صحافة إسرائيلية

هجوم إسرائيلي على فشل الإعلام العبري بتغطية الهجمات

كشفت وسائل الإعلام العبرية عن هويات وشخصيات عناصر وضباط الوحدات الخاصة- إعلام عبري
كشفت وسائل الإعلام العبرية عن هويات وشخصيات عناصر وضباط الوحدات الخاصة- إعلام عبري

بجانب الخسائر البشرية التي مني بها الاحتلال بسبب العمليات الفدائية، وآخرها عملية شارع ديزنغوف وسط تل أبيب، فقد ظهرت أضرار أخرى ليست أقل خطرا تمثلت بكشف هويات وشخصيات عناصر وضباط الوحدات الخاصة أمام وسائل الإعلام وكاميرات الصحفيين، بل وعموم الإسرائيليين، لأنه بعد وقت قصير من الهجوم في تل أبيب، هرعت مجموعة متنوعة من الوحدات الخاصة في الجيش وجهاز الشاباك والشرطة إلى مكان العملية، ما قدم هدية مجانية لقوى المقاومة.


في الوقت ذاته، تحدثت العديد من المحافل الأمنية والاستخبارية الإسرائيلية عما اعتبرته بثاً مباشراً في النشرات الإخبارية بعد الهجوم الدامي في تل أبيب، بوصفه "هستيريًا وتاريخيًا"، لأنه أصاب في مقتل الوحدات الخاصة في الجيش، بسبب قناعتها بأنها أحدثت ضررًا أمنيًا خطيرًا للغاية.


ليلاخ شوفال الخبيرة العسكرية زعمت في مقال بصحيفة "إسرائيل اليوم" العبرية، ترجمته "عربي21"، أنه "بعد وقت قصير من هجوم تل أبيب، عندما اتضح أن المسلح كان لا يزال يتجول بحرية، تم استدعاء لأقوى الوحدات الخاصة في الجيش للمساعدة في البحث، وسرعة التدخل في الحالات القصوى المحتملة، مثل أخذ الرهائن، بمن فيها سرب الاستطلاع في هيئة الأركان العامة، شيلداغ، الوحدات الخاصة، على اعتبار أن من انتموا لتلك الوحدات باتت وجوههم مكشوفة أمام قنوات التلفزيون، ما يعني أنها أذاعت ما هو ليس أقل من سر دولة، ويبذل الجيش والمخابرات جهودا كبيرة لإخفائه".


وأضافت أن "هذه الوحدات تعرف ما تملكه الوحدات الأخرى، لأنها سرية للغاية، لكننا فجأة رأينا كل شيء على الهواء مباشرة، وهذا ببساطة خروج على القانون، فالعدو يتعلم، وهذا يتطلب من هذه الوحدات إجراء تغييرات سريعة في وسائلها، ورغم أن أفواه الإسرائيليين تبقى مغلقة، لكن في النهاية فإن الإعلام يحرق كل شيء".

 

البروفيسور بوعاز غانور المدير العام لمعهد سياسة مكافحة الإرهاب في جامعة ريخمان، أكد في مقال بصحيفة "يديعوت أحرونوت"، ترجمته "عربي21" أن "الفوضى في إدارة الساحة الأمنية في تل أبيب،

والخطاب الأمني الفاشل، إضافة لانتشار الصحفيين المثيرين وغير المسؤولين، كل ذلك أدى لزيادة القلق العام، وتحويل الهجوم التكتيكي إلى حدث استراتيجي، ما مثل هدية مجانية للقوى المعادية التي تحاول الحصول على كل معلومة أمنية عن القوات الإسرائيلية الخاصة".


وأضاف: "نحن أمام نجاح تكتيكي للعمليات الفلسطينية، وفشل استراتيجي لوسائل الإعلام الإسرائيلية، لقد كنا في مواجهة تهديد مسلح وحيد، يحمل بندقية واحدة، وربما عدة خراطيش، وفي ظاهر الأمر لم تكن مهمة صعبة بشكل خاص، لكن واحدة من الثغرات التي لا حصر لها أن المسلح وصل إلى مركز ترفيه مزدحم، أخرج مسدسه، وأطلق النار، وأسفر عن هذه النتيجة المأساوية، ومع ذلك، فقد تسبب الإعلام الإسرائيلي بشعور الجمهور بأنهم في قلق وجودي، أثر على عشرات الآلاف من سكان تل أبيب، ومئات الآلاف من أسرهم على شاشات التلفزيون". 


ورغم الجهود الاستخبارية والعسكرية التي يبذلها جيش الاحتلال وأجهزته الأمنية لوقف العمليات الفدائية، فإن هناك قناعة إسرائيلية متزايدة أن هذه العمليات تهدف إلى خلق حالة من القلق بين الإسرائيليين، وما حصل في الساعات الأخيرة بينهم شكل إنجازا استراتيجيا لهذه الهجمات، ومن يقف وراءها، ما جعل من هذا الهجوم التكتيكي نجاحًا استراتيجيًا، بفضل الأداء الفاشل والسلوك غير المهني لوسائل الإعلام الإسرائيلية، ونقص المعرفة والقدرة لدى مسؤولي الأمن.


يوجه خبراء الإعلام الإسرائيليون انتقادات حادة لشبكات التلفزة ومراسليها الذين انتشروا في ساحة عملية ديزنغوف، ولذلك فإن كل من فتحوا التلفزيون تابعوا كيف تنافس المراسلون الميدانيون على البحث عن صور مثيرة ومخيفة قدر الإمكان، والحصول على لقطات مقرّبة لأفراد القوات الخاصة الذين اندفعوا للبحث والملاحقة وسط حالة من الهستيريا، واستغلت وسائل الإعلام نقص المهارات التفسيرية والنفسية لدى مسؤولي الأمن للإضرار بالصمود العقلي للجمهور الإسرائيلي. 

 

اقرأ أيضا: إحباط إسرائيلي من عملية تل أبيب والفشل الأمني أمامها

 

في الوقت ذاته، تقر الأوساط الأمنية الإسرائيلية أن منفذ العملية كان ماهرا جدا لأنه تمكن من إحداث الكثير من الإصابات بمسدس واحد، لكنها في الوقت ذاته، ترى أن التكرار المثير لمشاهد العملية، وملاحقته زادا من قلق الجمهور، وبدلا من التوضيح أنه كان من المحتمل أن ينتقل من منزل لآخر، فقد حصل الجمهور الإسرائيلي على ساعات طويلة ومرهقة وغير ضرورية في المشاهدة من مسافة قريبة للجنود، وهم يصوبون بنادقهم على أبواب بئر السلم المغلقة. 


الاستنتاج الإسرائيلي من كل ما حصل أن الساعات الأولى من هجوم ديزنكوف مثل إدارة فوضوية لمسرح العملية، وفي هذه الحالة تتحمل شرطة الاحتلال مسؤولية أن سلوكها خلال الحدث شكل قوة مضاعفة للمسلحين، ما يعني أن الإسرائيليين سيستمرون في الشعور بالقلق الشديد في مثل هذه الهجمات، التي ستتحول مع مرور الوقت من عمليات تكتيكية إلى أحداث استراتيجية.


التعليقات (0)