صحافة دولية

NYT: مع تراجع الديمقراطية بتونس.. انهيار اقتصادي يهدد البلاد

ذكرت الصحيفة الأمريكية أن تونس كانت قصة نجاح شهدها العالم لعقد من الزمان - رئاسة تونس على فيسبوك
ذكرت الصحيفة الأمريكية أن تونس كانت قصة نجاح شهدها العالم لعقد من الزمان - رئاسة تونس على فيسبوك

سلطت صحيفة نيويروك تايمز الأمريكية، في مقال لها، الضوء على الأزمة السياسية و الاقتصادية التي تشهدها تونس، ذلك البلد الذي كان يوصف لسنوات خلت بأنه تجربة ديمقراطية لا مثيل لها في العالم العربي.

 

وذكرت الصحيفة الأمريكية أن تونس كانت لعقد من الزمان، قصة نجاح شهدها العالم بعد ثورة شعبية ناجحة أطاحت بنظام الرئيس زين العابدين بن علي، وامتدت لدول أخرى لما عرف باسم "الربيع العربي"، لكن حاليا يلوح في الأفق  انهيار اقتصادي تزامنا مع استمرار تفكك الديمقراطية الناشئة وسط حالة من الجمود السياسي في البلاد.


كما ذكّرت الصحيفة بأن التجربة الديمقراطية في تونس نجت خلال عامي 2013 و2014 من الأزمة السياسية واستمرت في التقدم بثبات بينما تلاشت ثورات عربية أخرى ودخلت في حروب أهلية أو انقلابات أو حملات قمع.


ولفتت إلى أن الدستور الجديد والانتخابات الحرة النزيهة فشلت في توفير الخبز والوظائف والكرامة التي هتف بها التونسيون، لتندفع البلاد نحو كارثة، فاقتصادها منهك بسبب سوء الإدارة والوباء والحرب في أوكرانيا.


وفي 25 تموز/ يوليو، أقال الرئيس التونسي، قيس سعيد، رئيس الوزراء وعلق البرلمان الذي تسيطر عليه حركة النهضة ذات الخلفية الإسلامية، ومنذ ذلك الحين عزز حكم الرجل الواحد، حيث ألغى سعيد الدستور والسلطة التشريعية واستقلال القضاء والنظام الانتخابي في البلاد.

 

وأشارت الصحيفة الأمريكية إلى أن تلك الأحزاب والمنظمات التي قادت البلاد إلى الخروج من الأزمة السياسية الكبيرة الأخيرة لم تفعل شيئًا أكثر من إصدار بضع بيانات تحذيرية.


وفي تموز/ يوليو، قال الكثير من التونسيين إن "الدكتاتورية لا يمكن أن تحدث" في البلاد، وفقا للصحيفة.


وقالت أستاذة سياسة الشرق الأوسط بجامعة نيويورك في أبوظبي والمتخصصة بالشؤون التونسية،مونيكا ماركس، إن "المجتمع المدني حيوي للغاية، لكن ذلك حدث بسرعة كبيرة".


وأشارت إلى أن الأمر يتجاوز أن تكون الديمقراطية مهددة في تونس، بل "إن الديمقراطية التونسية أصيبت في الرأس"، متسائلة: "لماذا لا يفعلون أي شيء الآن؟".


قال رئيس تحرير موقع "نواة" الإخباري، ثامر مكي، الذي كان معارضا للنظام القديم: "لم يكن الأمر كما لو كنا نعيش في نوع من الجنة الديمقراطية".

 

اقرأ أيضا: تصاعد خطاب العنف السياسي بتونس.. إلى أين يتجه المشهد؟


"من نحاسب؟"


وقبل الاستفتاء المقرر إجراؤه في تموز/ يوليو، سيسعى سعيد للحصول على الموافقة الشعبية على إعادة صياغة دستور 2014 وتعزيز الرئاسة، حيث هدد بحل الأحزاب السياسية بالكامل، مما أثار بعض أشد الانتقادات حتى الآن من قبل هيئات الرقابة المدنية والمعارضة.


قال مكي: "لا أحد يريد العودة إلى 24 تموز/ يوليو، ولا أحد يريد الذهاب إلى 26 تموز/يوليو، بعد كل ما فعله قيس سعيد".


إلى ذلك، دعا الاتحاد العام التونسي للشغل، سعيّد "للشروع فورا" في إجراء حوار وطني اعتبر أنه "قارب النجاة الأخير" لتجاوز الأزمة الاقتصادية والسياسية التي تعيشها البلاد.


وحذّر الأمين العام للاتحاد، نور الدين الطبوبي، خلال خطاب بمناسبة عيد العمال الأسبوع الماضي من أن "حالة الضبابية والتفرد السائدة حاليا" تهدد بأن "تزيد الوضع سوءا وانسدادا للآفاق وتسارعا لحالة الانهيار"، وفق ما نقل عنه موقع جريدة "الشعب" الصادرة عن المنظمة.


وبعد يوم واحد، قرر سعيّد تشكيل لجنة تُسند إليها مهمة إدارة حوار وطني، استثنى منه الأحزاب المعارضة.

 

ومن خلال هذه الخطوة، يحاول رئيس تونس الخروج من مأزق سياسي تشهده البلاد، إذ يرى خصومه السياسيون في الإجراءات الأخيرة التي قام بها "استبدادا وانقلابا على الدستور".


ووسط كل هذه الاضطرابات السياسية، أصبحت الحكومة غير قادرة بشكل متزايد على دفع رواتب موظفي القطاع العام، بينما توقفت المفاوضات بشأن خطة إنقاذ من صندوق النقد الدولي.


وأدى نقص المواد الغذائية الأساسية مثل الدقيق، الذي تفاقم بسبب الحرب في أوكرانيا إلى دفع الأسعار إلى ما هو أبعد مما يستطيع الكثيرون تحمله.


وأعلنت الحكومة مؤخرا أنها سترفع أسعار الوقود للمرة الثالثة هذا العام وذلك بعد ارتفاع أسعار النفط في الأسواق الدولية.


قالت نزيهة كرير، 44 سنة، عاملة تنظيف منزلي، "نحن نأكل نصف كمية الخبز الآن"، مضيفة أن "البلاد أصبحت أسوأ وأسوأ" في عهد سعيد.


وتظهر استطلاعات الرأي أن نسبة تأييد الرئيس سعيد تتراجع على الرغم من أنه لا يزال حتى الآن أكثر زعيم موثوق به في تونس، وفقا للصحيفة الأميركية.

 


قال الناشطة الحقوقية، نورس الزغبي الدوزي، "لا توجد حكومة حقيقية ولا برلمان.. من هو الذي نذهب إليه الآن؟ من يمكننا أن نحاسب؟".


ويتطلع أحمد نجيب الشابي، وهو زعيم معارض علماني، إلى بناء تحالف مناهض لسعيد بالشراكة مع حركة النهضة.


وقال الشابي: "أحاول إيجاد أرضية مشتركة مع النهضة لأننا يجب أن نتطلع إلى الأمام وليس إلى الوراء".

 

وأشار إلى أن التونسيين سيضطرون على الأرجح إلى قبول مشاركة النهضة في أي نوع من الحل السياسي.


وتوقع أنه إذا كانت الكارثة الاقتصادية تلوح في الأفق، "فلن يكون أمام الناس الكثير من الخيارات".


التعليقات (2)
عابر سبيل
الأحد، 08-05-2022 03:29 م
إن السياسيون والحكام كالنمل، الذي يرى الصغائر ولا يرى الكبائر ! جورج أورويل
عابر سبيل
الأحد، 08-05-2022 03:13 م
الشعب الذي ينتخب الفاسدين والانتهازيين والمُحتالين والناهبين والخونة، لا يعتبر ضحية بل شريكاً في الجريمة ! جورج أورويل