مقالات مختارة

البكتيريا السوبر: وباء خفي

أكمل عبد الحكيم
1300x600
1300x600

لقي مليون و200 ألف شخص حتفهم عام 2019، بسبب العدوى بالبكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية، وذلك حسب دراسة هي الأكبر من نوعها في التاريخ على الإطلاق، شملت 204 دول، وشارك فيها عدد كبير من الباحثين الدوليين، بقيادة علماء جامعة واشنطن بالولايات المتحدة، ونشرت في العدد الأخير من أشهر وأعرق الدوريات الطبية (The Lancet).


وبخلاف المليون والـ 200 ألف شخص الذين لقوا حتفهم بشكل مباشر بسبب البكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية، التي أصبحت تعرف بالبكتيريا السوبر، يقدر القائمون على الدراسة أن هذه الأصناف من البكتيريا تسببت أيضا في 5 ملايين وفاة أخرى بشكل غير مباشر، وهو رقم يزيد على عدد الوفيات في العام نفسه؛ بسبب طفيل الملاريا أو فيروس الإيدز.


ففي العام نفسه، أي 2019، لقي 860 ألف شخص حتفهم بسبب فيروس الإيدز، كما توفي 640 ألفا آخرون بسبب طفيل الملاريا، وهي أرقام على ضخامتها، تتضاءل أمام الوفيات الناتجة عن البكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية. وحتى وباء فيروس كوفيد ـ 19 الذي تسبب في زلزال هز العالم صحيا واقتصاديا واجتماعيا، قتل في عامين 5 ملايين شخص، في وقت تقتل فيه البكتيريا السوبر خلال العام الواحد، مليونا و200 ألف بشكل مباشر، و5 ملايين بشكل غير مباشر.


ولذا؛ تصنف منظمة الصحة العالمية ظاهرة مقاومة الميكروبات للأدوية والعقاقير، واحدة من أهم عشرة مخاطر صحية تهدد الجنس البشري حاليا. ورغم أن هذه المشكلة معروفة منذ عقود، إلا أن عدد الوفيات الذي أظهرته الدراسة، فاق توقعات الخبراء والمتخصصين، وهو ما دفع البعض لوصف الوضع الحالي بأنه وباء خفي.


والمعروف أيضا أسباب وجذور هذه المشكلة المتفاقمة يوما بعد يوم، التي نذكر منها الاستهتار وسوء استخدام المضادات الحيوية، إما لعلاج أمراض فيروسية لا تجدي معها المضادات الحيوية نفعا كونها تؤثر على البكتيريا فقط، أو لعلاج حالات عدوى بكتيرية طفيفة لا تستدعي تناول مضادات حيوية، حيث يمكن لجهاز المناعة التخلص منها بنفسه.


أضف إلى ذلك إفراط وسوء استخدام مماثل للمضادات الحيوية في تربية الحيوانات الداجنة، من طيور، وأغنام، وماشية، في وقت لم يتم فيه اكتشاف أي مضاد حيوي جديد، منذ عقود. والمؤسف أن ظاهرة مقاومة العقاقير والأدوية المستخدمة لعلاج الأمراض المعدية، لم تعد تقتصر على مضادات البكتيريا فقط، بل امتدت إلى مضادات الفيروسات، ومضادات الفطريات، ومضادات الطفيليات أيضا.


بل إن هذه الظاهرة لم تعد تقتصر على الميكروبات التي تصيب بني البشر فقط، وإنما امتدت أيضا إلى النباتات والحيوانات التي يعتمد عليها إنسان العصر الحديث في تحقيق أمنه الغذائي.

 

(الاتحاد الإماراتية)

 

0
التعليقات (0)