هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت صحيفة "برافدا" الروسية تقريرًا سلطت خلاله الضوء على تطور التوجهات العالمية في ظل الصراع القائم بين القوى الجيوسياسية المتنافسة.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن العديد من الخبراء في مجال العلاقات الدولية يعزون شن روسيا غزوا عسكريا ضد أوكرانيا إلى فشل سياستها تجاه أوكرانيا.
وأضافت الصحيفة أنه نظرًا لفشل محاولات روسيا في التفاوض مع أوكرانيا وإقناعها بالامتثال لاتفاقيات مينسك وإبداء الأخيرة استعدادًا للاستيلاء على جمهوريتي دونيتسك ولوغانسك، باتت المفاوضات دون معنى، وبسبب الاختلاف الأساسي في المصالح، تعتبر الولايات المتحدة وبريطانيا من الدول المعادية لروسيا.
وضع روسيا
وتبين الصحيفة أنه من خلال الغزو على أوكرانيا، تهدف روسيا إلى نزع السلاح واجتثاث النازية، وهي الغاية التي لا يمكن تحقيقها إلا إذا ترأست أوكرانية من طرف حكومة صديقة مستقلة عن الغرب، كما تطمح روسيا إلى تفكيك النظام العالمي أحادي القطب الذي أنشأته الولايات المتحدة وحلفاؤها على أنقاض نظام يالطا، بوتسدام للعلاقات الدولية.
وتوضح الصحيفة أنه أثناء التحضير للعملية العسكرية الخاصة؛ استخفت روسيا ببعض النقاط، على رأسها الوضع النفسي للقوات المسلحة وسكان أوكرانيا، فضلاً عن التداعيات المحتملة لعقوبات دولية، مشيرة إلى أنه في المقابل، تُعد إطالة مدة العملية فضلًا عن انخفاض مستوى معيشة السكان الروس، الذي يهدد بتراجع دعم الروس لهذا الغزو من المخاطر التي تهدد روسيا.
وضع أوكرانيا
وذكرت الصحيفة أنه عند تقييم موقف أوكرانيا ينبغي الإشارة إلى غياب مفهوم الذاتية السياسية حتى في بداية العملية. وعليه؛ فإن مصلحة سلطات كييف - أي زيلينسكي ودائرته الداخلية - تقوم على إدراك الهزيمة العسكرية الوشيكة، وتهدف أوكرانيا من خلال الصراع مع روسيا إلى تدويل الأعمال العدائية من خلال جذب اهتمام مواطني دول الناتو والاتحاد الأوروبي وإطالة أمد الصراع العسكري وإضفاء طابع المقاومة الشعبية وحرب العصابات والأعمال الإرهابية عليه، جنبًا إلى جنب مع الحصول على ضمانات من طرف الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي بشأن تمتع ممثلي النخبة الأوروبية بالأمن وحياة كريمة بعد انتهاء الصراع.
وتلفت الصحيفة إلى أن الخطأ المرتكب من طرف كييف يتمثل في رهانها على مشاركة ممثلي الولايات المتحدة وبريطانيا العظمى والاتحاد الأوروبي في الأعمال العدائية وإعادة تقييم قدراتها العملياتية والتكتيكية في الدفاع، مشيرة إلى أنه مع أخذ المصالح الضيقة لقيادة كييف في الاعتبار؛ فإن انعدام الثقة في الشركاء الأمريكيين والأوروبيين بشأن توفير الضمانات الأمنية وحياة كريمة في المنفى، هو الخطر الرئيسي الذي يهدد السلطات الأوكرانية.
اقرأ أيضا: روسيا تفرج عن عمدة ميليتوبول..أوكرانيا تحدد أولوياتها بالتفاوض
وضع أمريكا وبريطانيا
وأفادت الصحيفة أن أهداف الأنجلوسكسونيين تتمثل في إطالة أمد الصراع حتى يتسنى إلحاق أكبر قدر ممكن من الضرر بتجمعات القوات الروسية، كما يهدفون إلى استعادة نظام عالمي أحادي القطب قائم على الهيمنة السياسية والاقتصادية الأنجلو ساكسونية، وحرمان ألمانيا وفرنسا من الريادة في أوروبا، فضلًا عن تدمير روسيا من خلال زعزعة استقرار الوضع السياسي الداخلي وإطلاق العنان لحرب أهلية.
وترى الصحيفة أن الحسابات الخاطئة للولايات المتحدة وبريطانيا العظمى شملت الرهان على النخبة الاقتصادية والمالية الروسية والاستخفاف بالقدرات العملياتية والتكتيكية لروسيا، ولهذا يهدد الاستخفاف بهذه الأمور بتسجيل ارتفاع حاد في أسعار الطاقة والغذاء، وإضعاف نفوذ الولايات المتحدة على الحلفاء في أوروبا وآسيا، ونمو التوتر الاجتماعي داخل الولايات المتحدة، ما من شأنه تقوية التناقضات السياسية والاجتماعية المحلية في الولايات المتحدة والتسبب في نشوب حرب أهلية.
وضع أوروبا
وتكشف الصحيفة عن أن أهداف الدول الأوروبية تختلف بشأن الوضع القائم في أوكرانيا؛ حيث يتجلى ذلك في استخدام النخب في ألمانيا وفرنسا الصراع لتحسين تصنيفاتها واكتساب مزايا انتخابية، بينما تسعى بولندا إلى فرض سيطرتها على مقاطعة "لفيف أوبلاست" و"إيفانو فرانكيفسك" و"تيرنوبل أوبلاست" و"زاكارباتيا أوبلاست" وعلى جزء من إقليم منطقة أوديسا، مبينة أن أوروبا قد استخفت بالإمكانات العسكرية الروسية والترويج لسيناريو مغلوط بشأن التداعيات الاقتصادية والإنسانية للصراع.
وتؤكد الصحيفة أنه بغض النظر عن نتيجة الصراع في أوكرانيا؛ فإن المخاطر التي تهدد الاتحاد الأوروبي تشمل ارتفاعًا حادًّا في أسعار الطاقة والمواد الغذائية، وحدوث أزمة الهجرة بسبب تدفق اللاجئين، جنبًا إلى جنب مع تغيير النخب الحاكمة في عدد من الدول الأوروبية بسبب استياء السكان من سياستها المتبعة، وتزايد التناقضات بين الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، مما قد ينجر عنه انسحاب بعض الدول من عضوية الاتحاد الأوروبي.
استنتاجات عامة
وأفادت الصحيفة أن الولايات المتحدة وبريطانيا تستمران في دعم الفوضى في الدول الأوراسية، مشيرة إلى أنه قد تكون منطقة مضيق تايوان نقطة نزاع عسكري قادم، وقد يعيش العالم على وقع اشتباكات حدودية بين الهند والصين وباكستان.
وأشارت الصحيفة إلى أنه في الأشهر القليلة المقبلة؛ سوف تتخذ المواجهة بين روسيا والغرب طابع حرب النفوذ السياسي والاقتصادي، وهو ما سوف يجبر أسعار المواد الغذائية والطاقة على الارتفاع بشدة في الاتحاد الأوروبي، وبالتالي يجبرها على تقديم تنازلات عكسية واستئناف الشركات التي علقت نشاطها في روسيا أعمالها.
ونوهت الصحيفة - في نهاية تقريرها - إلى أنه من أجل تحقيق الأهداف المحددة، لا تحتاج روسيا فقط لإنهاء العملية العسكرية في أوكرانيا، بل إلى تصحيح الأخطاء في المسائل السياسية الداخلية، فضلًا عن دعم مواطنيها في الخارج ومراجعة سياستها الخارجية تجاه دول ما بعد الاتحاد السوفييتي بشكل جذري.
للاطلاع إلى النص الأصلي (هنا)