سياسة عربية

تركيز روسي على إعادة تأهيل جيش النظام السوري بالجنوب

العميد أحمد حمادة: "تعول روسيا على الحركة التجارية مع الأردن لإنعاش اقتصاد النظام السوري"- جيتي
العميد أحمد حمادة: "تعول روسيا على الحركة التجارية مع الأردن لإنعاش اقتصاد النظام السوري"- جيتي

تركز روسيا مؤخرا على إعادة تأهيل قطع وتشكيلات جيش النظام السوري المنتشرة بالجنوب السوري، في الوقت الذي يعزو فيه خبراء لـ"عربي21" ذلك إلى جملة من الحسابات، في مقدمتها الالتزامات التي وعدت بها موسكو الأردن و"إسرائيل".


وفي آخر مؤشر يدل على توجه روسيا، أشرف جيشها قبل يومين، على مناورة تكتيكية شاملة أجراها جيش النظام في محافظة السويداء جنوب غربي البلاد.


وذكر ممثل القوات الروسية في سوريا، أليكسي زخاروف، بحسب وكالة "نوفوستي" الروسية أنه "جرى استخدام وحدات من مجموعة تكتيكية، ومجموعة تكتيكية مختلطة من القوات السورية ومجموعة مدفعية مختلطة، تتكون من أنظمة إطلاق صواريخ متعددة، بالإضافة إلى وحدات فرعية للدبابات".


وقبل ذلك، بدأت روسيا عمليات تدريب واسعة لوحدات جيش النظام التابعة لـ"الفيلق الأول"، المنتشر في جنوب سوريا (درعا، السويداء، القنيطرة).

 

اقرأ أيضا: خبراء: إيران تحاول استعادة ما أنفقته على النظام السوري

ويرجع الباحث في الشؤون العسكرية، النقيب رشيد حوراني، في حديث خاص لـ"عربي21" تركيز روسيا على الجنوب السوري، إلى الالتزامات من جانب موسكو بمخرجات الاجتماع الأمني الإسرائيلي- الأمريكي- الروسي الذي جرى في منتصف العام 2019 بالقدس المحتلة، والذي نص على ضمان أمن الاحتلال وخاصة من جهة سوريا.

 

مضيفاً: "لذلك روسيا بسعيها لتأهيل جيش النظام تحقق أكثر من هدف، الأول الاعتراف بشرعية النظام من جهة، والثاني أن الجيش هو المؤسسة الرسمية للنظام الشرعي القادر على ضبط الحدود".


ويوضح حوراني، أنه بسبب طول مدة الثورة وانتشار الفوضى، وعدم قدرة الفصائل المحلية على التوحد، وهذا الأمر ينطبق على السويداء، تحاول روسيا تقديم قوات النظام الأمنية والعسكرية على أنها الخيار الأفضل.


وإلى جانب ذلك، تتخوف روسيا من توغل إيران بشكل أكبر وخاصة في الجنوب، كما تتخوف من جهة ثانية من أن يتم تسليح الجيش من دول غيرها.


بدوره، يرى الباحث السوري محمد السكري، أن الاهتمام الروسي بالجنوب بدأ منذ تسليمها المنطقة من قبل الولايات المتحدة الأمريكية، بالتوافق مع إسرائيل.


وفي حديثه لـ"عربي21" يضيف الباحث، أنه كان هناك تعويل على قدرة روسيا بتحويل فصائل المعارضة إلى مجموعات منخرطة في منظومة جيش النظام، بكونها أكثر جدية في التعامل مع الملف الإيراني الذي يعتبر ملفا حساسا لدى الفاعلين الدوليين والإقليميين على رأسهم إسرائيل.


ويستدرك: "لكن ثبت لروسيا صعوبة تغيير توجهات المعارضة السورية من حيث إسقاط النظام وقتال مجموعات تتبع لجيش النظام".


ودفع كل ذلك، وفق السكري، روسيا لإعادة النظر بدعمها لفصائل "التسوية"، وتابع: "لذلك أوقفت دعمها وباتت تركز على البحث عن صيغة للمواءمة بين ضرورة الحد من التوجه الإيراني وبين الحفاظ على مؤسسات الدولة السورية، ولكن كان من الصعب إيجاد ذلك في مجموعات النظام، ولا سيما المنتشرة في درعا مثل "الفرقة الرابعة" التي تسيطر عليها إيران، لذلك ركزت على تأهيل مجموعات من عناصر النظام من جديد تتبع لها على غرار "قوات النمر"".

وأشار السكري إلى أن روسيا تسعى لفرض سيطرتها الكاملة على الجنوب السوري، وإبعاد إيران عن المنطقة، وتبحث عن تحويل تحدي فوضى المنطقة إلى فرصة لبسط تلك السيطرة انطلاقا من محددات تقويض فصائل المعارضة، والحد من النفوذ الإيراني، وتهجير عناصر في المؤسسة العسكرية تدين لطهران بالولاء، وتعزيز حضورها في منظومة النظام على حساب إيران، وتعزيز مؤسسات الدولة.

ورأى أنه "وسط تناقض كل هذه الملفات وتضاربها، تتحرك من هذه التناقضات لتحقيق تلك الرؤية".


أما الخبير العسكري والاستراتيجي، العميد أحمد حمادة، فيؤكد أن الهدف من المناورات العسكرية والتدريبات الروسية لوحدات جيش النظام، هو إعادة الانسجام بينها، وخصوصا أن جيش النظام وصل لدرجة كبيرة من التفكك.


ويكمل في حديثه لـ"عربي21"، بأن أهمية الجنوب السوري، التي تنبع من قربه من دول إقليمية عدة، دفعت بروسيا إلى التركيز على جيش النظام هناك، منعا لاختراقات أمنية للدول المجاورة انطلاقا من الجنوب السوري.


وثمة حسابات متعلقة بالاقتصاد، يشرحها حمادة بقوله: "تعول روسيا على الحركة التجارية مع الأردن لإنعاش اقتصاد الأسد، وهي تحاول خلق بيئة آمنة لهذا الغرض"، ويضيف: "لكن في ظل تواجد إيران في الجنوب تبقى محاولات روسيا بدون أي طائل، حيث نقلت إيران خطوط دفاع إلى محاذاة الجولان، وكذلك مكنّت مليشياتها من الحضور في الجنوب السوري".


ويختتم العميد بقوله: "تريد روسيا ممارسة الدعاية بأنها قادرة على كبح النفوذ الإيراني في الجنوب السوري، علماً بأن ما يجري على الأرض هو بخلاف ذلك".

التعليقات (0)