نشرت
صحيفة "
فايننشال تايمز" افتتاحية قالت فيها إن منظر السياح الروس الأثرياء
وهم يتسوقون في المدن الأوروبية ويرتاحون على شواطئها ربما تناقض مع الجهود الغربية
لعزل القيادة الروسية وإضعاف اقتصادها نتيجة للحرب العدوانية في أوكرانيا.
وتضيف
أن عددا من دول شمال ووسط أوروبا قامت بالتشديد على الروس وتدفع الاتحاد الأوروبي لفرض
حظر عام على التأشيرات للسياح الروس.
وطالب
الرئيس الأوكراني فولدومير زيلنسكي بمنع السياح الروس باستثناء الظروف الإنسانية.
وتقول
الصحيفة إن الدافع مفهوم، لكن المضي بتطبيقه سيكون خطأ. فالعقوبات التي قصد منها إضعاف
قدرة فلاديمير
بوتين على شن الحرب، أثرت بشكل محتوم على الشعب الروسي، مع أنها لم تستهدفه
بشكل مباشر. وحتى حظر الطائرات الروسية من دخول المجال الجوي للاتحاد الأوروبي ومنع
تزويد
روسيا بقطع الغيار من أجل إضعاف الاقتصاد ولم تقصد منع الروس، لكن حظر التأشيرات
مختلف، لأنه يستهدف المدنيين مباشرة. وستؤكد رواية الكرملين الزائفة حول المؤامرة الغربية
لهزيمة روسيا وشعبها.
وسيؤدي
المنع إلى استعداء حتى المعتدلين الروس ضد الاتحاد الأوروبي.
وكما
قال المستشار الألماني أولاف شولتز: "هذه ليست حربا ضد الشعب الروسي ولكنها ضد
حرب بوتين".
ورغم
تصويت الروس لبوتين إلا أن النظام الذي أقامه يقصفهم بالدعاية المؤيدة للكرملين ولا
يقدم لهم إلا عددا قليلا من الخيارات. وفي المرات التي حاولت فيها الديمقراطيات عزل
أنظمة ديكتاتورية، فقد تأكدت من الحفاظ على روابط مع منظمات المجتمع المدني، عبر التبادل
الطلابي مثلا، ولتعريض المواطنين قدر الإمكان لنظام بديل وعالم مختلف.
صحيح
أن الكثير من الروس ممن يزورون أوروبا لمدة أسبوعين لا يتصلون مع المجتمع المحلي أو
الإعلام، لكن هناك قلة منهم تفعل. ومن هناك فكل ومضة ضوء تخترق جدار التعتيم والكذب
مهمة. وإغلاق طريق السياحة، سيجعل من الصعوبة بمكان خروج الروس إلى الاتحاد الأوروبي.
ورغم قلة الإحصائيات حول حركة الروس باتجاه أوروبا، إلا أن مئات آلاف الروس غادروا
البلد منذ بداية الحرب، نظرا لعدم ارتياحهم أو معارضتهم لها.
والكثير منهم شباب ولديهم مؤهلات عالية، ما يعني هجرة العقول بشكل سيزيد من المصاعب الاقتصادية.
وسيصبح الكثير منهم جزءا من الشتات المنفتح والليبرالي، قد يعودون يوما ما إلى روسيا لمحاولة بناء عالم ما بعد بوتين.
وهناك
مناطق جذب للنخب الروسية في أرمينيا وجورجيا وتركيا ودبي، لكن هناك الكثير ممن هاجروا
إلى الاتحاد الأوروبي، واستغلوا تأشيرة الزيارة للبحث عن وظائف.
وإغلاق
الطريق الروسي سيكون صعبا لمن يريدون الوصول إلى الاتحاد الأوروبي أو العمل وحتى الحصول
على تأشيرات إنسانية. وربما ناقش البعض أن الروس كانت لديهم ستة أشهر للخروج لو أرادوا.
وكلما طال أمد الحرب فستقرر أعداد منهم البحث عن مخرج، وربما زاد الكرملين من حملة
القمع ضد شعبه.
وسيناقش
وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي فكرة منع التأشيرات في لقاء غير رسمي ببراغ هذا الأسبوع،
وربما اتخذوا خطوات قوية في تشرين الأول/أكتوبر. وتنقسم الدول حول الموضوع وإن كان سيشمل
محور الشينغين، فهناك خيار وهو تعليق اتفاقية عام 2007 مع روسيا لتسهيل التأشيرات.
ومن
خلال جعل الحصول على التأشيرة أمرا معقدا ومكلفا فإن هذا قد يخفض تدفق الروس. ومن الأفضل
ترك الباب مفتوحا لمن يريدون الخروج وتوسيع الحظر على مسؤولي الحكومة والجيش والمخابرات
الذين يرفضون التخلي عن بوتين. وربما كانت هناك حاجة لمزيد من
العقوبات لمنع الكرملين
من إدارة حربه الشرسة. لكن المبدأ الرئيسي الموجه لها هو استهداف آلة الحرب والاقتصاد
وليس منع الروس العاديين من الوصول إلى أوروبا.