مع بدء دولة
الاحتلال التنقيب عن
الغاز الطبيعي في المياه الإقليمية في الساعات الأخيرة، من
الواضح أن وزيرة الطاقة
الإسرائيلية كارين الهرار قررت إجراء تغيير كامل في
اتجاهات العمل، من خلال فتح إجراء تنافسي للبحث عن الغاز الطبيعي، وفي الخلفية
توجد الأزمة الاقتصادية في أوروبا، ومحاولة تقليل الاعتماد على الغاز الروسي.
يتزامن ذلك مع
إعلان الاحتلال عن فتح إجراء تنافسي رابع لامتيازات التنقيب عن الغاز الطبيعي في
المياه الاقتصادية الفلسطينية المحتلة، رغم قرارها السابق بتجميد التنقيب عن الغاز
في البحر المتوسط حتى نهاية العام، من أجل التركيز على تعزيز الطاقات المتجددة،
لكن هذا التغيير جاء بعد مناقشات مع وزيري الخارجية يائير لابيد والمالية أفيغدور
ليبرمان، اللذين أدركا الأهمية الاستراتيجية والاقتصادية لتطوير احتياطيات إسرائيل
من الغاز الطبيعي في هذا الوقت، حيث تمر أوروبا بأزمة طاقة متنامية منذ اندلاع
الحرب في أوكرانيا.
ريكي مامان،
الكاتبة في صحيفة
مكور ريشون، ذكرت في مقال ترجمته "عربي21" أن
"القرار الإسرائيلي الجديد أتى عقب اتخاذ الاتحاد الأوروبي قرارا بتنويع
مصادر الغاز الطبيعي، وتقليل الاعتماد على الغاز الروسي، ولذلك لجأوا لإسرائيل
لهذا الغرض، رغم أن مكتب الوزيرة يدعي أن القرار اتخذ من قبلها بعد أن قدم لها
المتخصصون في الوزارة الإنجازات في مجال الطاقات المتجددة، وبعد مراجعات مكثفة
لاقتصاد الغاز الطبيعي في إسرائيل".
وأضاف أن
"المحادثات التي أجرتها الوزيرة مع مفوضة الطاقة في الاتحاد الأوروبي ووزراء
الطاقة الأوروبيين، أسفرت عن أننا أمام قناة جديدة ومستقرة، وبالتالي تم طرح قرار
فتح العطاء للتنقيب في عدة مناطق في وقت واحد، ويمكن أن يؤدي اكتشاف خزان آخر
للغاز الطبيعي لتعزيز موقع إسرائيل الجيوسياسي، وزيادة المنافسة المحلية، وخفض
الأسعار في السوق المحلية، وتعزيز أمن الطاقة، مع أن ضمان إسرائيل للطلب المرتفع
من أوروبا يعني مدخولات عالية في المستقبل المنظور".
ودفعت هذه
التطورات وزارتي المالية والخارجية في دولة الاحتلال لدفع هذه القضية، مع بدء أزمة
الطاقة الأوروبية، واندلاع حرب أوكرانيا، ما جعل روسيا تفرض أسعارها للغاز
الطبيعي، ونتيجة لذلك ارتفعت رسوم الكهرباء ونفقات الطاقة، وتحولت العديد من الدول
الأوروبية في السنوات الأخيرة لتوليد الكهرباء من الطاقات المتجددة، لكنها
بطبيعتها ليست مستقرة بدرجة كافية، وفي بداية الشتاء وجدت أوروبا نفسها تعاني من
اعتماد كبير على الغاز الروسي، وعدم وجود مصادر بديلة.
وتؤكد الأوساط
الاقتصادية الإسرائيلية أن الحرب في أوكرانيا أدت إلى تفاقم أزمة الطاقة في أوروبا، ما شكل مصدر دخل جديدا لدولة الاحتلال، فقد ارتفعت أسعار الكهرباء في المملكة
المتحدة بنسبة 54 في المئة، وفي السويد بنسبة 58 في المئة، وفي بلجيكا بنسبة 27
في المئة، وفي إيطاليا بنسبة 31 في المئة، وفي ألمانيا بنسبة 28 في المئة،
وأوضحت بعض الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي أنه في مواجهة أزمة الطاقة الحادة،
سيتعين عليهم العودة لتوليد الطاقة باستخدام الفحم.
بالتوازي مع هذا
القرار، قررت الوزيرة الإسرائيلية ألهرار تجميد مناقصات التنقيب عن الغاز مقابل
التركيز على تعزيز الطاقة المتجددة، لكن أزمة الطاقة العالمية شكلت فرصة لإسرائيل
لتصدير الغاز الطبيعي لتعويض ما تعانيه أوروبا، وهو ما وجّه مدير عام وزارة الطاقة
ليئور شيلات لربط القرار بما يحدث في العالم من أحداث جيو-سياسية، وأزمة الطاقة
العالمية، ما ترك تأثيره المباشر تماما على أحوال أسواق الطاقة، والعديد من
الاتفاقيات التي كانت واضحة بحلول نهاية فبراير 2022 تغيرت تمامًا.
وزير الطاقة
الإسرائيلي السابق يوفال شتاينتس رحب بالقرار، بزعم أنه يشكل فرصة ذهبية أمام دولة
الاحتلال كي تصبح من موردي الطاقة لأوروبا، ضمن إطار عمل ثلاثي بين الاتحاد
الأوروبي ومصر وإسرائيل، ما سيسمح لشركات الغاز الطبيعي بالتوقيع على اتفاقيات
تجارية تسمح بتصدير الغاز الطبيعي إلى مصر، ومن هناك إلى أوروبا.
مع العلم أنه
يمكن لإسرائيل تصدير الغاز إلى أوروبا بعدة طرق بجانب مصر والأردن، من خلال خط
أنابيب غاز إلى تركيا، المتصل بالفعل بأوروبا، ما يعزز العلاقات الدبلوماسية
الإسرائيلية التركية في الآونة الأخيرة، انطلاقا من تزايد مصالحهما المشتركة.