتطرفين المتشددين والمحاربين القدامى في حرب دونباس عام 2014 ومرتزقة مجموعة فاغنر والمدونين والمراسلين الحربيين الذين يديرون قنوات تليغرام الخاصة بهم وموظفي وسائل الإعلام الحكومية الروسية.

 

اقرأ أيضا: روسيا تكثف ضرباتها شرق أوكرانيا بعد تغير خريطة السيطرة

ويتنوع ولاؤهم للكرملين من التبجيل والاستسلام الكامل لبوتين كشخصية تاريخية شبيهة بالإله إلى النشاط في حركات المعارضة اليمينية. ولكن على عكس أبواق الكرملين في التلفزيون الحكومي والذباب الإلكتروني، فإن أعضاء معسكر تصعيد الحرب غير المتبلور متحدون في انتقاداتهم اللاذعة للحملة العسكرية الروسية في أوكرانيا.

ويُختزل مطلبهم بالآتي: إنهم يريدون المزيد من جرائم الحرب - لا رحمة ولا ندم ولا تظاهر حتى بالاهتمام بوفيات المدنيين حتى يتم إخضاع أوكرانيا تماما ومحو فكرة الأوكرانية إلى الأبد.

وبسبب الإحباط من الهزيمة المذهلة وغير المتوقعة على جبهة خاركيف الأوكرانية، فقد طالب العديد من المدونين المؤيدين للحرب بانتقام سريع دون اعتبار لوفيات المدنيين. وأوصى البعض بشن هجوم نووي على كييف، عاصمة أوكرانيا، لقطع رأس الحكومة.

وأشار الكاتب إلى أنه من الصعب نقل مستوى الكراهية والسخرية تجاه كل شيء أوكراني في تدويناتهم. يوصف الأوكرانيون بأنهم محتالون غير شرعيين على أراضي الإمبراطورية الروسية أو أتباع قطاع الطرق النازيين المفترض أنهم يحكمون كييف. يجب أن تُدفع مدنهم إلى العصر الحجري بينما يُشار إلى المذابح ضد المدنيين بسعادة على أنها "ذبح الخنازير". حتى أثناء إلقاء الشتائم النازية على الأوكرانيين، فإن آراء هؤلاء الروس ليست فقط تتمحور حول إبادة جماعية بطرق تذكّر بأسوأ جرائم القرن العشرين، ولكن أيضا في بعض الحالات، تجسد الفاشية أو النازية الجديدة.

وعلى الرغم من أن معظم هؤلاء المدونين غير معروفين في الغرب - باستثناء دائرة صغيرة من مراقبي روسيا - فإن القليل منهم قد جذب انتباه الصحافة الدولية. ومنذ أن أشاروا بشكل روتيني إلى الإخفاقات العسكرية الروسية على أمل دفع الكرملين إلى التصعيد، فقد أصبح البعض مصادر غنية بالمعلومات لأخبار غير مصطنعة من الجبهة.

من المثير للدهشة، بالنظر إلى حملة الكرملين المتسارعة على الانتقادات منذ بداية الغزو في شباط/ فبراير، أنه لم تكن هناك اعتقالات رفيعة المستوى للمدونين المؤيدين للحرب أو حتى إشارات من الرقابة حتى الآن.

وتراقب إدارة المراقبة الخاصة في الإدارة الرئاسية منصات وسائل التواصل الاجتماعي الروسية عن كثب وترفع تقارير يومية إلى مساعدي بوتين. ومع ذلك، فإن هناك دلائل على أن موسكو تدرك المشكلة وستسعى إلى كبح جماح القوميين الغاضبين الذين أصبحوا سريعا ما تسميه عالمة السياسة تاتيانا ستانوفايا "التحدي الأكبر للكرملين" منذ أن سحق حركة نافالني.

وسواء قام الكرملين الآن بقمع أم لا، فإن الرواية السامة للحركة المؤيدة للحرب ستأخذ حياة خاصة بها - خاصة إذا كانت وعندما ستخسر روسيا الحرب، وهو أمر لا مفر منه الآن. ومع اتضاح الانفصال بين الدعاية الرسمية حول "عملية خاصة" سهلة وناجحة وواقع الهزيمة الساحقة، فسيبحث العديد من الروس عن شخص يلومونه. هنا، المثال الألماني مفيد، حيث كان مزيج الهزيمة والإذلال القومي والانهيار الاقتصادي بمثابة التربة الخصبة للحركات اليمينية المتطرفة التي ألقت باللوم على الأعداء المحليين، واغتالت السياسيين الليبراليين، وأثارت الكراهية المعادية للسامية، وأقسمت على الانتقام من دول الحلفاء المنتصرة. كان هذا هو المشروب الشرير الذي تغذي عليه هتلر خلال صعوده إلى السلطة.

وأكد الكاتب أن الهزيمة الحتمية لروسيا، والضيق الاقتصادي العميق، وفقدان مكانة القوة العظمى على يد دولة لم يعترف الكرملين بوجودها، ستكون أرضا خصبة للمتطرفين. وهذا يعد ضعفا في حالة سقوط نظام بوتين وبدء الصراع من أجل المسار المستقبلي لروسيا. إذا كان القوميون المؤيدون للحرب الذين يبحثون عن أعداء يلومونهم هم المعارضة الوحيدة المتبقية في روسيا، فقد يسير العالم في مسار مظلم وخطير.

التعليقات (0)