صحافة دولية

NYT: نظام صاروخي أمريكي في بولندا يقلق بوتين

القاعدة يوجد في قلبها نظام يعرف باسم إيجيس آشور يحتوي على رادارات متطورة قادرة على تتبع الصواريخ- جيتي
القاعدة يوجد في قلبها نظام يعرف باسم إيجيس آشور يحتوي على رادارات متطورة قادرة على تتبع الصواريخ- جيتي

نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" تقريرا تحدثت فيه عن وجود نظام صاروخي أمريكي في بولندا، يقلق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

 

وأوضحت الصحيفة أن القاعدة يوجد في قلبها نظام يعرف باسم إيجيس آشور، يحتوي على رادارات متطورة قادرة على تتبع الصواريخ المعادية وتوجيه الصواريخ الاعتراضية لإخراجها من السماء.

 

وأضافت أنها مجهزة أيضا بقاذفات صواريخ تعرف باسم MK 41s، والتي يخشى الروس من إمكانية إعادة استخدامها بسهولة لإطلاق صواريخ هجومية مثل توماهوك.

 

وتاليا النص الكامل للتقرير الذي ترجمته "عربي21":

يمشي عالم الآثار والصحفي التلفزيوني البولندي، توماس تشيزيك مع كلبه كل صباح عبر غابة بالقرب من منزله هنا على الجانب الشرقي لحلف الناتو، ويتجول على طول حافة سياج أخضر يعلوه سلسلة من الأسلاك الشائكة.

 

إنه يستمتع بالهواء النقي والهدوء في الصباح - حتى تبدأ مكبرات الصوت الموجودة على الجانب الآخر من السياج، الذي يحمل لافتات تحذر من التجاوز باللغات البولندية والإنجليزية والألمانية والروسية، في بث السلام الوطني الأمريكي بمستوى صوت مرتفع.

 

قال تشيزيك، مشيرا عبر السياج نحو مجموعة من المباني التي يلفها الضباب، "لا أعرف أي شخص دخل إلى هناك من قبل".


السياج هو المحيط الخارجي، الذي يحرسه جنود بولنديون، لمنشأة عسكرية أمريكية شديدة الحساسية، ومن المتوقع أن يبدأ تشغيلها هذا العام، وتصر واشنطن على أنها ستساعد في الدفاع عن أوروبا وأمريكا من الصواريخ الباليستية التي قد تطلقها دول مارقة مثل إيران.


لكن بالنسبة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، فإن القاعدة العسكرية في بولندا، وأخرى في رومانيا، هي دليل على ما يراه على أنه التهديد الذي يمثله توسع الناتو باتجاه الشرق - وجزء من تبريره لتطويقه العسكري لأوكرانيا. يصف البنتاغون الموقعين بأنهما موقعان دفاعيان ولا علاقة لهما بروسيا، لكن الكرملين يعتقد أنه يمكن استخدامهما لإسقاط الصواريخ الروسية أو إطلاق صواريخ كروز هجومية على موسكو.


وأعلنت روسيا يوم الأربعاء عن المزيد من سحب القوات، وأبدت أوكرانيا استعدادها للتخلي عن طموحاتها في الانضمام إلى حلف الناتو، وهي قضية حاسمة في الصراع الحالي مع موسكو.

 

لكن التوترات تصاعدت في وقت لاحق من يوم أمس عندما قال مسؤول أمريكي إن المزاعم الروسية بشأن تقليص وجود القوات كانت "كاذبة" وأن هناك أدلة جديدة على أن موسكو "تحشد من أجل الحرب".


وبينما كان يهدد أوكرانيا، طالب بوتين الناتو بتقليص تواجده العسكري في شرق ووسط أوروبا - وهو ما رفضته واشنطن والقادة الأوروبيون بشكل قاطع.

 

كان بوتين غاضبا من الصواريخ الأمريكية بالقرب من الحدود الروسية منذ أن دخل الموقع الروماني حيز التشغيل في عام 2016، لكن المنشأة البولندية، الواقعة بالقرب من قرية ريدزيكوفو، تبعد حوالي 100 ميل فقط عن الأراضي الروسية وبالكاد 800 ميل من موسكو نفسها.


قال بوتين في كانون الأول/ ديسمبر في مؤتمره الصحفي السنوي: "هل ننشر صواريخ بالقرب من حدود أمريكا؟ لا نحن لا نفعل.. إنها أمريكا هي التي أتت إلى وطننا بصواريخها وهي تقف بالفعل على عتبة بابنا".

 

اقرأ أيضا: روسيا تبني جسرا بالنهر.. وواشنطن تتحدث عن تفاصيل خطة الغزو

تحتوي القاعدة البولندية، التي يوجد في قلبها نظام يعرف باسم إيجيس آشور، على رادارات متطورة قادرة على تتبع الصواريخ المعادية وتوجيه الصواريخ الاعتراضية لإخراجها من السماء.

 

وهي مجهزة أيضا بقاذفات صواريخ تعرف باسم MK 41s، والتي يخشى الروس من إمكانية إعادة استخدامها بسهولة لإطلاق صواريخ هجومية مثل توماهوك.


بالنسبة للقرويين في ريدزيكوفو، تسببت فكرة أنهم يعيشون في منطقة تعتبر في طليعة مخاوف بوتين الأمنية، بحسب ما يُعلن كثيرا، في توتر بعض السكان المحليين.


قال ريتشارد كوياتكوفسكي، وهو مهندس مدني يعمل في مجال البناء، إن الزبون الذي حجز شقة في مبنى جديد تبنيه شركته اتصل مؤخرا بإلغاء شرائها المخطط بسبب مخاوف من أن تضرب روسيا منشأة الدفاع الصاروخي في ريدزيكوفو وتتسبب بانهيار أسعار العقارات.


لا أحد يعتقد حقا أن هذا أمر محتمل - فهذا سيضع روسيا في صراع مباشر مع الناتو، الذي كانت بولندا عضوا فيه منذ عام 1999. لكن الافتراضات الخاصة بأوروبا الموحدة والمسالمة التي ترسخت مع نهاية الحرب الباردة تتداعى مع تحشيد القوات الروسية على حدود أوكرانيا وإرسال أمريكا آلاف الجنود الإضافيين إلى بولندا.
 
قال كوياتكوفسكي، الذي شارك في الاحتجاجات ضد المنشأة الأمريكية في ريدزيكوفو عندما تم الإعلان عنها في عام 2016، إن روسيا أججت القلق من خلال المبالغة في التهديد الذي يشكله حلف الناتو. لكنه أضاف أن كلا الجانبين أوجد "آلة خوف ذاتية الدفع" تغذيها حالة من عدم اليقين المثيرة للأعصاب بشأن ما ينوي الآخر القيام به.
 
وقال توماس جراهام، الذي شغل منصب كبير مديري شؤون روسيا في مجلس الأمن القومي التابع للرئيس جورج بوش الإبن، إن موسكو لم تصدق أبدا تأكيدات واشنطن بأن نظام دفاعها الصاروخي يستهدف إيران وليس روسيا. وأضاف أن القضية أصبحت رمزا قويا للكرملين لنظام ما بعد الحرب الباردة الذي يعتبره أحادي الجانب بشكل خطير والذي يحاول الآن مراجعته من خلال التهديدات العسكرية.
 
قال جراهام: "الأزمة الحالية هي في الحقيقة أوسع بكثير من أوكرانيا.. أوكرانيا هي نقطة ضغط ولكن الأمر يتعلق أكثر ببولندا ورومانيا ودول البلطيق. يعتقد الروس أن الوقت قد حان لمراجعة تسوية ما بعد الحرب الباردة في أوروبا لصالحهم".
 
في اجتماع مع بوتين يوم الاثنين، أكد وزير الخارجية الروسي، سيرجي لافروف، أن روسيا تريد أن ترى "تغييرات جذرية في مجال الأمن الأوروبي"، تغييرات بعيدة المدى تتجاوز أوكرانيا لتشمل انسحاب قوات الناتو الآن من أوروبا الشرقية، والقيود على نشر الأسلحة الهجومية والقيود على الصواريخ متوسطة المدى.
 
قال توماش سمورا، مدير الأبحاث في مؤسسة كاسيمير بولاسكي، وهي مجموعة بحثية في وارسو: "هذه قضية ضخمة بالنسبة لروسيا".
 
لكنه أضاف أن إغلاق موقع ريدزيكوفو، كما تريد موسكو، هو "خط أحمر" لن تتخطاه أمريكا وبولندا، على الرغم من أن الناتو، ردا على قائمة المطالب التي قدمتها موسكو في كانون الأول/ ديسمبر، عرض مؤخرا مناقشة حول "آلية شفافية" غير محددة على أمل تهدئة المخاوف الروسية بشأن المواقع البولندية والرومانية.
 
لكن موسكو تريد أكثر من ذلك بكثير.
 
لطالما اعتبرت روسيا الدفاع الصاروخي محاولة أمريكية خطيرة لإضعاف الضامن الرئيسي لوضعها كقوة عظمى - وهو ترسانة نووية ضخمة. إن احتمال أن تتمكن أمريكا من إسقاط الصواريخ الباليستية الروسية يقوض العقيدة الرادعة المتمثلة في التدمير المؤكد المتبادل، والذي يفترض أن أيا من أكبر قوتين نوويتين لن يخاطر أبدا بحرب نووية لأن ذلك سيعني إبادة كليهما.
 
خلال الحرب الباردة، عملت كل من روسيا وأمريكا على تطوير دفاعات مضادة للصواريخ، لكنهما اتفقتا في عام 1972 على التخلي عن برامج الدرع الصاروخية من أجل الحفاظ على الضعف المتبادل والسلام، كما كانا يأملان.
 
تلك المعادلة كانت ناجعة لما يقرب من 30 عاما. ولكن في نهاية السنة الثانية لبوتين كرئيس في كانون الثاني/ ديسمبر 2001، أثار الرئيس جورج بوش غضب الزعيم الروسي الجديد بالانسحاب من معاهدة الصواريخ المضادة للصواريخ الباليستية لعام 1972 ووجه البنتاغون لبناء نظام لدرء تهديد الصواريخ الإيرانية المحتملة.


واستشهد الكرملين مرارا بأن انسحاب أمريكا مما كان حجر الزاوية لعلاقات القوتين العظميين لعقود، باعتباره بداية خيبة أمله في أمريكا واعتقاد بوتين بأن المصالح الروسية تُداس بلا داع.


قال بوتين هذا الشهر في الكرملين: "لقد حاولنا لفترة طويلة إقناع شركائنا بعدم القيام بذلك. ومع ذلك، فعلت أمريكا ما فعلته - انسحبت من المعاهدة. الآن يتم نشر قاذفات صواريخ مضادة للصواريخ الباليستية في رومانيا ويتم إنشاؤها في بولندا".


إذا اقتربت أوكرانيا من الناتو، قال بوتين بصوت مدوٍ: "سوف تمتلئ بالأسلحة. سيتم نشر أسلحة هجومية حديثة على أراضيها تماما كما هو الحال في بولندا ورومانيا".


يعمل موقع إيجيس آشور في رومانيا لمدة خمس سنوات دون وقوع حوادث، لكن روسيا تعتبر منشأة الدفاع الصاروخي البولندية، التي تعطلت في السابق بسبب البناء ومشاكل أخرى، تهديدا أكثر خطورة.


قال الأدميرال توم دروغان، مدير البرنامج، في تشرين الثاني/ نوفمبر إن نظام الأسلحة تم تركيبه الصيف الماضي في المنشأة، والتي من المقرر أن تبدأ العمل في وقت ما من هذا العام. وقال: "إنها لا تركز على وجه التحديد على التهديدات القادمة من روسيا، على الرغم مما يقولون".


ولكن تم تقويض التأكيدات الأمريكية بأن إيران وحدها هي التي تحتاج إلى القلق خلال إدارة ترامب عندما صرح الرئيس أن أنظمة الدفاع الصاروخي الأمريكية "ستكتشف وتدمر أي صاروخ يتم إطلاقه ضد أمريكا من أي مكان وفي أي وقت وفي أي مكان".


كافحت واشنطن أيضا لإقناع بوتين بأن موقعي الدفاع الصاروخي في أوروبا الشرقية لا يمتلكان أيضا قدرة هجومية يمكن توجيهها بسهولة ضد الأهداف الروسية.


ردا على الشكاوى الروسية، أعلن الناتو الشهر الماضي أن الصواريخ الاعتراضية المنتشرة في مواقع إيجيس آشور "لا يمكنها تقويض قدرات الردع الاستراتيجية الروسية" و"لا يمكن استخدامها لأغراض هجومية".

 

وأضاف أن الصواريخ المعترضة لا تحتوي على متفجرات ولا يمكنها أن تصيب أهدافا أرضية وإنما أجسام محمولة جوا فقط.


وقال الناتو: "بالإضافة إلى ذلك، يفتقر الموقع إلى البرامج والأجهزة والبنية التحتية اللازمة لإطلاق صواريخ هجومية".


ومع ذلك، يعتقد بعض الخبراء المستقلين أنه بينما يتطلب الأمر إعادة تنظيم البرامج والتغييرات الأخرى، فإن قاذفات MK 41 المثبتة في بولندا ورومانيا لا يمكنها إطلاق صواريخ اعتراضية دفاعية فحسب، بل صواريخ هجومية أيضا.

 

قال مات كوردا، المحلل في اتحاد العلماء الأمريكيين، إنه "بدون عمليات الفحص البصري، لا توجد طريقة لتحديد ما إذا كان قد تم تثبيت هذه الأجهزة والبرامج الخاصة بتوماهوك في مواقع إيجيس آشور في أوروبا أم لا".


وحتى الآن لم يُسمح إلا للأفراد العسكريين التابعين لحلف شمال الأطلسي بأي مكان بالاقتراب من منصات الإطلاق أو وحدات التحكم الخاصة بها. لم تستجب البحرية الأمريكية، التي تدير موقع إيجيس آشور في بولندا، لطلب من صحيفة نيويورك تايمز للزيارة.


قالت بياتا جوريس، الرئيسة المنتخبة لريدزيكوفو، إنها لم تدخل المنشأة مطلقا، التي أقيمت على أرض قاعدة جوية بولندية سابقة ومطار مدني مغلق، ولا تتابع النقاشات الفنية بشأن الصواريخ التي يمكن إطلاقها من خلف السياج الواقع بالقرب من منزلها.


وقالت جوريس إنه بغض النظر عمن يقول الحقيقة، فإن توجيه أصابع الاتهام من قبل موسكو وواشنطن جعل القرية هدفا محتملا في حالة الحرب. وأضافت: "للأسف، إذا حدث شيء ما، فسنكون أول من يعلم".


للاطلاع إلى النص الأصلي (هنا)


التعليقات (0)