هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
تسونامي من القمامة الإلكترونية، هذه هي الصفة التي أطلقها مؤخراً منتدى دولي على حجم المخلفات الناتجة عن بقايا الأجهزة الإلكترونية والكهربائية، مثل الهواتف المتحركة، وأجهزة التلفزيون، والكمبيوترات المكتبية واللوحية، والأجهزة المنزلية بمختلف أنواعها.
ولإدراك حجم هذا التسونامي المتزايد باضطراد، وحسب منظمة تعرف باسم الشراكة الدولية لإحصائيات القمامة الإلكترونية (Global E-waste Statistics Partnership)، ازداد حجم الإنتاج العالمي من المخلفات الإلكترونية (E-waste) بنسبة 21% خلال الأعوام الخمس الماضية، ليبلغ 53 مليون طن.
ولتقريب الصورة، فإن هذا الحجم يعادل حجم 350 سفينة من سفن الركاب السياحية الضخمة، التي لو رُصَّت واحدةٌ تلوَ الأخرى في خط واحد، فسيصل طول هذا الخط إلى 125 كيلومتراً. ويتوقع أن تتسارع وتيرة إنتاج المخلفات الإلكترونية، في ظل ازدياد انتشار استخدام الأجهزة الإلكترونية في حياتنا اليومية، وقصر دورة تحديثها بموديلات جديدة، مما يتطلب شراء الأحدث منها، والتخلص من الموديلات القديمة التي قد لا يزيد عمر بعضها عن عامين أو أقل.
وفي ظل حقيقة أن نسبة 17% فقط من هذه القمامة الإلكترونية، تتم إدارتها بشكل سليم وإعادة تدويرها في المراكز المتخصصة، تجد الغالبية العظمى منها، أي 83%، طريقها إلى مكبّات النفايات، وغالباً من خلال طرق غير شرعية إلى أراضي الدول الفقيرة والنامية.
وتشكل هذه النفايات خطراً بيئياً وصحياً جسيماً، بسبب احتوائها على عدد من المعادن الثقيلة السامة، مثل الزئبق، والرصاص، والنيكل، وطائفة متنوعة من المواد الكيميائية الأخرى عالية السمية، يزيد عددها عن الألف.
وعلى الصعيد البيئي، وبخلاف التبعات السلبية للتركيزات المرتفعة من هذه المعادن والمواد على الحياة الفطرية، تجد أيضاً طريقها للتربة، ومجاري المياه العذبة، وخزانات المياه الجوفية، التي تعتمد عليها نسبة لا يستهان بها من المجتمعات البشرية في الزراعة وتلبية احتياجاتها من مياه الشرب.
ومما يزيد الطين بلةً، أن أماكن إعادة التدوير غير الشرعية في الدول النامية والفقيرة، لغرض استخلاص المعادن الثمينة من القمامة الإلكترونية، يعمل بها أكثر من 12 مليون امرأة، الكثير منهن حوامل، مما يعرض أجنتهن في بطونهن لتلك المواد السامة.
كما يعمل بهذه الصناعة ملايين المراهقين والأطفال أيضاً، نسبة لا يستهان بها منهم دون سن الخامسة، وهي المرحلة العمرية التي تنمو فيها أعضاؤهم بشكل متسارع، مما يجعلهم أكثر عرضةً للتأثيرات السلبية للمواد السامة الموجودة في القمامة الإلكترونية.
كل هذه العوامل مجتمعةً، تجعل من النفايات الإلكترونية قضيةَ صحة عامة دولية، تترك بصمتها على صحة جزء كبير من الأجيال القادمة، وتضع نظم الرعاية الصحية المهترئة أساساً، أمام تحد يتزايد حجمه وتبعاته بمرور الوقت.