صحافة دولية

NI: على أمريكا التعلم من دروس تدخل بوتين في سوريا

الباحث قال إن الروس ركزوا على تحطيم المعارضة السورية قبل وجودهم على الأرض- جيتي
الباحث قال إن الروس ركزوا على تحطيم المعارضة السورية قبل وجودهم على الأرض- جيتي

قال نيكولاس غوسديف، الزميل في معهد أبحاث السياسة الخارجية والأستاذ في كلية الحرب البحرية الأمريكية، إن افتراض الولايات المتحدة خوف روسيا من التدخل في سوريا، "كان خطأ يجب عدم تكراره في أوكرانيا".

وقال غوسديف في مقال بمجلة "ناشونال إنترست"، ترجمته "عربي21"، إن مسؤولي الأمن القومي الأمريكي البارزين والدبلوماسيين والضباط العسكريين أطلقوا هذه التحذيرات "لو تدخلت روسيا فستواجه قتالا صعبا"، و"يجب على القوات الروسية التعامل مع تمرد"، و"مع بدء وصول أكياس الموتى إلى الوطن فسيواجه فلاديمير بوتين ضغطا من الرأي العام"، و"لن تستطيع روسيا تحقيق أهدافها، وستجد نفسها في المستنقع".

وأضاف: "ربما أخطأت وظننت أن هذه التصريحات هي من إدارة جو بايدن/ كاميلا هاريس، ولكنها تعود إلى إدارة باراك أوباما/جو بايدن في عام 2015 وقبل التدخل الروسي في الحرب الأهلية السورية".

وتابع بأن هناك عدة دروس حول الكيفية التي أدار فيها الجيش والمؤسسة العسكرية الروسية الحملة والمهمة حالة قرر الكرملين المضي في خياره من دبلوماسية الإكراه في أوكرانيا. وقد تقود هذه الدروس إلى نوع من القتال غير الذي تتوقعه الولايات المتحدة وتدرب وتسلح القوات الأوكرانية عليه.

وقال الباحث: أولا، ركز التدخل الروسي وبشكل رئيسي على تدمير قدرات والتشكيلات القتالية للقوات المعادية للأسد، ولم يركز على احتلال الأراضي. وقرر الكرملين التدخل المباشر في سوريا نهاية صيف عام 2015، عندما تبين أن القوات المعارضة للأسد أصبح لديها قدرات عسكرية وزخم للتقدم إلى دمشق والدفع للإطاحة بنظام الأسد.

وبالتركيز على القوات الجوية والهجمات الصاروخية والأنظمة دون طيار كان هدف قوة المهام الروسية هو تحطيم وتدمير تشكيلات المعارضة السورية. وكانت سيطرة قوات النظام السوري على المناطق التي احتلتها المعارضة هو نتاج للقصف الجوي الذي دك معاقل المعارضة، ولم يكن الهدف الرئيسي من التدخل الذي كان حماية الأسد من الانهيار.


الأمر الثاني، لم يحتفظ الروس بقوات على الأرض في سوريا، وقرروا عدم التركيز على احتلال أراض أو تحمل مسؤوليات الحكومة. وبالتأكيد، ففي الكثير من الحالات قام الروس بعقد سلسلة من اتفاقيات وقف إطلاق النار التي تركت قادة الجماعات المسلحة والأعيان يسيطرون على مناطقهم مقابل القبول بسلطة الحكومة العامة عليها. ولم يركز الروس إلا على عدد قليل من المناطق الحيوية المهمة.

وقال الباحث الأمر الثالث، وفي كل مرة كانت تحتاج فيها روسيا إلى قوات على الأرض، كانت تكلف الجيوش الخاصة والتشكيلات غير النظامية الأخرى، ما حد من مسؤوليات القوات الرسمية الروسية ولم يعرضها للمخاطر. وكما في الولايات المتحدة فرق الرأي العام الروسي بين "الجندي" بالزي الرسمي و"المتعهد" الذي قرر المشاركة بالحرب ومواجهة المخاطر.

وأخيرا، أظهر الروس من خلال إطلاق صواريخ كروز كاليبر من الأسطول البحري في بحر قزوين قدراتهم على استخدام السلاح القاتل من قواتها في داخل الأراضي الروسية. والدرس من هذا هو أن روسيا لم تكن بحاجة لنشر قدراتها الحيوية وتعريضها للخطر، ويمكن الاستفادة منها دون الخوف من التعرض للعمليات الانتقامية أو الهجمات المضادة. وبالمقارنة مع تكهنات الأمريكيين حول تحول سوريا إلى "أفغانستان بوتين" حيث ستعلق القوات الروسية هناك وتواجه مقاومة من المعارضة، ويتعرض بوتين لغضب شعبي مع تزايد وصول أكياس الموتى.

وأشار الباحث إلى أنه راقب العملية الروسية في سوريا وهي تتكشف، حيث تذكر ما قاله وزير الدفاع الروسي سيرغي إيفانوف عام 2016، حيث شرح بلغة إنكليزية واضحة وفهم للغة العسكرية الأمريكية أن الجيش الروسي كان يدرس الحملات العسكرية الأمريكية في العراق وأفغانستان. وكان تجنب إرسال قوات عسكرية برية واسعة واحدا من الدروس التي تعلمها الروس.

وقالت المجلة إن الباحث "ليس متأكدا من خطط روسيا في أوكرانيا، وفيما إن كانت ستدخل أوكرانيا وإن كان التقييم الأمريكي دقيقا، من ناحية بحث الروس عن احتلال للمناطق وإرسال قوات وأنظمة إلى أوكرانيا للمشاركة في عمليات قتالية. ولكن الحملة السورية تقترح أن الروس لو قرروا استخدام القوة العسكرية في أوكرانيا، فسيركزون على تدمير المعدات الأوكرانية، وتحديدا مخزونها من الطائرات دون طيار ومحاولة كسر التشكيلات العسكرية".

وتقترح الحالة السورية أن الروس سيحاولون تجنب اجتياز الحدود وتوجيه النيران عبر خطوط القتال. وسيمثل هذا النهج مشكلة للدول الأوروبية مثل ألمانيا التي ربطت العقوبات الاقتصادية على روسيا بغزوها للأراضي الأوكرانية. وسيرفع هذا المدخل من ثمن الحرب، وستتردد الولايات المتحدة والناتو من توجيه النيران عبر الحدود وضرب الدبابات الروسية.

ويمكن أن يتم تكرار إطلاق الصواريخ من بحر قزوين، دون أن يكون هناك أي طرف مستعد للرد على الصواريخ الروسية بالمثل. وبتعهد رمضان قديرون، رئيس الشيشان، إرسال تشكيلات إلى أوكرانيا، فالأشكال التي جربتها روسيا في سوريا وليبيا ومالي وجمهورية أفريقيا الوسطى ستتكرر.

وفي هذه الحالة، لن تكون هناك حاجة لنشر قوات نظامية لتأمين مناطق حيوية أو مراكز اتصالات. وسيكون الرهان الروسي أن القوات الخاصة ليست مثل القوات النظامية.

ويرى الباحث أن تحضير القوات الأوكرانية لحرب تقليدية ضد روسيا، وافتراض أن صواريخ جافلين ستحد من تقدم الدبابات والمصفحات الروسية، ليس ناجعا أمام الطريقة التي اتبعتها روسيا في سوريا.

وربما انتظرنا حملة عسكرية لاحتلال المناطق، لكن قيادة الأركان العامة تبحث عن طرق لتدمير القدرات العسكرية الأوكرانية، وقتل الروح المعنوية للقوات الأوكرانية، وخلق مناخ للاضطرابات السياسية. ولو بدأت المعركة في أي وقت، فالدعم العسكري لأوكرانيا ربما كان متأخرا.


التعليقات (1)
مراقب خاص
الجمعة، 25-02-2022 01:44 ص
مقال لا بأس به.. (فقط تصليح الأسم الثاني لرئيس الشيشان).، أعتقد أن عدم لجم الروس في سوريا ، ساهم لحد كبير في تسهيل عملية الإجتياح الروسي لأوكرانيا..، بل ربما أحس القادة في الغرب بمتعة مشاهدة الروس و مدى فعالية أسلحتهم في الفتك بالمسلمين في سوريا إلى جانب النظام السوري... و مشهد المساجد المدمرة..... و الأطفال القتلى ........ لا شك أنه مشهد يثلج صدور الكثيرين.. أليس كذلك..؟! لقد كانت سوريا حقل تجارب واسع و هام لفعالية الأسلحة الروسية ضد الأفراد و المنشآءات و البنى التحتية.. . و بمثابة تدريب عسكري حي على أهداف حقيقية... و في النهاية الكل سيحاسب على ما اقترفت يداه... و هذا وعد لن يخلف... فالله يمهل و لا يهمل.