قضايا وآراء

ما وراء فوز الاعتدال وهزيمة العنصرية في فرنسا؟

أحمد القديدي
1300x600
1300x600

كانت ليلة الأحد الماضي 24 نيسان (أبريل) في باريس ليلة فارقة أوضحت البون الشاسع بين الإعتدال النسبي المنتصر الذي يمثله الرئيس إيمانويل ماكرون وبين اليمين المتطرف والعنصري المهزوم الذي تمثله مارين لوبان إبنة الضابط السابق في الجيش الفرنسي بالجزائر (جون ماري لوبان) والذي افتخر أكثر من مرة بممارسة تعذيب المجاهدين الجزائريين الذين وقعوا في أسر كتيبته من 1956 إلى 1962! 

هذه السلالة من غلاة الإستعمار ومؤسسي المنظمة السرية المسلحة الـ"أو إيه أس" هي التي خلفت وفرخت حزبا يمينيا متعصبا ما يزال ينكر إلى اليوم استقلال الجزائر والمغرب وتونس وجنوب الصحراء عن فرنسا بل يطالب باسترجاع هذه المستعمرات إلى أحضان "أمها الحنون" مهما تغيرت شعارات زعمائها نحو التلاؤم مع الأحزاب المدنية وافتعال مشاريع سياسية تبدو "بريئة ودستورية " ولكنها في الواقع تلغي الحقوق المدنية المكتسبة وتنادي بطرد أو مضايقة 5 ملايين مسلم فرنسي بحجة أن فرنسا "أم الكنيسة وأم الحملات الصليبية" مهددة في هويتها بما سموه "الإسلام الزاحف المهيمن.."!

اليوم يجدد الشعب الفرنسي ثقته في رئيسه الحالي لخمسة أعوام مقبلة لكن يجب تسجيل حقيقتين لا مناص من الاعتراف بخطرهما في انتخابات 2022 وهما: 

1 ـ تفاقم نسبة الممتنعين عن أداء واجبهم الوطني بإحصائية تاريخية بلغت 28% على الصعيد الوطني العام.

2 ـ بلوغ اليمينية القصوى نسبة تاريخية منذ نشأة حزبها وهي 43% من الأصوات مقابل 57% لماكرون. 

وهاتان الحقيقتان تستحقان التحليل الواعي: 

أ ـ استقالة نسبة كبيرة من المواطنين الفرنسيين من المشاركة السياسية وأهم سبب يقدمونه هو "صوتنا لن يغير شيئا من النتائج المتوقعة.. فالرئيس ماكرون هو رجل المنظومة السياسية والمالية الكبرى، وهي الماكينة التي تصنع الرؤساء منذ بداية تاريخ الجمهورية والثورة الفرنسية عام 1789 إلى اليوم.. وندرك بالتجربة بأننا انتخبنا أو لم ننتخب فإن الرئيس ماكرون ما دام وصل إلى الدور الثاني فهو لا محالة الفائز أمام منافسة تتقدم من 2002 إلى 2022 بشعاراتها الشعبوية لكنها لن تكون رئيسة الجمهورية الفرنسية التي نراها دائما مستندة إلى قواعدها السياسية والإقتصادية منذ عام 1958 مع عودة الجنرال ديغول للسلطة و قيام الجمهورية الخامسة". 

ب ـ ظهور مفاجئ لمترشح يميني متطرف ينافس مارين لوبان ويزايد على تطرفها بشعبوية غير مألوفه مما قلص مخزون منتخبيها وحرمها من 7% من الأصوات ذهبت إلى منافسها! وهو (إيريك زمور) الذي لم يعرفه الجمهور سوى كمحلل في القنوات وكاتب مقالات فقط وهو يعرف نفسه بكونه (من أصول أمازيغية يهودية جزائرية!) أصبح بين يوم وليلة حاميا لما يقول إنها الهوية الثقافية التاريخية للأمة الفرنسية المهددة حسب نظرياته بالإسلام والمسلمين ويقدم مشروعه للحكم في شكل شعارات جوفاء من نوع (طرد ملايين المسلمين من فرنسا وغلق المساجد وتهجير المساجين من المسلمين بعد قضاء عقوبتهم إلى بلدانهم الأصلية..)!

 

كانت ليلة الأحد الماضي 24 نيسان (أبريل) في باريس ليلة فارقة أوضحت البون الشاسع بين الإعتدال النسبي المنتصر الذي يمثله الرئيس إيمانويل ماكرون وبين اليمين المتطرف والعنصري المهزوم الذي تمثله مارين لوبان إبنة الضابط السابق في الجيش الفرنسي بالجزائر (جون ماري لوبان) والذي افتخر أكثر من مرة بممارسة تعذيب المجاهدين الجزائريين الذين وقعوا في أسر كتيبته من 1956 إلى 1962!

 



ت ـ زيادة معضلات غلاء المعيشة للمواطن الفرنسي واضمحلال طاقته الشرائية مما حول اهتمامه بالسياسة السياسوية إلى الإنخراط في الإضرابات والحركات الإحتجاجية من نوع ظاهرة "السترات الصفراء" واحتلال المصانع وتعطيل المرافق العامة مثل قطارات السكك الحديد.. ومن أهم الصعوبات الحياتية اليومية للمواطن نجد النقص في الخدمات الصحية والطبية إلى درجة احتياج فرنسا إلى 3000 طبيب و5000 ممرض (أصبحت الحكومة الفرنسية تجلبهم من بلدان المغرب العربي والبلدان الإفريقية ودول أوروبا الشرقية وحتى الهند والصين).

ث ـ ظاهرة انجذاب العمال والطبقات الكادحة إلى اليمين المتطرف وهي التي كانت تصوت للحزب الشيوعي والحزب الإشتراكي واليسار عموما.. وعرفت مارين لوبان كيف تستقطب هذه الشرائح الإجتماعية المسحوقة لأنها ركزت حملتها الإنتخابية على غلاء المعيشة وضنك العيش!  

ج ـ كان ممثل اليسار ذلك الرجل السياسي المثير للجدل (جون لوك ميلنشون) الذي حصل على المرتبة الثالثة بـ 20% من الأصوات بتشكيلة يسارية جديدة هي (فرنسا المتمردة)، وهو خطيب مثقف تاريخيا لديه ثقافة دولة ومعرفة عميقة بتاريخ الحركات اليسارية في فرنسا وأوروبا عموما. 

ح ـ لأول مرة خرج ثلاثة رؤساء حكومات أوروبية عن واجب التحفظ ودعوا إلى التصويت لماكرون وهم الأسباني والإيطالي والألماني قبل الدور الثاني في بيان مشترك نشرته صحف عديدة والسبب هو دعم ماكرون للإتحاد الأوروبي وخوفا من وصول المتطرفة لوبان عدوة الوحدة الأوروبية إلى قصر الإيليزيه. 

خ ـ لأول مرة في تاريخ فرنسا شكلت الجالية المسلمة العامل الحاسم في إختيار المرشح مما يؤكد أهمية ملايين أصوات المسلمين في الميزان الإنتخابي. 

د ـ أصبحت حركة الخضر وحماية البيئة إيديولوجية سياسية يحسب لها جميع المترشحين ألف حساب بل هي التي فازت بالأغلبية في 3 انتخابات أوروبية.


التعليقات (1)
الكاتب المقدام
الجمعة، 29-04-2022 04:20 ص
*** عنصرية مارين لوبان، لا تعني أن ماكرون هو الزعيم المعتدل لفرنسا، كما يصفه الكاتب، فذلك تدليس على القراء، فماكرون هذا هو الصبي الذي اغتصبته مدرسته، وهو في مدرسته الكاثوليكية التي تربى فيها على الحقد الصليبي المناهض للإسلام، ومعلمته التي اغتصبته وهو طفل، رغم كونها كانت زوجة وأم لثلاثة أطفال وفي سن أمه، ورغم كون ابنتها كانت زميلة فصل لماكرون، وبدلاً من أن يزج بها في السجن لجريمة الاغتصاب، فهي نفسها المرأة الحيزبون التي يحتفي بها الفرنسيون اليوم باعتبارها سيدة فرنسا الأولى، هكذا!!!... وعنصرية ماكرون طبع متأصل فيه، ومحاولة تجميل صورته القبيحة من الكاتب محاولة فاشلة، فعنصريته وفاشيته تجاه مواطنيه المسلمين الفرنسيين لا تخفى، ومن كان مثله غارق في الرذيلة التي تربى عليها، لا يطيق وجود مواطنين ومواطنات أطهار، لا يتاجرون بأجسادهن العارية، ولا يرتكبن فاحشة قوم لوط، ولا يقبلن بشيوعية العلاقات الجنسية التي أصابت نصف بنات فرنسا في المدارس بالأمراض الجنسية، وإن عمي عن ذلك الذين تربوا في حضن الإلحاد العلماني لبورقيبة، من أبناء مدرسة المأفون بورقيبة المعادية للإسلام التي خدم في بلاطها وينتمي إليها كاتب المقال، وبورقيبة هذا هو الذي كان يجاهر بعداءه للصيام في رمضان، ويفتخر بذلك علناُ، ويحض ويكره مواطنيه على عدم صيام رمضان، وكانت نهايته في حياته سوداء، بعد أن فقد عقله، وانقلب عليه واعتقله ذراعه الأيمن بن علي، الذي انتهت حياته هو أيضاُ نهاية سوداء بعد هربه بأمواله التي سرقها من التونسيين هو وزوجته إلى قصور آل سعود.