هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
تطرح مشاركة المزيد من أبناء الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة الفلسطينية في الضفة الغربية المحتلة في عمليات عسكرية ضد جيش الاحتلال الإسرائيلي الذي صعد من انتهاكاته ضد مختلف أبناء الشعب الفلسطيني، العديد من التساؤلات بشأن دلالات وتأثيرات هذه المشاركة التي تأتي على عكس الرؤية الأمريكية والإسرائيلية لتلك الأجهزة.
واستشهد فلسطينيان فجر الأربعاء، هما عبد الرحمن هاني صبحي عابد (22 عاما) و أحمد أيمن إبراهيم عابد (23 عاما)، بعد تبادل لإطلاق النار مع قوات الاحتلال عند حاجز "الجلمة" قرب جنين، ما أدى إلى مقتل ضابط إسرائيلي.
والشهيد أحمد عابد، هو أحد عناصر جهاز الاستخبارات الفلسطيني بالضفة، كما يؤكد ذلك اللباس العسكري الذي ظهر فيه الشهيد في إحدى الصور المنشورة له.
"مشاركة طبيعية"
وهناك العديد من عناصر وضباط وأبناء ضباط الأجهزة الأمنية الفلسطينية الذين شاركوا في عمليات ضد جيش الاحتلال، ومن أبرزهم الشهيد إبراهيم النابلسي، وهو ابن ضابط فلسطيني سابق رفيع المستوى. وسبق أن نفذ الشرطي الفلسطيني محمد تركمان عملية فدائية ضد قوات الاحتلال نهاية عام 2016.
وبين حين وآخر، وخاصة بعد تصاعد انتهاكات جيش الاحتلال في مختلف مدن الضفة الغربية المحتلة، يقوم عناصر من الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة بتنفيذ عمليات عسكرية ضد قوات الاحتلال.
وعن دلالات هذه المشاركة، ذكر المختص الفلسطيني البارز في الشأن الإسرائيلي صالح النعامي، أن "معظم العمليات الاستشهادية في انتفاضة الأقصى تمت من قبل حركة "فتح"- كما تذكر الدراسات"، مؤكدا أن "تعاظم مظاهر الاحتلال وانتهاكاته، يجبر معظم أبناء الشعب الفلسطيني على بلورة أنماط رد على هذا الاحتلال؛ وأبناء وعناصر الأجهزة الأمنية الفلسطينية ليسوا استثناء".
وأضاف في حديثه لـ"عربي21": "إذا كان لقيادة السلطة توجه معروف بالنسبة للمقاومة، فهذا لا يعني تكريس هذه القاعدة على بقية أبناء الشعب الفلسطيني، ومن ضمنهم أبناء الأجهزة الأمنية، لذلك فإن هذا في تقديري سلوك طبيعي، فإسرائيل تقتل الفلسطينيين كل يوم وتجتاح وتقتحم، لذا فهي تواجه برد فعل فلسطيني".
وذكر النعامي، أن تقديرات الاحتلال تشير إلى إمكانية اندلاع انتفاضة من نوع جديد في الأراضي الفلسطينية المحتلة، "وربما يكون من بين توقعاتهم؛ التحاق بعض عناصر الأجهزة الأمنية بالعمل المسلح ضد الاحتلال".
وعن مدى نجاح أمريكا والدول الغربية في إنتاج ما يسمى بـ"الفلسطيني الجديد" أو إعادة صياغة العقلية الفلسطينية بما يتوافق مع أطماعهم، وخاصة عناصر الأجهزة الأمنية الفلسطينية العاملة في الضفة الغربية، أكد المختص أن "هؤلاء لم ينجحوا ولن ينجحوا في ذلك".
وتابع: "نحن لا نتحدث عن نطاق جغرافي الناس تعيش فيه بحرية واحترام، فالكل ومن بينهم أبناء الأجهزة الأمنية يشاهدون مستوى محاولة إذلال الفلسطيني على حواجز الاحتلال، وعمليات الاقتحام التي ينفذها جيش الاحتلال، في حين يضطر أبناء الأجهزة الأمنية في الضفة بناء على أوامر قيادتها العليا إلى الانكفاء، في حين يقوم الصهاينة بفعل ما يريدون من قتل واعتقال ومداهمة وترويع للآمنين، ومن ضمن ذلك، قتل الناس الذين ليس لهم علاقة بالعمل المقاوم".
الفلسطيني الجديد
وأكد النعامي، أن "كل هذه الظروف تؤدي إلى إفشال المخطط الذي شرع فيه دايتون (هو الجنرال الأمريكي كيث دايتون، عمل منسقا أمنيا بين السلطة الفلسطينية والاحتلال) من أجل إنتاج ما يعرف بـ"الفلسطيني الجديد" الذي ليس له علاقة بقضية، وإنما علاقته بالراتب آخر الشهر"، مضيفا: "من الواضح أن هذا المخطط فشل في الماضي والحاضر وسيفشل في المستقبل".
من جانبه، اتفق الخبير في الأمن القومي، إبراهيم حبيب، مع ما ذهب إليه المختص النعامي، بأن قيام بعض عناصر الأجهزة الأمنية الفلسطينية بتنفيذ عمليات ضد جيش الاحتلال هي "مشاركة طبيعة وحقيقة".
ونوه في حديثه لـ"عربي21"، أن أبناء تلك الأجهزة يلمسون كما باقي أبناء شعبهم "حالة العربدة التي تقوم بها قوات الاحتلال ضد الشعب الفلسطيني ومحاولة إذلالهم، كما أنهم هم أنفسهم يعانون من العربدة الإسرائيلية والتفتيش على الحواجز وغيرها من الأماكن".
وقال حبيب: "حالة العزة والكرامة التي يتحلى بها شعبنا ومن بينهم أبناء تلك الأجهزة، تدفعهم للدفاع عن أنفسهم والانتقام لأبناء شعبهم عبر محاولة تنفيذ عمليات ضد من يحاول إذلالهم، وهذا من المفترض أن لا يكون عملا فرديا بقدر ما يكون جماعيا لكل أبناء شعبنا ومن بين أبناء تلك الأجهزة التي من المفترض أن تعمل على حماية شعبها".
وذكر أن "أمريكا وإسرائيل، ضخوا الكثير من الأموال من أجل تغيير جلد الأجهزة الأمنية بعد عام 2003 في سبيل الوصول لمرحلة أن يكون ولاء تلك العناصر للراتب والمكانة والوظيفية دون أن يكون هناك أي اعتبارات وطنية؛ أي أجهزة أمنية بلا عقيدة أمنية، ولكن ما حدث اليوم وقبل ذلك، يثبت فشل الرؤية الأمريكية لمحاولة السيطرة على الفلسطيني بأن يكون أداة بيدهم".
اقرأ أيضا: الاحتلال يهاجم أمن السلطة بسبب تصاعد العمليات بالضفة
ورأى الخبير الأمني، أن "مشاركة المزيد من عناصر الأجهزة الأمنية في تنفيذ عمليات ضد جيش الاحتلال، مرتبط بتطور الأحداث وبالحالة والشعور الوطني الذي قد يسيطر على الضباط والأفراد"، معتقدا أن ما يجري "أصبح ظاهرة لدى الأجهزة الأمنية".