في تطور ينذر بتداعيات خطيرة على مستقبل المنطقة، وقع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على قرار يقضي بتوسيع المستوطنات في المنطقة المعروفة باسم E1، الواقعة بين القدس المحتلة ومستوطنة معاليه أدوميم.
الخطة، التي تقضي ببناء أكثر من 3,400 وحدة استيطانية، تهدد فعليًا بتقسيم الضفة الغربية إلى قسمين، ما يعزل شمالها عن جنوبها، ويقوض أي فرصة لقيام دولة فلسطينية مترابطة جغرافيًا.
ويُرسي الاتفاق الموقّع واقعًا جديدًا، حيث ستصبح معاليه أدوميم والقدس منطقةً جغرافيةً متصلة، وسيتم ضمّ القرى الفلسطينية، وستتلاشى إمكانية إقامة دولة فلسطينية في الأراضي المحتلة، فيما يضع بنيامين نتنياهو، الذي وعد سابقًا، وأكثر من مرة، بقتل حلّ الدولتين، يضع الآن حجر الأساس لدفنه.
اظهار أخبار متعلقة
شالوم يروشالمي الكاتب بموقع
زمان إسرائيل العبري، ذكر أن "احتفالات أقيمت في معاليه أدوميم يوم الخميس للإعلان عن توقيع اتفاقية شاركت فيها جميع الوزارات الحكومية والشركات ذات الصلة، تُعدّ حدثًا تاريخيًا بالفعل، بعد عقودٍ من تجنب الحكومات الإسرائيلية المساس بالمنطقة E1 التي تربط معاليه أدوميم بالقدس المحتلة، حيث يُرسي الاتفاق أسس البناء في هذه المنطقة المتفجرة، التي سيسكنها 20 ألف مستوطن خلال 10-15 عامًا، مما سيقسم الضفة الغربية إلى قسمين، ويمنع التواصل الجغرافي الفلسطيني من الشمال إلى الجنوب".
جزءٍ من صفقة القرن
وأضاف في مقال ترجمته "عربي21" أن "نتنياهو أعلن في الاحتفال أنه لن تُقام دولة فلسطينيةـ استمرارا لما أعلنه في عام 2009 خلال خطابه بجامعة بار إيلان، وفي عام 2020، وافق على هذه الدولة كجزءٍ من صفقة القرن التي أعلنها الرئيس دونالد ترامب، لكن وزراء الحكومة الذين حضروا الحفل على يقينٍ أنه لن يتراجع هذه المرة، ولعقودٍ من الزمن، سيطرت قصة البناء الاستيطاني في المنطقة الشاسعة "شرق-1"، الممتدة على مساحة 12 ألف كيلومتر مربع بين معاليه أدوميم والقدس على تفكير قادة المستوطنين".
وأشار إلى أن "عشرات خطط الضم ومبادرات البناء الاستيطاني في المنطقة تعاقبت منذ عهد حكومة إسحاق شامير أواخر الثمانينيات، لكن لم يُنفَّذ أيٌّ منها، ولم تُنشأ بؤر استيطانية في المنطقة نظرًا لحساسيتها البالغة، وتركيز المجتمع الدولي عليها، أما اليوم، فلا يوجد سوى مركز شرطة معاليه أدوميم، تحت غطاء مبنى عام لا يُشير إلى ضمّ سياسي، وطالما دار جدلٌ حادٌّ بين عناصر اليمين الذين يسعون لمنع قيام دولة فلسطينية، ويُمهِّدون الطريق لحربٍ أبدية في المنطقة، وبين عناصر اليسار الذين يُؤمنون بأنها الحل الوحيد للصراع".
مخطط تأخر لمدة 35 عامًا
ونقل عن "زئيف هيفر، أحد قادة المشروع الاستيطاني بالضفة الغربية، الذي حضر الفعالية، أن القدس المحتلة متصلة بمستوطنة معاليه أدوميم، وأن الحي الجديد يحيط بقرية الزعيم على طول الطريق، محولاً إياها لجزيرة فلسطينية داخل القدس، وهنا مفارقة أخرى، لأن المستوطنين، حسب قوله، يستولون على قرية فلسطينية خارج الجدار الفاصل، ويمكن ضمها إليهم، ويجلب آلاف الفلسطينيين لأراضي القدس الخاضعة للاحتلال".
وأضاف أن "نتنياهو، الذي طالما كان قلقاً بشأن الديموغرافيا، وتجنب بسط السيادة على الضفة الغربية، سخر خلال الحفل ممن لا يزالون يطلقون على "يهودا والسامرة" اسم "الأراضي المحتلة"، مع أنها أراضي محتلة بالفعل، لكن نتنياهو زعم أن يوشع بن نون احتلها، مما جعل الوزير بتسلئيل سموتريتش، الجالس بجانبه على المنصة، يشعّ فرحًا، وهكذا تسير الأمور بسرعة قياسية، وبالنسبة لمعارضي الخطة فهذه سرعة مُقلقة بالطبع، وما تأخر لمدة 35 عامًا يحدث الآن كما لو أنه لا يوجد غد".
نعش لحل الدولتين
وأشار أنه "قبل ثلاثة أسابيع فقط، وافقت الحكومة على خطط البناء في منطقة E1، والتي تضم 3400 وحدة استيطانية، ما دفع 21 دولة حول العالم لتوقيع بيان مشترك ضد القرار، من أستراليا واليابان إلى فرنسا والدنمارك، باستثناء الولايات المتحدة بالطبع، وأعلن متحدث باسم وزارة خارجيتها أن البناء في E1 ليس من أولويات الإدارة، فيما أيّد سفيرها في تل أبيب، مايك هاكابي، الخطة فورًا، زاعما أنه "كيف لا نبني في أراضي وطننا"، أما غاي يفراح، رئيس بلدية معاليه أدوميم فاعتبر أن البناء في المنطقة E1 نعش لحل الدولتين".
اظهار أخبار متعلقة
وكشف أن "أربعة رؤساء حكومات سابقين: إسحاق رابين، أريئيل شارون، إيهود أولمرت، ونتنياهو نفسه، أرادوا الترويج للبناء الاستيطاني في المنطقة، لكن رد الفعل الدولي منعهم، وتعهدوا للأمريكيين بتأجيل جميع الخطط، خاصة وأن هذا البناء يربط مستوطنة معاليه أدوميم بمساحتها الشاسعة والمستوطنات المحيطة بها بالقدس المحتلة، ويقطع الضفة الغربية إلى قسمين، كما اتضح أن المستوطنة ستتّسِع شرقًا وجنوبًا مع حيّيّْن ضخمين آخرين بموجب الاتفاقية الشاملة التي وقعها نتنياهو والوزراء".
استحالة خنق الفلسطينيين
تكشف المعطيات الإسرائيلية أنه في غضون خمس سنوات، سيبلغ عدد سكان مستوطنة معاليه أدوميم 70 ألفاً، وسيتم بناء هذه الأحياء الجديدة بعد 20 عامًا من عدم توسعة المدينة، ورغم ذلك فإن المستوطنين على قناعة باستحالة خنق التطلعات السياسية للفلسطينيين تمامًا، رغم معارضة قيام دولة فلسطينية، الأمر الذي يفسح المجال للتشكيك في هذه الخطوة برمّتها، والتخوف الإسرائيلي أن تأتي حكومة جديدة تلغي هذه الاتفاقية الشاملة تحت ضغوط الرأي العام الدولي.