قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان: إنّ وفاة 12 من المهاجرين وطالبي اللجوء بسبب البرد على الحدود التركية هو نتيجة مباشرة لعمليات الصد
اليونانية غير القانونية، والألعاب السياسية غير الإنسانية التي تحاصر المهاجرين وطالبي اللجوء، وتتركهم يتجمدون حتى الموت على الحدود الأوروبية.
وأكّد المرصد الأورومتوسطي في بيان صحافي له اليوم الخميس، أرسل نسخة منه لـ
"عربي21"، أن الحادثة المُخزية هي نتيجة متوقعة للسياسة الأوروبية التي تسمح للدول الأعضاء بصد طالبي اللجوء بدعم مباشر أو غير مباشر من الوكالة الأوروبية لحرس الحدود والسواحل (فرونتكس)، على الرغم من أنّ هذه الممارسات تشكل انتهاكًا واضحًا للقانون الدولي والأوروبي.
وأعلن وزير الداخلية التركي "سليمان صويلو" أمس الأربعاء العثور على 12 جثة لأشخاص "تجمدوا حتى الموت" بالقرب من معبر إبسالا الحدودي، حيث عُثر عليهم بدون أحذية ومجردين من ملابسهم، ويُعتقد أنهم كانوا من بين 22 مهاجرًا وطالب لجوء أعادهم حرس الحدود اليوناني أخيرًا.
وبيّن المرصد الأورومتوسطي أنّ المهاجرين وطالبي اللجوء يكافحون من أجل البقاء في محاولاتهم للوصول إلى دول الاتحاد الأوروبي بحثًا عن الأمان والكرامة، إذ يتعرّضون بشكل مستمر للصد والإيذاء الجسدي والترهيب النفسي من قبل عناصر إنفاذ القانون المنتشرين على الحدود الأوروبية، ويُمنعون من التماس الحماية الدولية.
وانتقد الأورومتوسطي التجاهل غير المبرر لهذه الانتهاكات من جميع الأطراف المعنية، إذ إن حالات الوفاة الناتجة عن عمليات الصد والإرجاع أصبحت تمر دون أن يتم حتى إدانتها أو التحقيق في ملابساتها.
وما يزال الآلاف من المهاجرين وطالبي اللجوء محاصرين في دول البلقان وبين الحدود بين بيلاروسيا وبولندا، حيث يتعرضون للصد والاعتداءات الجسدية من حرس الحدود بشكل يومي، وينامون في ظروف قاسية في درجات حرارة منخفضة جدًا.
وتسببت الظروف الصعبة في الأيام الأخيرة بوفاة فتاة (10 أعوام)، حيث انتُشلت جثتها من نهر دراجونجا بعد أن حاولت هي وعائلتها عبور الحدود إلى سلوفينيا، كما توفي شاب (31 عامًا) من البرد، بالإضافة إلى ما لا يقل عن 21 مهاجرًا وطالب لجوء قضوا العام الماضي على طول الحدود بين بيلاروسيا وبولندا لدى محاولة العبور إلى الاتحاد الأوروبي، حيث تصل درجة الحرارة هناك في بعض الأحيان إلى 7 درجات تحت الصفر.
ولفت المرصد الأورومتوسطي إلى أنّ الجوع والجفاف والبرد الذي يواجهه المهاجرون وطالبو اللجوء وهم يحاولون الاختباء من حرس الحدود في ظروف الشتاء القاسية هي سلوكيات متوقعة، وتتكرر بشكل يومي كل شتاء منذ سنوات، وتنتج من تخلي الدول الأوروبية عن مسؤوليتها في فحص طلبات اللجوء، وصدها للمهاجرين وطالبي اللجوء.
وقالت الباحثة في شؤون الهجرة واللجوء في المرصد الأورومتوسطي "ميكيلا بولييزي": إنّ الدول تدرك أنّ صد المهاجرين وطالبي اللجوء سيعرض صحتهم وحياتهم للخطر لا سيما في فصل الشتاء، لكنّ ما نشاهده باستمرار على جميع الحدود الأوروبية تجاهل متعمد واستهتار بحق هؤلاء الأشخاص في الحياة.
وأضافت: "هذه المأساة المتصاعدة هي نتيجة مباشرة لعمليات الصد غير القانونية التي تنفذها اليونان وبولندا ودول البلقان، والتي تحول دون عثور طالبي اللجوء والمهاجرين على مأوى آمن ودافئ، إذ يُنظر إلى حياتهم على أنها لا تستحق الإنقاذ".
ودعا المرصد الأورومتوسطي حكومات اليونان وبولندا والمجر وكرواتيا وجميع الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي التي تعيد المهاجرين وطالبي اللجوء إلى بلدان أخرى لوضع حد لهذه الممارسات غير القانونية على الفور، وضمان سلامتهم وكرامتهم.
وحث جميع الدول المعنية على ضرورة الامتثال للاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان، واحترام وإعمال الحق في الوصول إلى إجراءات اللجوء والمبدأ الأساسي لعدم الإعادة القسرية وحظر المعاملة اللاإنسانية والمهينة والطرد الجماعي، وتزويد جميع المتقدمين بطلبات لجوء بالمأوى الملائم ومياه الشرب والطعام والمساعدة الطبية ومرافق الصرف الصحي والدعم النفسي.
وطالب المرصد الأورومتوسطي الاتحاد الأوروبي باتخاذ إجراءات عاجلة لمواجهة ممارسات الصد غير القانونية التي تجري بشكل علني على حدوده، والتأكد من أنّ جميع الدول الأعضاء تحترم القانون الدولي والأوروبي، ولا سيما المادة 6 من التوجيه 2013/33/EU الذي ينص على وجوب ضمان تزويد مقدم طلب اللجوء بوثيقة صادرة باسمه، تثبت وضعه كمقدم طلب، في غضون ثلاثة أيام من تقديم طلب الحماية الدولية، وكذلك المادتان 17 و18 المتعلقتان بشروط الاستقبال المادي والرعاية الصحية لطالبي اللجوء.