صحافة دولية

لوموند: ضربة لإمبراطورية رياض سلامة المالية في أوروبا

رياض سلامة حاكم مصرف لبنان يخضع لتحقيقات بتهمة الاختلاس- جيتي
رياض سلامة حاكم مصرف لبنان يخضع لتحقيقات بتهمة الاختلاس- جيتي

نشرت صحيفة "لوموند" الفرنسية تقريرا حول فساد بعض الشخصيات النافذة في لبنان، التي كشف عنها من خلال الفترة الأخيرة.


وقالت الصحيفة في التقرير الذي ترجمته "عربي21"، إن التحقيق المالي الدولي الذي يستهدف رياض سلامة، حاكم مصرف لبنان - غير القابل للإزالة - لا يكاد يمر أسبوع دون حدوث تحول جديد فيه، فبعد اتهامه في بلاده بتهمة الإثراء غير المشروع، وجد الرجل - البالغ من العمر 71 سنة - نفسه مرة أخرى في دائرة الضوء من قبل السلطات القضائية الأوروبية. 

وأضافت الصحيفة أن فرنسا وألمانيا ولوكسمبورغ صادروا أصولا بقيمة 120 مليون يورو في إطار تحقيق يستهدف رياض سلامة والأشخاص المحيطين به؛ حيث يخص التحقيق الرئيسي خمسة من المشتبه بهم المتهمين بغسيل الأموال، ويشتبه في قيامهم باختلاس أموال عامة في لبنان بمبالغ تزيد على 330 مليون دولار وخمسة ملايين يورو على التوالي بين سنتي 2002 و2021، حسبما حددته الوكالة الأوروبية للتعاون القضائي دون الكشف عن هويتهم.

"تسريع التحقيقات في أوروبا"

وبحسب الصحيفة؛ فإن رياض سلامة - المصرفي الاستثماري السابق - يزعم أنه حقق ثروة بفضل الاستثمارات التي تمت بشكل قانوني تمامًا، من أصول بقيمة 23 مليون دولار كان يملكها عندما تولى رئاسة مصرف لبنان، فيما يشتبه القضاء السويسري الذي فتح تحقيقا أوليا في يناير/ كانون الثاني 2021، في أنه اختلس مع شقيقه الأصغر رجا أكثر من 330 مليون دولار من العمولات على بيع الأوراق المالية لمصرف لبنان بين سنتي 2002 و2015، بموجب عقد وساطة مع شركة فوري أسوشيتس المملوكة لرجا سلامة.

 

اقرأ أيضا: اعتقال شقيق حاكم مصرف لبنان.. متهم بالاختلاس

وأفادت الصحيفة أن قضاة سويسريين اشتبهوا في أن الأموال تم تحويلها إلى سويسرا، ثم إلى حسابات مصرفية لدى رجا سلامة في لبنان قبل استخدامها لشراء عقارات في أوروبا، فقد كشفت زينة واكيم، محامية مؤسسة "المساءلة الآن" السويسرية عن أصل الشكاوى ضد سلامة في فرنسا والمملكة المتحدة وسويسرا، قائلة إن "العدالة السويسرية جمدت، منذ بدء التحقيق الأولي، أصول بنك رياض سلامة وشقيقه رجا سلامة".

وأشارت الصحيفة إلى أن المحامي ويليام بوردون أكّد أن المصادرة التي أمرت بها باريس وبرلين ولوكسمبورغ "تمثل تسريعًا واضحا للتحقيقات في أوروبا وتكثيفا للتعاون بين هذه البلدان الثلاثة، والذي يهدف إلى توسيع نطاقه ليشمل دولا أخرى"ـ مع العلم أن بوردون قدم شكوى في فرنسا ضد سلامة، الذي يحمل أيضا الجنسية الفرنسية، نيابة عن جمعية شيربا الفرنسية المتخصصة في مكافحة الجريمة الاقتصادية وتجمع ضحايا الممارسات الاحتيالية والإجرامية في لبنان.

"نوبات جسيمة"

وبينت الصحيفة أن الشكاوى التي رُفعت في فرنسا أدت إلى فتح تحقيق قضائي ضد رياض سلامة في شهر تموز/ يوليو 2021 من قبل مكتب المدعي المالي الوطني لرؤساء "غسل أموال العصابات المنظمة" و"الرابطة الإجرامية" و"إخفاء جريمة" بشكل خاص في فرنسا ولبنان؛ حيث يهتم التحقيق بشكل خاص بالعقارات في باريس التي تخص سلامة وشقيقه رجا ورفيقته السابقة آنا كوساكوفا، بالإضافة إلى استئجار مكاتب كان مصرف لبنان قد دفع من أجلها ما يقرب من خمسة ملايين يورو لشركة مملوكة للسيدة كوساكوفا.

وكشفت الصحيفة أن مكتب المدعي العام المالي الوطني أشاد يوم الاثنين بمدى "الضبطيات الكبيرة" كجزء من هذا التحقيق القضائي؛ فبحسب التفاصيل التي قدمتها وكالة يوروجست، صادرت السلطات الفرنسية مجمعين عقاريين في باريس بقيمة 16 مليون يورو، وحسابات بنكية في فرنسا وأيضا في موناكو بأكثر من 46 مليون يورو، فضلا عن مبنى في بروكسل، كما تم الاستيلاء على ثلاثة عقارات بشكل ملحوظ في هامبورغ وميونيخ وأسهم في شركة عقارات مقرها دوسلدورف تبلغ قيمتها حوالي 28 مليون يورو، ومن جانبها؛ صادرت لوكسمبورغ حوالي 11 مليون يورو من الأصول المصرفية.

 

اقرأ أيضا: لبنان: قرار قضائي بمنع سفر حاكم المصرف المركزي

عدم وجود تعاون قضائي

وتلفت الصحيفة إلى أنه مع ذلك؛ فإن تقدم التحقيق يصطدم بعدم تعاون النظام القضائي اللبناني؛ فقد تعرقل عمل القضاة بشكل منهجي من قبل النخبة السياسية والمالية في البلاد والتي تشكل إلى حد كبير كتلة خلف رياض سلامة، وبحسب وسائل إعلام لبنانية، تدخل رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، وهو نفسه مساهم في أحد البنوك، في التحقيق الذي فُتِحَ في لبنان بناء على طلب مساعدة قانونية سويسرية، لمنع تفتيش المؤسسات المصرفية التي لديها حسابات رجا سلامة.

وتقول الصحيفة - في نهاية التقرير - إن غياب التعاون القضائي قد يعيق التحقيق الذي فتحته القاضية غادة عون ضد رياض سلامة والوفد المرافق له في قضية "الإثراء غير المشروع" في قضية التراث الباريسي، فقد قال مصدر قريب من التحقيق: "كان من الأفضل أن يكون هناك تعاون ناجح وأن تكون كل ولاية قضائية قادرة على إجراء تحقيقاتها بجدية في محيط معين دون أي تداخل"، كما أن هناك تخوفا من أن التحقيق، الذي فتحه قاضٍ قريب من معسكر الرئيس ميشال عون، والذي يدعو إلى إقالة محافظ مصرف لبنان، سيُستغل مع اقتراب موعد الانتخابات.

 

التعليقات (0)