هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
للمرة الثانية منذ آذار/ مارس الماضي، أعلن البنك الفيدرالي الأمريكي، الأربعاء، رفع سعر الفائدة على الدولار الأمريكي بمقدار نصف بالمئة، في زيادة تمثل أعلى نسبة للفائدة على الدولار منذ حوالي ٢٢ عاما، فيما سيدفع بها القرار إلى نطاق يتراوح بين (0.75 بالمئة-1 بالمئة).
ولأن الزيادة البالغة 50 نقطة أساس هي أكبر زيادة أنشأتها اللجنة الفدرالية للسوق المفتوحة التي تحدد معدل الفائدة منذ آيار/ مايو 2000، فإن آثارها تشغل الأوساط الاقتصادية والسياسية بجميع بلدان العالم وخاصة مصر التي تعاني أزمة مالية واقتصادية مع تضخم ديونها وأعباء خدمة الدين.
ويرى الخبراء أن هذه الزيادة تزيد من الضغوط على اقتصاديات الدول النامية، وتزيد تكلفة الاقتراض وخدمة الديون، خاصة للدول التي لديها حجم دين خارجي كبير مثل مصر والتي سجلت أكثر من 145.5 مليار دولار، بنهاية الربع الثاني من (2021/2022)، وفق إعلان البنك المركزي 19 نيسان/ أبريل الماضي.
وإثر قرار الاحتياطي الفيدرالي في آذار/ مارس الماضي رفع معدل الفائدة بمقدار ربع نقطة مئوية، للمرة الأولى منذ عام 2018، وسط توقعات برفع الفائدة 6 مرات في 2022، رفع المركزي المصري في 21 آذار/ مارس الماضي أسعار الفائدة بمقدار 100 نقطة أساس، أو ما يعادل الـ 1 بالمئة، وخفض قيمة الجنيه بنحو 14 بالمئة.
وأكد مراقبون أن من توابع القرار الجديد للفيدرالي الأمريكي تعرض العملات الأخرى لمزيد من الضغط مما سيضطر بعض البنوك المركزية لرفع سعر الفائدة أيضا على عملاتها، وتخفيض قيمة الجنيه وهو الأمر المؤكد تكراره من قبل الحكومة المصرية.
وتوقع خبراء تخفيض قيمة العملة المصرية لتصل ما بين 22 و25 جنيها مقابل الدولار خلال أيام، مؤكدين أنها رغبة صندوق النقد الدولي الذي تفاوضه القاهرة بشأن قرض جديد منذ 21 آذار/ مارس الماضي دون تقدم حاسم في المفاوضات.
اقرأ أيضا: المركزي الأمريكي يرفع "الفائدة" وبنوك خليجية تتبع الخطوة
"وضع بالغ السوء"
وفي رؤيته، قال الخبير الاقتصادي والإستراتيجي، علاء السيد: "نعم مصر على أعتاب رفع جديد للفائدة الأحد المقبل، في قرار من المركزي المصري مرة أخرى، مع أول أيام عمل له بعد عيد الفطر".
وفي حديثه لـ"عربي21"، توقع أيضا "حدوث تخفيض ثالث لقيمة الجنيه"، معتقدا أن "قيمته أمام الدولار ربما تصل من 22 إلى 25 جنيها، وربما لا تستطيع الدولة ضبط حركة الجنيه أمام الدولار فينخفض أكثر مقتربا من 30 جنيها".
السيد، أكد أن "هذه تعليمات صندوق النقد الدولي، وهي سبب تعثر مفاوضات الحصول على قرض جديد، لأنه بحسب شروط الصندوق فإن ترك الجنيه وفقا لآليات السوق ربما تذهب به مقابل الدولار لنحو 25 جنيها وربما 30 جنيها، إذا تُرك التقييم بدون إدارة المركزي وآليات السوق".
وأشار إلى أن "الجنيه ضعيف، والناتج المحلي ضعيف، وحركة الاقتصاد متباطئة؛ وهذا يؤثر على القيمة الحقيقية للجنيه، ولولا إدارة البنك المركزي لسعر الجنيه لانخفض لنحو 25 جنيها منذ سنوات".
ولفت الخبير المصري إلى أن الخطوات المحتملة من المركزي المصري "تؤثر في زيادة التضخم، والأسعار، والفاتورة كالمعتاد يدفعها الشعب، في ظل تضخم ركودي أو ركود تضخمي بمعنى وجود البضائع وتوفرها بالسوق ولكن المستهلك لا يستطيع شراءها لارتفاع أسعارها وضعف قدرته الشرائية".
وبين أنه برغم أن "التضخم عكس الركود إلا أن أسوأ الأوضاع الاقتصادية هي الركود التضخمي بمعنى وجود تضخم وركود معا وهذا الحاصل الآن بمصر، ما يزيد من معاناة الشعب والضغط على جيبه وميزانيته"، مؤكدا أن جميع ذلك "بفعل الخطايا الاقتصادية للحكومات منذ 2013".
اقرأ أيضا: المركزي الأمريكي يثبت أسعار الفائدة.. ويلمح لرفعها في مارس
ويرى السيد أن "مصر ستفعل كل ما في وسعها لإعادة اجتذاب المال الساخن مرة أخرى لجسد الاقتصاد ولكن دون جدوى، لأنها وفقا لآخر الدراسات الاقتصادية المنشورة هي الخيار الأخير لصناديق الاستثمار التي تتعامل في المال الساخن وتأتي روسيا قبلها بالمرتبة قبل الأخيرة".
وأوضح أنه رغم "الظروف الاقتصادية بالغة السوء سترفع مصر سعر الفائدة وتخفض قيمة الجنيه، وربما تضيف المزيد من الأصول لصندوق مصر السيادي، وتلوح بالتنازل عن أصول وبيع المزيد من الشركات، ولكنها لن تفلح باستقطاب أموال جديدة ساخنة للعمل في شراء سندات وأذون الخزانة".
وختم بالتأكيد على أن "هذا يؤدي لإعلان مصر قريبا عدم قدرتها على سداد القروض الأجنبية، وهذا معناه إعلان رسمي بالإفلاس كما يتحدث العامة، ولكن لأن الدول لا تفلس، إلا أن عدم القدرة على سداد الديون الخارجية يسمى مجازا إفلاسا للدولة".
"آثار سلبية"
وعن النتائج المحتملة لرفع الفيدرالي الأمريكي سعر الفائدة للمرة الثانية منذ آذار/ مارس الماضي على الاقتصاد المصري، يعتقد الخبير الاقتصادي المصري الدكتور عبد النبي عبد المطلب، أن "هذه الخطوة قد تجبر البنك المركزي المصري على رفع الفائدة".
وفي حديثه لـ"عربي21"، توقع أن "يقوم البنك المركزي المصري بتقديم مجموعة حوافز تضمن عدم خروج استثمارات الأجانب في أدوات الدين المصري".
وأضاف: "كما ستحاول مصر رفع سعر الفائدة بغرض المساهمة في منع خروج الأموال الساخنة من مصر، للاستفادة من الأرباح التي يوفرها رفع الفيدرالي الأمريكي لسعر الفائدة".
وفي إجابته على التساؤل: هل مصر على أعتاب قرار التعويم الثالث في عهد السيسي والثاني منذ 21 آذار/ مارس الماضي؟ قال عبد المطلب: "في اعتقادي أنه سيكون هناك تخفيض لقيمة الجنيه خلال الأيام القادمة".
واستدرك: "أما التعويم بمعناه الواسع فهذا سوف يتوقف على الالتزامات التي ستقدمها مصر أثناء المفاوضات مع صندوق النقد الدولي".
وعن آثار القرار السلبية، أوضح أنه "بالتأكيد سوف يؤدي هذا القرار إلى رفع تكاليف الحصول على الأموال من أجل الإنتاج والتشغيل والاستثمار؛ ولا شك أن ذلك سيرفع أسعار السلع والخدمات".
وفي المقابل، يعتقد الخبير المصري أن "الحكومة المصرية قد تتمكن من تقليل الأثر السلبي المحتمل لقرار رفع سعر الفائدة، وذلك من خلال توفير تمويل منخفض التكاليف للمشروعات الحيوية، والمشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر".
وختم حديثه بنظرة مطمئنة بعض الشيء، وبالقول: "كما يمكن أن تساهم الحكومة في توفير بعض من عناصر الإنتاج بأسعار جيدة، واتخاذ إجراءات لضمان عدم حدوث فوضى في الأسواق".
"رفع مؤكد للفائدة"
وتوقعت الخبيرة المالية رانيا يعقوب، أن الأسواق الناشئة ستكون الأكثر تأثرا بالقرار الأمريكي، ومن بينها مصر، "نتيجة ارتباطها بالدولار الذي يواصل ارتفاعه أمام جميع العملات بصورة كبيرة انعكاسا لهذا القرار"، متوقعة بحديثها لموقع "المصري اليوم" المحلي، زيادة المركزي المصري سعر الفائدة.
وفي حديثه لذات الصحيفة، توقع الخبير المصرفي طارق متولي، اتجاه المركزي المصري إلى رفع أسعار الفائدة ١ بالمئة بالاجتماع المقبل للجنة السياسة النقدية، في محاولة لكبح معدلات التضخم.
وتوقع الكاتب الصحفي بصحيفة "الأهرام" حمدي الجمل، أن يرفع المركزي المصري سعر الفائدة على الجنيه بمقدار 100 نقطة أساس أو أكثر قبل عودة عمل البنوك يوم الأحد القادم، ودون الانتظار لموعد اجتماع لجنة السياسات النقدية منتصف الشهر الحالي، مشيرا لاحتمالات الإعلان عن تخفيض جديد لقيمة الجنيه.