صحافة دولية

صحيفة روسية: لماذا فشلت واشنطن بإجبار بكين على تغيير موقفها؟

بايدن اتصل لنحو ساعتين بالرئيس الصيني وحذره من دعم روسيا- جيتي
بايدن اتصل لنحو ساعتين بالرئيس الصيني وحذره من دعم روسيا- جيتي

نشرت صحيفة "برافدا" الروسية تقريرًا تحدثت فيه عن فشل سياسة الولايات المتحدة في إقناع الصين بالتأثير على روسيا من أجل وقف العملية العسكرية في أوكرانيا.

وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن المحادثة الأخيرة التي جمعت بين الرئيس الأمريكي ونظيره الصيني كشفت عن اختلاف وجهات نظر البلدين بشأن دور واشنطن في الأزمة الأوكرانية.

وحسب صحيفة "بوليتيكو" الأمريكية فإن المحادثة الهاتفية التي جمعت بين الرئيسين لساعتين لم تتمخض عنها النتائج المرجوة. وعلى عكس التوقعات القائلة إن الصين سوف تقف إلى جانب الولايات المتحدة، ذكر مراقبو الصحيفة أن المحادثات بين جو بايدن وشي جين بينغ كشفت مدى اختلاف وجهات نظر قادة البلدين ليس بشأن الوضع في أوكرانيا وإنما أيضًا بشأن قضية تايوان، لتتبدد آمال حلّ الخلافات القائمة.

أكد مسؤول رفيع المستوى في إدارة بايدن أن الزعيم الأمريكي أوضح لنظيره الصيني أن تقديم الصين لدعم مادي إلى روسيا سوف يؤدي إلى عواقب وخيمة. وقد سبق لوزارة الخارجية الصينية إعلان موقفها من تطور الأزمة الروسية الأوكرانية قبل المفاوضات التي جمعت بين قادة الولايات المتحدة والصين. وفي هذا الصدد، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية تشاو ليجيان إنه يتعين على الولايات المتحدة مراجعة دورها في الأزمة الأوكرانية وأخذ خطوات جدية من شأنها تهدئة الوضع بدلا من مواصلة التصعيد.

لماذا فشلت الولايات المتحدة في إقناع الصين؟

وذكرت الصحيفة أن العلاقات بين الصين والولايات المتحدة تشهد نوعا من الفتور منذ أكثر من سنة بسبب اتباع واشنطن سياسة معادية تضمنت محاولة ردع الصين اقتصاديًا عن طريق فرض عقوبات وقيود جمركية، وزيادة الضغط عليها بسبب انتهاكها قانون حقوق الإنسان، وبسبب دعم الولايات المتحدة لتايوان.

وفقًا لمجموعة من الخبراء، لا يمكن للولايات المتحدة في ظل هذه الظروف التعويل على تغيير الصين موقفها بشأن الملف الأوكراني. وقال المحلل الاقتصادي فاسيلي كاشين، تعكس تصرفات الولايات المتحدة نوعًا من التناقض، "فقد حاولت واشنطن تأمين وقوف الصين إلى جانبها من خلال تهديدها علنًا. وبعد أن فرضت عددًا من العقوبات على الصين متهمةً إياها بارتكاب إبادة جماعية، ومع تواصل الجدل حول تايوان، تطالب واشنطن بكين بالوقوف إلى جانبها ضد روسيا مهددة بفرض عقوبات في حال رفضت الاستجابة".

 

اقرأ أيضا: تهديدات عسكرية صينية لتايوان بسبب "الأفعال الانفصالية"


وحسب كاشين، لم تقف الولايات المتحدة عند هذا الحد فقط، بل أرفقت مطالبها بتهديدات علنية واتخذت عددًا من الخطوات السلبية استعدادا للمحادثات بين الزعيمين، مثل إقرار الكونغرس قانونًا ينص على تخصيص لون مختلف لتايوان منفصل عن الصين في المنشورات والخرائط المطبوعة على حساب نفقات الدولة. إلى جانب ذلك، عززت واشنطن في الفترة الأخيرة التعاون العسكري مع تايبيه مواصلة اتهام بكين بارتكاب إبادة جماعية في حق الأويغور.

ويرى الخبير الأمني الروسي ديمتري سوسلوف أن فشل الولايات المتحدة في تغيير موقف الصين يعزى إلى عاملين أساسيين: "تشهد السياسة الخارجية الصينية تحولا نحو العدوانية والموضوعية، وهي تقطع مع سياسة الزعيم الصيني السابق دنغ شياو بينغ".

وأضاف سوسلوف أن مكانة الصين اليوم كقوة عظمى أكثر أهمية بالنسبة لها من الحفاظ على الظروف الخارجية المواتية للتنمية الاقتصادية. وقد سبق أن أطلقت الولايات المتحدة العنان لمواجهة مع الصين واعتمدت سياسة الاحتواء الشامل والمنهجي قبل فترة طويلة من اندلاع الأزمة الأوكرانية.

تطرقت العديد من وسائل الإعلام الغربية إلى إمكانية تعزيز التعاون الروسي الصيني. من جانبها، نشرت صحيفة "غلوبال تايمز" الصينية مقالا اتهمت فيه واشنطن بمحاولة خلق شرخ في العلاقات بين بكين وموسكو، مشيرة إلى أن الشراكة الاستراتيجية الروسية الصينية تعد من أهم الأصول الدبلوماسية للصين التي لن تسمح بالإضرار بها.

حيال هذا الشأن، قال كاشين إن "الصين لن تغيّر موقفها تجاه القضية الأوكرانية. وهي تتبع نهجا منضبطا رغم تصريحاتها التي تنادي بضرورة عقد مفاوضات وتسوية الأمور بشكل سلمي. لكنها في المقابل تُحمّل الناتو مسؤولية اندلاع الصراع في أوكرانيا. ومن المرجح تطور العلاقات الاقتصادية بين الصين وروسيا أكثر في المستقبل القريب. وقد تصبح بكين الشريك الاقتصادي الرئيسي لموسكو".

ومن جهته، يعتقد سوسلوف أن التقارب بين بكين وموسكو سيناريو قابل للتحقيق لا سيما في ظل تدهور العلاقات الروسية الغربية. وفي غضون السنوات العشر القادمة، ستحل الصين محل الغرب في نظام العلاقات الاقتصادية الخارجية الروسية بسبب الحصار المفروض على موسكو، مع إمكانية تكثيف التعاون السياسي والعسكري بينهما.

التعليقات (0)