ملفات وتقارير

أسبوعان على "إضراب البدون" بالكويت.. هل تنتهي أزمتهم؟

دخل عدد من البدون في إضراب مفتوح عن الطعام منذ أسبوعين- the arab times
دخل عدد من البدون في إضراب مفتوح عن الطعام منذ أسبوعين- the arab times

دخل مجموعة ناشطين من فئة "البدون" بالكويت، أسبوعهم الثالث في إضرابهم المفتوح عن الطعام، داخل خيمة نصبوها في منطقة الصليبية بمحافظة الجهراء.

 

وأتم عدد من الناشطين البدون 15 يوما كاملة منذ بدء إضرابهم، أملا منهم في الضغط على الحكومة لإيجاد حل لأزمتهم الممتدة منذ نحو سبعة عقود.

 

ومع تجاهل النظر في طلباتهم، قال ناشطون من البدون؛ إن السلطات بدأت بإرسال رسائل تهديد بنيتها إزالة الخيمة، نظرا لعدم وجود ترخيص بنصبها.

 

بدورها، قالت منظمة "هيومن رايتس ووتش"؛ إن وضع مجتمع "البدون"، المؤلف من نحو 100 ألف شخص من عديمي الجنسية يطالبون بالجنسية الكويتية، لا يزال في مأزق قانوني، بينما تقمع السلطات نشاطهم السلمي وتعاقبه.

 

وبحسب بيان المنظمة، فإن "الجهاز المركزي لمعالجة أوضاع المقيمين بصورة غير قانونية"، وهو الهيئة الإدارية المسؤولة عن شؤون البدون، يصدر بطاقات هوية مؤقتة منذ 2011، إلا أن هذه البطاقات تشير في أحيان كثيرة إلى أن حاملها لديه الجنسية العراقية، أو السعودية، أو الإيرانية، أو غيرها.

 

استنفاد للخيارات

 

الناشط المشارك في خيمة الإضراب يوسف الباشق، قال في حديث لـ"عربي21"؛ إن اللجوء لهذا الخيار جاء بعد استنفاد السبل القانونية كافة، دون الحصول على أي نتيجة إيجابية.

 

الباشق الذي يعمل كفنّي في مجال تركيب الطاقة الشمسية، قال؛ إن أزمة البدون التي تعود منذ تأسيس الدستور في 1961 لا تزال الحكومة عاجزة عن إيجاد حل لها.

 

وأضاف أن "الجهاز المركزي يدعي أننا نخفي جنسيات أخرى، ويجبرنا على التوقيع على ذلك، والإشكالية أننا لا نستطيع اللجوء للقضاء للرد على هذه الاتهامات؛ بسبب عدم امتلاكنا هويات وطنية".

 

بدوره، قال الحقوقي عبد الله الفضلي، أحد الناشطين في قضية "البدون"؛ إن تجاهل شمل البدون في قانون الجنسية يعود لأسباب "عنصرية بحتة".

 

وتابع في حديث لـ"عربي21"، أن "البدون في الكويت لم يكلوا أو يملوا طوال سنوات في المطالبة بالمواطنة، برغم اعتقال وسجن العشرات منهم، والتنكيل بأهالي الناشطين، والتضييق عليهم حتى في أرزاقهم".

 

وأضاف أن "الإضراب وسيلة من وسائل الاعتراض على سياسة الدولة في هذا الملف"، مشيرا إلى أن "الجهاز المركزي" الذي وُجد لحل الأزمة، زادها تعقيدا بعد 12 عاما من تأسيسه.

 

اقرأ أيضا: "لن يمرّ".. لماذا يلقى "قانون البدون" بالكويت رفضا واسعا؟

 

"تعثّر وإهمال"

 

وحول الخطوات الرسمية التي قامت بها الحكومة ورئيس مجلس الأمة مرزوق الغانم خلال العامين الماضيين بهدف إيجاد حل للقضية، قال الباشق؛ إنه "لا يوجد أي نتائج لهذا التحرك لا سلبا، ولا إيجابا".

 

وكان مسؤولون كويتيون التقوا خلال العامين الماضيين نظراء لهم في العراق بهدف إيجاد حل لفئة من البدون، التي تعود أصولها للعراق بحسب "الجهاز المركزي" الذي تأسس بمرسوم أميري في العام 2010، بيد أن الجهود كافة تعثرت دون التوصل إلى حل.

 

وذكر الباشق أن جميع السفارات العربية تؤكد أن بدون الكويت ليسوا من رعاياها، وذلك ردا على قول الحكومة؛ إن نسبة كبيرة من البدون تعود أصولهم إلى العراق، ودول عربية أخرى.

 

وأكد الفضلي هذه الرواية، قائلا؛ إن "الجهاز المركزي راسل جميع الدول المجاورة لدولة الكويت، في محاولة يائسة منه لإثبات انتمائهم لها، ولكن دائما يأتي الرد من تلك الدول (ليسوا من رعايانا)".

 

ولفت الباشق إلى أن مجلس الأمة الحالي هو الأقل فعالية بالنسبة لقضية البدون، مضيفا: "للإنصاف أكثر، فإن قضية البدون لم تطرح لا في هذا المجلس ولا في المجالس التي قبله".

 

ورأى أن بيانات المنظمات الحقوقية التي تدين سلوك الكويت تجاه البدون، وآخرها بيان هيومن رايتس ووتش، هي مجرد ضغوطات إعلامية لن تجبر الحكومة على المضي قدما في حل القضية، لا سيما أن الكويت من الدول المانحة.

 

 

حرمان من الأساسيات

الناشط عبد الله الفضلي، قال؛ إن "الكويتيين البدون محرومون من التعليم بسبب شرط وجود شهادة الميلاد، أو بطاقة مدنية صالحة، وهي التي ترفض الحكومة من الأساس استخراجها لهم".

 

وتابع أن الحرمان يطال حق الحصول على الرعاية الصحية، إذ ترفض وزارة الصحة علاجهم؛ كونها لا تعتبرهم مواطنين، ولا يملكون ضمانا صحيا كالوافد المقيم.

 

ولفت إلى أن "الكويتيين البدون محرومون من حقهم في التنقل واستخراج جواز السفر"، مستشهدا بحالة الطفل براك حسين، الذي حاول والده نقله للعلاج في السعودية على نفقته الخاصة، وتمكن من ذلك أخيرا بعد جهود مضنية.

 

ولخص الفضلي حالة البدون في الكويت بأنهم "يعانون من إبادة جماعية متعمدة وممنهجة من قبل الحكومه".

 

وأضاف أن "حل قضية البدون بيد السلطه السياسية؛ لأن حرمانهم من حقهم في المواطنة سياسي"، متابعا: "نحن لسنا لاجئين".

 

ولفت إلى أن "المستفيد الأول من عدم حل قضية البدون هم التجار، ورؤوس الأموال في الدولة؛ لاستخدامهم كأيدٍ عاملة محلية رخيصة الثمن، بسبب تدني أجورهم وقبولهم لهذا الأمر بسبب الحاجة الملحة".

 

"إخفاء الجنسيات"

 

يتهم معارضو حق البدون بالحصول على الجنسية، أفراد هذه الفئة بإخفاء جنسياتهم الأصلية، لا سيما من تعود أصوله فيهم إلى العراق، وسوريا.

 

النائب في البرلمان خالد حسين الشطي، ذكر في مقال صحفي سابق، أن "هناك إخفاء متعمّدا لبعض الوثائق من البدون، الذين لا تنطبق عليهم شروط استحقاق الجنسية".

وقال الشطي؛ إن البدون المستحقين للجنسية هم من ضمّهم إحصاء سنة 1965، ومع إقراره بسقوط عدد من الأسماء حينها بسبب التحاقهم بالقوات المسلحة أو تقاعسهم عن التسجيل لأسباب أخرى، إلا أن ثمانينيات القرن الماضي شهدت موجات نزوح إلى الكويت بتسهيل من الدولة العميقة، وتم خلطهم مع البدون، ليظهر كأنهم جميعا مستحقون للجنسية، بحسب قوله.

وتابع: "جاء على هامش هذه الخطوة التاريخية المغرقة في الإثم والخطأ، نتائج ومعطيات لا تقل خطورة عن الأصل؛ الأولى: عمليات تزوير في ملفات الجنسية، ذُكرت لها أرقام مهولة. والثانية: شريحة عريضة من المتسللين الذين تسلقوا عنوان البدون زورا، حتى لحق بهم بعض المرتزقة الذين استقدمهم تجار الإقامات، وأقحموهم في القضية، وجعلوهم جزءا من غير محددي الجنسية!".

 

التعليقات (0)