هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
أثار إعلان زعيم التيار الصدري في العراق، مقتدى
الصدر، السبت، إنهاء المليشيات في الحكومة المقبلة، تساؤلات بخصوص قدرته على تنفيذ
ذلك وإقصاء هذه الفصائل، المعروفة محليا بـ"الولائية"، أي أنها توالي إيران
وتأتمر بإمرتها؟
تعهد الصدر الذي يتزعم الكتلة الأكثر عددا في
البرلمان 73، جاء عقب يوم واحد من إشارته في تغريدة على "تويتر" إلى تشكيل
تحالف مع قوى "تصميم، وتقدم، وعزم، والديمقراطي الكردستاني"، الذي يصل عدده
إلى أكثر من 170 مقعدا من مجموع 329.
"قدرة مشروطة"
وتعليقا على ذلك، قال الخبير الأمني والإستراتيجي
العراقي، الدكتور مهند الجنابي، إن "خطوة إنهاء المليشيات في العراق لا شك أنها
خطيرة، لكنها ضرورية ولا يمكن الاستغناء عنها".
وأوضح الجنابي لـ"عربي21" أن
"أي حكومة قوية تأتي قادرة على القيام بالمهمات المطلوبة منها، يجب عليها أن تضع
على رأس أولوياتها إنهاء السلاح خارج إطار الدولة، والتي تعبر عنه المليشيات".
وأشار إلى أن "قدرة الصدر تعتمد على ما
سيحصل في قابل الأيام، فإذا جرى احتواء الغطاء السياسي لهذه المجاميع، وتحديدا تحالف
(الفتح) وبعض قوى (الإطار التنسيقي)، وجعلها ضمن تشكيلة الحكومة، فلن يستطيع زعيم
التيار الصدري محاربة المليشيات".
ولفت الجنابي إلى أن "الحرب على المليشيات
حرب ضرورة وليست حرب اختيار، فإذا أراد الصدر الذهاب بهذا الاتجاه فإن الدعم الشعبي
موجود، وكذلك دعم جمهور تياره أيضا متوافر، إضافة إلى ما تشكله هذه المليشيات من تهديدات
للأمن الدولي، وليس فقط الأمن الوطني العراقي".
ونوه إلى أن "الصدر قطع وعدا على نفسه
(إنهاء المليشيات)، وإذا شكّل الحكومة فسيكون ملزما بتنفيذ ذلك، وسيراقب الشعب العراقي
وعوده الانتخابية والوعود التي أطلقها أثناء مرحلة تشكيل الحكومة، وبالتالي سيكون ملزما
بتنفيذ هذه الوعود، ولا وجود للاستقرار بالعراق في ظل وجود مثل هذه المجاميع".
"حكومة قوية"
وحول مدى ارتباط الموضوع بشخص رئيس الحكومة المقبل،
رأى الجنابي أن "الأداء السابق في مواجهة المليشيات من حكومة مصطفى الكاظمي كان
مرتبطا بالوضع السياسي في البلاد، والضعف الذي تعاني منه الحكومة لعدم وجود حماية سياسية
لها وكتلة داعمة بالبرلمان".
وأضاف الجنابي قائلا: "لكن رغم ذلك الضعف،
استطاعت حكومة الكاظمي اتخاذ إجراءات عدة كشفت أساليب المليشيات، والتي أوصلتها بالنهاية
إلى الخسارة الكبيرة في الانتخابات البرلمانية الأخيرة".
ورأى الخبير العراقي أنه "مع وجود دعم سياسي
وكتلة برلمانية كبيرة يصر صاحبها (الصدر) على إنهاء المليشيات، فإن الحكومة المقبلة
ستكون مدعومة بشكل كبير جدا لإنهاء ملف المليشيات، خصوصا إذا كانت حكومة قوية (أغلبية
وطنية) فإذا جدد للكاظمي، فلن يتردد بهذا الأمر".
وتابع: "النية موجودة لإنهاء المليشيات
المسلحة، لكن الإمكانيات لم تكن مواتية لنفس الشخص (الكاظمي)، وإذا أعيد نفسه بتركيبة
حكومية قوية وتوفر غطاء سياسي قوي، فإنه لن يتردد في إنهاء هذه الجماعات، لأن نجاح
الحكومة يتوقف على ذلك".
اقرأ أيضا: الصدر: المليشيات لا مكان لها بالحكومة العراقية المقبلة
"تقنين محتمل"
وفي المقابل، استبعد الكاتب والمحلل السياسي
العراقي حسين السبعاوي، أن يكون الصدر قادرا على "إنهاء المليشيات في العراق،
وإنما ربما يذهب إلى تقنينها كما حصل مع الحشد الشعبي عندما شُرع له قانون، وأصبح من
يتكلم ضد انتهاكاته يقال له: هذه جهة رسمية مشكلة بموجب القانون".
وأضاف السبعاوي في حديث لـ"عربي21"، أن "الصدر لا يستطيع القضاء على المليشيات، كون قرارها ليس محليا، وإنما دولي
بإسناد إقليمي، لأنه يراد للعراق أن يكون لا دولة، ولا يمكن أن يكون كذلك ولديه قوات
مركزية مهنية من خلال وزارتي الدفاع والداخلية".
وأشار إلى أن "القوى الدولية أرادت تفكيك
العراق، وبالتالي سلمت الملفات الأمنية للمليشيات، لأنها أفضل أداة لإيجاد الفوضى الخلاقة
في العراق، وبالتالي فإن الصدر لا يستطيع أن يحل المليشيات ويقضي عليها".
ورجح السبعاوي أن "يقنن الصدر هذه المليشيات،
بسن قانون يحتويها، ففي عام 2003 كانت أربعة مليشيات فقط، ثم فرخت هذه المليشيات وبعدها
دمجت كلها في الحشد الشعبي، وبدأت الآن تشكيل مليشيات جديد تحت مسميات أخرى مثل: (ربع
الله، وأبو قداحة.. وغيرها)".
ودعا الكاتب العراقي زعيم التيار الصدري إلى
حل "المليشيات الخاصة به"، بالقول: "الصدر نفسه لديه مليشيات (جيش المهدي،
اليوم الموعود، سرايا السلام) فالأولى به أن يبدأ بحلها، وإلا ماذا نسمي هذه التشكيلات
كلها، هل هي وزارات دولة؟".
وقال الصدر عبر حسابه في "تويتر"،
السبت، عشية انعقاد أول جلسة للبرلمان العراقي الجديد لاختيار رئيس البرلمان ونائبيه،
إنه "اليوم لا مكان للطائفية ولا مكان للعرقية، بل حكومة أغلبية وطنية يدافع الشيعي
فيها عن حقوق الأقليات والسنة والكرد".
وأضاف: "لا مكان للفساد، فستكون الطوائف
أجمع مناصرة للإصلاح، ولا مكان للمليشيات، فالكل سيدعم الجيش والشرطة والقوات الأمنية،
وسيعلو القانون بقضاء عراقي نزيه".
نهاية كانون الأول/ ديسمبر الماضي، صدقت المحكمة
الاتحادية العليا على نتائج الانتخابات التي جرت في 10 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي،
وردت دعوى أقامها رئيس تحالف "الفتح" هادي العامري، لإلغاء نتائجها بداعي
أنها "مزورة".
وجاء إقرار النتائج بصورة نهائية بعد الكثير
من الجدل والتوترات التي شهدتها البلاد، إذ اعترضت غالبية القوى والفصائل الشيعية عليها،
معتبرة أنها "مفبركة" و"مزورة".