مقابلات

مسؤول ليبي سابق: سنشهد تحولا هاما خلال العام المقبل

الصراع لن يطول أمده وسينتهي إما بصدام محدود أو بتخلي الداعمين - عربي21
الصراع لن يطول أمده وسينتهي إما بصدام محدود أو بتخلي الداعمين - عربي21

قال المستشار السياسي السابق بالمجلس الأعلى للدولة في ليبيا، أشرف الشح، في مقابلة خاصة مع "عربي21"، إن "السنة المقبلة حبلى بالأحداث الهامة التي قد تكون نقطة الارتكاز لتحول سياسي إيجابي في المستقبل القريب".

وأوضح أن "الأزمة الاقتصادية التي يعاني منها الشعب الليبي باتت هي المحرك للأحداث في الآونة القريبة، وأعتقد أنها سوف تتطور إلى حراك شعبي لن يسمح ولن يعطي فرصة للأجسام المتلاعبة (قاصدا مجلسي الدولة والنوب) للبقاء بشكل أطول من ذلك، وعندها لن يكون هناك حل إلا الذهاب للانتخابات".

ولفت الشح إلى أن "حكومتي باشاغا والدبيبة في أضعف حالاتهما اليوم، وأن هذا الصراع لن يطول كثيرا، لأن الحراك السياسي بدأ يصبح أكثر نضوجا ويتجه نحو التخلص من الطبقة السياسية الحالية، وفي القلب منها كلتا الحكومتين اللتين ستقومان بعرقلة المسار الديمقراطي".

وفي ما يلي نص المقابلة الخاصة مع "عربي21":

مندوب ليبيا الدائم لدى الأمم المتحدة، السفير طاهر السني، قال إن هناك "قوى دولية بعينها تقف وراء تعطيل إجراء الانتخابات في ليبيا".. فمَن هي تلك القوى تحديدا؟


هذا التصريح لم يحمل أي شيء جديد؛ فكل الليبيين، وغير الليبيين، يعلمون جيدا أن هناك دولا ليس في مصلحتها إجراء الانتخابات في ليبيا، لأن لديها أدوات الآن تستخدمها في المشهد الليبي، والانتخابات بالنسبة لها عبارة عن قفز في المجهول، وقد لا يكون لها تلك الأدوات في المستقبل كي تحقق من خلالها مصالحها، وهذه الدول كثيرة منها مصر والإمارات وفرنسا وغيرها، وهم يسعون جاهدين -من خلال أدواتهم في الداخل- لتعطيل المسار السياسي بهدف حماية مصالحهم.

إلى متى سيستمر الصراع في ليبيا بين حكومتي باشاغا والدبيبة؟


أعتقد أن كلتا الحكومتين في أضعف حالاتهما اليوم، وأن هذا الصراع لن يطول كثيرا، لأن الحراك السياسي الليبي بدأ يصبح أكثر نضوجا ويتجه نحو التخلص من الطبقة السياسية الحالية، وفي القلب منها كلتا الحكومتين اللتين ستقومان بعرقلة هذا المسار الديمقراطي والذهاب إلى انتخابات.

لكن هذا الصراع لن يطول أمده، وسينتهي إما بصدام محدود أو بتخلي الداعمين والحواضن التي تحتضن كلتا الحكومتين، وبالتالي سيتم البحث من خلال مسار سياسي جديد عن الطريق الأفضل للوصول إلى الانتخابات.

 

اقرأ أيضا: تصاعد الحديث عن حكومة ثالثة في ليبيا.. ما الجدوى منها؟

مَن يتحمل المسؤولية الأكبر عن هذا الصراع برأيكم؟


المسؤولية الرئيسية تقع على عاتق باشاغا الذي ارتضى لنفسه أن يكون مجرد أداة يستخدمها عقيلة صالح وخليفة حفتر؛ كي يحدث هذا الاضطراب وهذه الربكة في المنطقة الغربية؛ فبعد أن فشلا من خلال قوة السلاح في السيطرة على المنطقة الغربية يحاولان إحداث فتنة، وكان باشاغا أداة طيعة لهما، لأنه يعاني من مرض الوصول إلى طموحات أكبر من إمكانياته، وللأسف هو مَن أوقعنا في هذه المشاكل، ويتحمل المسؤولية الكبرى جراء ذلك، ولكن هذا لا يعني عدم مسؤولية عبد الحميد الدبيبة والمحيطين به الذين يتصرفون تصرفات غير مسؤولة، وبالتالي فالمسؤولية تقع على الجميع لكن بالدرجة الأولى على باشاغا ومن ثم على الدبيبة.

المستشارة الأممية ستيفاني ويليامز وصفت الطبقة السياسية في ليبيا بأنها "انتهازية وتتبع مصالحها الخاصة، وتبحث فقط عن المناصب بدلا من السير بالبلاد نحو الانتخابات".. ما ردكم؟


للأسف المبعوثون الدوليون يقولون مثل هذا الكلام عند مغادرتهم لمواقعهم، وهم أحد أسباب تمترس الطبقة السياسية التي تستغل هؤلاء المبعوثين وتتلاعب بهم، وبالتالي ما يُصرّح به المبعوث الدولي بعد انتهاء مهامه وخروجه من المشهد الليبي لم يعد مهما، لأنه تكرر مع مبعوثين آخرين، وأصبح شيئا يدعو للاشمئزاز، خاصة أن البعثات الدولية والمجتمع الدولي يتحملون مسؤولية كبيرة عما يحدث في ليبيا.

أما فيما يتعلق بالانتهازية فلم يعد يخفى على أحد أن المؤسسات الحالية تستميت من أجل البقاء والتمديد والاستمرار في السلطة مهما كلفها ذلك من ثمن، والثمن للأسف هو معاناة الليبيين، ودماؤهم وأرزاقهم واقتصادهم.

قلت مؤخرا إن فتحي باشاغا تواصل مع عدد من السفراء وطرح مبادرة تقضي باستقالته مقابل استقالة عبد الحميد الدبيبة وأن ترعى الأمم المتحدة حوارا جديدا لإنتاج حكومة أخرى تسير أمور الانتخابات.. فما أبعاد هذه المبادرة؟


بالفعل، وردتني معلومات بأن باشاغا طرح مبادرته تلك وطالب المسؤولين الدوليين بعدم إعلانها في الوقت الحاضر، وقد أبدى رغبته واستعداده للانسحاب من المشهد شريطة أن يستقيل عبد الحميد الدبيبة، وبالتالي يخرجان معا من المشهد، ولكنني لست مقتنعا بما يحاول الترويج له، لأنني أعتقد أنها مناورة يحاول باشاغا من خلالها عدم تحمل مسؤولية أي صدام عسكري عندما يحدث.

ولماذا لم يعلن باشاغا هذه المبادرة؟


لأنه لا يمتلك الشجاعة بأن يعلن ذلك لليبيين أصحاب المصلحة الرئيسيين. وإن كان صادقا في هذا الطرح فقد كان من باب أولى أن يطرح هذا الكلام خلال كلمة موجهة للشعب الليبي، ومن ثم ينقل الضغط السياسي إلى عبد الحميد الدبيبة، لأن الليبيين سئموا كل هذه الشخصيات، ويريدون الذهاب إلى صناديق الاقتراع وانتخاب أجسام جديدة تتمتع بشرعية شعبية كاملة.

هل الانتخابات باتت هي الحل الوحيد والأخير لإنهاء الأزمة الليبية أم أن هناك حلولا أخرى؟


ليست هناك أي حلول لأزمة الشرعية التي تعاني منها المؤسسات الليبية إلا الانتخابات، ومهما طال التلاعب والمراوغة، بزعم إجراء مفاوضات وحديث عن تشكيل حكومة ثالثة أو رابعة دون الرجوع إلى انتخابات، فسوف يصطدم ذلك كله بصخرة الفشل ولن يحقق أي نجاح يُذكر، بل إنه سوف يبقي الوضع على ما هو عليه.

ولن يتزحزح الملف الليبي المُعقد إلا بخطوة مبدئية هي الانتخابات التي ستنهي أزمة تنازع الشرعيات، وتجعل كل السلطات المختلفة تحت سيطرة مؤسسة واحدة لا يستطيع أحد الطعن في شرعيتها. وهذا بداية الخطوة رقم صفر للذهاب إلى الحل الذي سوف يأخذ وقتا طويلا على أرض الواقع.

والانتخابات ليست حلا في حد ذاتها، وإنما هي وسيلة مبدئية لإنهاء إحدى المشاكل الرئيسية التي عانينا منها طيلة الثماني سنوات الماضية. وعندما تنتهي هذه الشرعيات المهزوزة وكل هؤلاء المغتصبين للسلطة، ويأتي جسم منتخب كامل الشرعية، ستكون الخطوة الأولى قد انطلقت على طريق مسار يمكن أن يوصلنا إلى الاستقرار والتنمية التي ينشدها ويتمناها الليبيون.

في تقديرك، متى ستشهد ليبيا انتخابات تنهي الأزمة؟ وماذا لو استمر تعثر مسار الانتخابات؟


أعتقد أن كل المسارات الحالية بدأت في طريق الإفلاس، والوضع الاقتصادي بدأ يضغط على الجميع، والمظاهرات الأخيرة التي خرجت في كل المدن الليبية تمثل إشارة واضحة، والوقت بدأ ينفد، لكن الوصول إلى حل الانتخابات لم يعد بعيدا، قد لا يكون في القريب العاجل ولكنه ليس ببعيد، إلا أنني لا أستطيع التكهن هنا بتوقيت معين، ولكني على يقين بأن استنفاد كل محاولات التمديد والمراوغة سوف يوصلنا إلى ضرورة إجراء هذه الانتخابات بأي طريقة كي ننهي هذه الفوضى البائسة، وننهي هذه الأزمة الاقتصادية الخانقة التي بدأت تلوح في الأفق، والتي سوف تكون هي الضاغط الرئيسي على عدم استمرار هذه الأجسام المهزوزة.

بعد فشل اجتماعات مجلسي النواب والدولة في القاهرة، هل هناك أي فرصة للتوافق بين المجلسين؟


لا أعتقد أن مجلسي النواب والدولة سوف يستمران في هذه المراوغات، لأن الكل يعلم أنهم أصحاب مصلحة حقيقية في البقاء، ولن يأتي أي حل ينتج عنه انتخابات عن طريق هذين الجسمين. أعتقد أن المسار السياسي سوف يتطور خلال الفترة القادمة، وسوف لن يكون حكرا على هذين الجسمين كي نصل إلى إجراء الانتخابات.

قبل أيام مرت الذكرى الثانية والثمانون لتأسيس الجيش الليبي.. فكيف تنظر لوضع الجيش اليوم؟


الكلام عن الجيش اليوم وتوحيده عبارة عن دغدغة عواطف، لأنه ما لم نصل إلى الاستقرار السياسي وإلى المؤسسة الشرعية التي تقود وتضع استراتيجية لكل مؤسساتها التي تقودها، ومن ضمنها الجيش، فلن نرى أي حلحلة لكل هذه الإشكاليات والصدامات والصراعات.

وكل الاجتماعات التي حدثت، وتحدث، بخصوص توحيد المؤسسة العسكرية هي عبارة عن ذر للرماد في العيون. المسألة ليست في توحيد الجيش بين حكومتين أو بين أجسام مختلفة. المسألة في أن تكون هناك قيادة سياسية واحدة للدولة الليبية، ومن ثم تصدر هذه القيادة قرارات لا يستطيع أن يطعن أحد في شرعيتها، ومَن يرفض تنفيذ قراراتها يعتبر متمردا.

حفتر قال إن "القوات المسلحة ليست من مهامها توفير الخدمات وهذه مهمة الحكومة فقط".. ما تعقيبكم على هذا التصريح؟


ما يقوله حفتر هو كلام قديم معاد؛ فالرجل لا يستطيع تطوير إمكانياته في تصريحاته، وأعتقد أنه يخسر أوراقه خاصة بعد هزيمته في معركة طرابلس ومحاولته الأهم بث الفتنة في المنطقة الغربية بين باشاغا والدبيبة وآخرين. وأعتقد أن الوقت ليس في صالحه، لا سيما بعد أن أدين مؤخرا في أمريكا بأنه مجرم حرب، حتى وإن كان الحكم مدنيا، ولكنه يعتبر سابقة وسوف يؤسس لما بعده.

وبالتالي لا أهتم كثيرا بتصريحات حفتر التي يحاول من خلالها إبقاء نفسه في المشهد السياسي الليبي، لأن بقاءه مرهون بإمكانياته للقيام بحروب وتحركات عسكرية، وهذا ما لم يعد قادرا عليه بعد هزيمته الأخيرة، ولذا لا أضع أي وزن لأي تصريح يقوله هنا أو هناك.

أخيرا.. ما استشرافك لما ستؤول إليه الأوضاع مستقبلا؟


أؤكد لكم مُجددا أن كل محاولات التمديد والمراوغة سوف يضغط عليها العامل الاقتصادي الذي يعاني منه الشعب الليبي، والذي بدا هو المحرك للأحداث في الآونة القريبة، والذي أعتقد أنه سوف يتطور إلى حراك شعبي لن يسمح ولن يعطي فرصة لهذه الأجسام المتلاعبة للبقاء بشكل أطول من ذلك، وعندها لن يكون هناك حل إلا الذهاب للانتخابات، وما حدث في عام 2014 أكبر شاهد على ذلك عندما كان هناك ضغط شعبي كبير لم يجد السياسيون في تلك المرحلة بدا إلا الذهاب إلى انتخابات، وبالتالي أعتقد أن السنة القادمة حبلى بالأحداث الهامة التي قد تكون نقطة الارتكاز لتحول سياسي إيجابي في المستقبل القريب بإذن الله.

 

التعليقات (0)