تسود حالة من التوتر والاحتقان في محافظة
حضرموت، كبرى محافظات
اليمن، شرقا، بعد قرارات مثيرة أصدرها الرجل الأول في
سلطاتها، بإيقاف مسؤولين بينهم وكيل المحافظة في الوادي والصحراء، متجاوزا
صلاحياته الممنوحة وفق الدستور.
وكان اللواء فرج البحسني، محافظ حضرموت، والذي
يشغل منصبين آخرين، هما قائد المنطقة العسكرية الثانية، وعضو في المجلس الرئاسي،
قد أصدر قرارات بإيقاف وكيل المحافظة في الوادي والصحراء، عصام الكثيري، ومدير عام
شركة النفط هناك، إضافة إلى وكيل نيابة ساحل المحافظة، شاكر بن محفوظ.
كما وجه مديري مديريتي الأمن في الساحل والوادي
بمنع المسؤولين السابقين من دخول مقراتهم، وهو ما يفتح الباب أمام مرحلة جديدة من
الصراع في منطقة الوادي والصحراء، بعد إعلان أكبر تكتل قبلي وسياسي رفضه لقرارات
البحسني.
وأعلنت مرجعية قبائل حضرموت رفضها لقرار البحسني،
الذي قضى بإيقاف وكيل المحافظة لشؤون مديريات الوادي والصحراء عصام الكثيري.
"نرفض القرار"
وقالت المرجعية، وهي تكتل قبلي
وسياسي في منطقة الوادي وعاصمتها، مدينة سيئون، في بيان لها، الأربعاء، إن قرار
البحسني "غير قانوني كون منصب الوكيل معين بقرار جمهوري صادر من رئيس
الجمهورية.
وأكد البيان على تمسك المرجعية ببقاء الكثيري
في منصبه "لما لمسه أبناء حضرموت من أعمال تنموية، ومشاريع خدمية، وخطط طموحه
للنهوض بالوادي والصحراء في شتى المجالات".
وأشارت إلى وقوفها مع كل المطالب الحقوقية
بالوادي والصحراء، وفي مقدمتها نصيب الوادي من حصة مبيعات النفط والمقدرة بـ50 %
من حصة المحافظة وإيرادات منفذ الوديعة البري مع السعودية، وإيداعها في البنك
المركزي في سيئون، كبرى مدن الوادي الحضرمي.
وطالبت مرجعية قبائل حضرموت، المجلس الرئاسي
بالتدخل العاجل لإيقاف هذا القرار؛ حفاظاً على الاستقرار الحاصل في مديريات الوادي
والصحراء، وفي حضرموت بشكل عام.
كما حذرت في الوقت ذاته من دخول المحافظة في
نفق مظلم، داعية جميع المكونات الحضرمية والشخصيات إلى موقف موحد لرفض القرار، لما
فيه مصلحة حضرموت والوطن عامة.
ولم يقدم اللواء البحسني مبررات حقيقية لقرار
إيقاف الكثيري والمسؤولين الآخرين، بل أرجع ذلك إلى ما اسماها "خروقات"،
وهو أمر أحاط القرار بالغموض والريبة في الشارع الحضرمي.
"مطالب وحقوق"
وفي هذا السياق، قال عبدالهادي التميمي، الوكيل
المساعد لشؤون مديريات الوادي (في حضرموت)، إن قرارات اللواء البحسني بإيقاف
المسؤولين غير قانونية.
وأضاف التميمي في تصريح خاص
لـ"عربي21" أن الكثيري، وهو وكيل المحافظة للشؤون الوادي والصحراء الذي
استهدفه قرار البحسني، سيواصل أعماله في مدينة سيئون.
وأكد المسؤول اليمني أن الخروقات التي أوردها
البحسني بحق "الكثيري" دون أن يذكرها، هي محاولة منه للهروب إلى الإمام،
وهي عبارة عن الحقوق والمطالب التي يطالب بها الوكيل الكثيري لمديريات الوادي
والصحراء.
وأرجع الوكيل التميمي قرار إيقاف
"الكثيري" إلى مقابلته الرئيس (في إشارة للعليمي)، ومطالبته بحقوق وادي
حضرموت، إضافة إلى زيادة توليد الطاقة الكهربائية فيها، ودعم مدير عام مديرية
الأمن في الوادي"، والتي ربما أثارت حفيظة البحسني وحشرته في زاوية حرجة، وجعلته يتخذ مثل هذا القرار.
وأطلقت جهات يمنية اتهامات بالفساد والعبث
بإيرادات المحافظة بحق البحسني، وهو أمر ساهم في تردي الأوضاع المعيشية والخدمية
في محافظة حضرموت، التي شهدت في الأشهر الأخيرة احتجاجات شعبية مناوئة له، ومطالبة
بتحسين وضع المحافظة التي تشكل ثلثي مساحة البلاد.
وفي مايو/ أيار الماضي، أوقف رئيس المجلس
الرئاسي، رشاد العليمي، قرارات أصدرها عضو المجلس، البحسني، بتعيين مديرين لمديرية
الأمن في الساحل والوادي التابعين للمحافظة، كونه ليس مخولا بتعيينات كهذه، التي
هي من صلاحيات وزير الداخلية، إبراهيم حيدان.
لكن الأمر انتهى بالتوافق على تمرير القرارين،
منعا لتحول مسار عمل المجلس الرئاسي، الذي يعد البحسني عضوا فيه، والمشكل في أبريل/ نيسان الماضي -كما رأى معلقون
سياسيون يمنيون- من التنافس والتشارك إلى الصراع، بعدما تنامت ملامح التنافر
والاشتباك الداخلي في بنية سلطة المجلس الجديدة.