صحافة إسرائيلية

الغارديان: قهر الفلسطينيين يقوض مكانة إسرائيل عالميا

الغارديان قالت إن ثمة إجماعا الآن على أن مصطلح أبارتيد ينطبق على إسرائيل- الأناضول
الغارديان قالت إن ثمة إجماعا الآن على أن مصطلح أبارتيد ينطبق على إسرائيل- الأناضول

سلطت صحيفة الغارديان البريطانية الضوء على تقرير منظمة العفو الدولية، الذي يتهم "إسرائيل" بارتكاب جريمة الفصل العنصري بحق الفلسطينيين، مشددة على أن "قهر الفلسطينيين سوف يقوض مكانة إسرائيل عالميا".


ولفت مقال لهيئة تحرير الصحيفة، ترجمته "عربي21" إلى أن ثمة إجماعا الآن على أن مصطلح "أبارتيد" ينطبق على "إسرائيل" بطريقة متمايزة جدا عن النظام الذي كان قائما في جنوب أفريقيا، مشيرا إلى أن اتهامات الممارسات العنصرية، لا تطبق فقط على المناطق القابعة تحت الاحتلال العسكري، وإنما لتوصيف حكم إسرائيل للأرض الواقعة ما بين نهر الأردن والبحر المتوسط.

 

اقرأ أيضا: "الغارديان": سياسيون إسرائيليون يتفقون مع تقرير "أمنستي"

ورأت الصحيفة أن "مثل هذا التشخيص الخطير لوضع إسرائيل جدير بأن يثير القلق لدى كل المؤيدين لها"، مشددة على أن تقرير "أمنستي" له "وقع مؤلم للغاية على مسامع كثير من الإسرائيليين اليهود، إلا أن الاستمرار في قهر الفلسطينيين يقوض مكانة البلد عالميا ويضربها".


وتاليا نص مقال هيئة تحرير الغارديان:

في عام 2010، حذر إيهود باراك، الذي كان حينها وزيرا للدفاع في إسرائيل، الذي يعتبر أكثر جنودها حيازة على الأوسمة، بأنه "طالما بقي في المنطقة الواقعة غربي نهر الأردن كيان سياسي واحد اسمه إسرائيل، فلسوف يكون إما كيانا غير يهودي أو كيانا غير ديمقراطي. وإذا لم تتمكن هذه الكتلة المكونة من ملايين الفلسطينيين من التصويت، فسوف تكون تلك دولة أبارتيد (فصل عنصري).

 

ثم تكرر الكلام تارة أخرى في عام 2014 على لسان جون كيري بوصفه وزيرا للخارجية في الولايات المتحدة (رغم أنه فيما بعد أعرب عن أسفه لاستخدام تلك اللغة). وبعد ثلاث سنوات، صرح بوريس جونسون، الذي كان حينها وزيرا للخارجية في بريطانيا، معبرا عن نفس الرأي. لم يبد أن أحدا ساورته الشكوك بأنه فيما لو مضت إسرائيل دون إبرام سلام مع الفلسطينيين، فإن البلد سيواجه لا محالة اتهامات على درجة عالية من المصداقية بأنه يمارس الأبارتيد.


بعد تحقيق استمر لأربعة أعوام، غدت منظمة العفو الدولية في الأسبوع الماضي آخر منظمة حقوق إنسان توجه تلك التهمة، حيث خلصت إلى أن إسرائيل تطبق "نظاما يرقى إلى الأبارتيد بموجب القانون الدولي". وقالت إنه يتوجب على مجلس الأمن الدولي "فرض عقوبات مختارة ضد المسؤولين الإسرائيليين المشاركين في ذلك"، وطالبت بفرض حظر للأسلحة على إسرائيل. كما دعت منظمة العفو الدولية إلى محاكمة من يرتكبون الفصل العنصري من خلال المحكمة الجنائية الدولية. منظمة العفو الدولية هي أكبر منظمة حقوق إنسان في العالم، وما خلصت إليه يثبت أن النقاش حول هذه القضية وصل إلى المنتديات الدولية.

 

قد يرى زعماء إسرائيل نصرا في استمرار ضم الأراضي الفلسطينية، والقوانين التي تسن وتضفى عليها صفة دستورية لتكريس دونية غير اليهود، وتعزيز منظومة السيطرة والتحكم. إلا أن الاتجاهات التي تشاهد في مجالات حقوق الإنسان والحقوق المدنية تشير إلى أن كل ذلك يمكن أن يتحول إلى هزائم داخل محكمة الرأي العام الدولي.

مثل هذا التشخيص الخطير لوضع إسرائيل، جدير بأن يثير القلق لدى كل أولئك الذين يتمنون الخير والازدهار للبلد، بما فيهم هذه الصحيفة. تعرضت منظمة العفو الدولية لهجوم من قبل الحكومة الإسرائيلية، ولكن أكثر من عشر منظمات حقوقية محلية سارعت إلى الدفاع عنها. لا ريب أن لرسالتها وقع مؤلم للغاية على مسامع كثير من الإسرائيليين اليهود، الذين يعتبرون بلدهم منارة للأمل ويفتخرون بتقاليدها الديمقراطية، إلا أن الاستمرار في قهر الفلسطينيين يقوض مكانة البلد عالميا ويضر بديمقراطيتها.


ثمة إجماع الآن على أن مصطلح "أبارتيد" يمكن أن ينطبق على إسرائيل بطريقة متمايزة جدا عن النظام الذي كان قائما في جنوب أفريقيا القديمة. كما أن التهمة تتسع – بالنسبة للبعض، بشكل هرطقي، بحيث لا تطبق فقط على المناطق القابعة تحت الاحتلال العسكري، وإنما لتوصيف حكم إسرائيل للأرض الواقعة ما بين نهر الأردن والبحر المتوسط. تقول منظمة العفو الدولية إن الفلسطينيين – بما في ذلك أولئك الذين هم مواطنون إسرائيليون – يعاملون كمجموعة دونية غير يهودية، ويحال بينهم وبين ممارسة "حقوقهم الإنسانية الأساسية" بدرجات منوعة طبقا للموقع الذي يعيشون فيه.


وإذ يقترب عدد الفلسطينيين الذين يعيشون في الأرض المقدس من عدد اليهود، فإن مأزق إسرائيل يغدو أكثر جلاء. لا رئيس الوزراء نفتالي بينيت ولا خليفته المقرر يائير لابيد على استعداد للإقرار بأنهم لا يستطيعون الاحتفاظ بكل الأرض والحفاظ على الهوية اليهودية لإسرائيل، وأن يكونوا في الوقت نفسه دولة ديمقراطية. لربما كان السبب من وراء ذلك دعم دونالد ترامب للرؤية التوسعية للتيار اليميني، وإقبال العديد من الدول العربية على تطبيع العلاقات مع إسرائيل. ولربما تشعر الحكومة بأنها محصنة من أن ترمى بتهمة التمييز بفضل وجود حزب عربي إسرائيلي داخل الائتلاف الحاكم.


في هذه الأثناء، يستمر الاستيلاء على الأرض وهدم البيوت في تجريد الفلسطينيين من أملاكهم وسلب حقوقهم على جانبي "الخط الأخضر"، ناهيك عن توسيع المستوطنات غير المشروعة في المناطق المحتلة. في العام الماضي، تطورت سريعا الاحتجاجات ضد طرد العائلات الفلسطينية من بيوتها في القدس الشرقية، وتحولت إلى صدام بين مسلحي حماس والجيش الإسرائيلي، مما أسفر عن مقتل 250 شخصا في غزة وما يقرب من عشرة إسرائيليين.

 

قد يرى زعماء إسرائيل نصرا في استمرار ضم الأراضي الفلسطينية، والقوانين التي تسن وتضفى عليها صفة دستورية لتكريس دونية غير اليهود، وتعزيز منظومة السيطرة والتحكم. إلا أن الاتجاهات التي تشاهد في مجالات حقوق الإنسان والحقوق المدنية، تشير إلى أن كل ذلك يمكن أن يتحول إلى هزائم داخل محكمة الرأي العام الدولي.

التعليقات (0)