صحافة إسرائيلية

الاحتلال يسحق الحقول الزراعية بالأغوار ويسممها بغزة

كل بضعة أسابيع يأتي الجيش ويدمر الخيام ويصادر التراكتورات والسيارات- جيتي
كل بضعة أسابيع يأتي الجيش ويدمر الخيام ويصادر التراكتورات والسيارات- جيتي

أكدت صحيفة عبرية، قيام جيش الاحتلال الإسرائيلي بتدمير مئات الدونمات المزروعة بالقمح من أجل تنفيذ مناورات وتدريبات عسكرية في منطقة الأغوار، في حين يسمم حقول غزة بالطائرات من الجو. 
 
وأوضحت "هآرتس" في تقرير لها شارك في إعداده جدعون ليفي واليكس ليباك، أنه "في الوقت الذي تصاعد فيه دخان أبيض من الطابون، كان هناك دخان أسود تصاعد من جرافة عسكرية إسرائيلية، دمرت حقول القمح في خربة "إبزيق" شمال غور الأردن، إنها خيبة أمل نموذجية". 


وأضافت: "فلاحون فقراء، يعيشون بدون كهرباء وماء، جلسوا هناك في برد الغور، وهم يرسلون نظراتهم الحزينة نحو الآلة المدمرة التي داست في هذا الصباح حقولهم ودمرتها، علما بأنهم حرثوا وزرعوا في ظروف لا تصدق". 
 
ونوهت إلى أنه "كل بضعة أسابيع، يأتي الجيش ويدمر لهم الخيام ويصادر التراكتورات والسيارات، ويدمر الألواح الشمسية وخزانات المياه ويطردهم مدة يوم أو يومين إلى حين انتهاء التدريب في حقولهم، هنا لا توجد أي مقاومة، هؤلاء هم أضعف الضعفاء، هدفهم استخراج الخبز من هذه الأرض الجيدة هنا". 
 
ونبهت الصحيفة، إلى أن "ما حدث الاثنين الماضي لم يسبق له مثيل، مئات الدونمات سحقت تحت سلاسل جرافات جيش التدمير الإسرائيلي، حقول إنتاجية تحولت لحقول دبابات، والأرض الخصبة تحولت لساحة تدريب، أكثر من 500 دونم حرثت وزرعت وبوادر الزرع ظهرت واخضرت، دمرت بشكل كامل، لقد تكدست الأرض لتصبح منحدرات للدبابات". 

 

اقرأ أيضا: الاحتلال يهدم عشرات المنشآت في الأغوار الشمالية والخليل
 
وأشارت إلى أن "المشهد صعب للغاية، الجرافات سارت ذهابا وإيابا وهي تسحق الزرع، مدمرة كل بوادر المحاصيل، إنها مهمة حقيرة، لقد احتفل أحد ضباط الجيش بعيد ميلاد ابنه، فالجنود لا يخجلون من أفعالهم، لقد مزقت السلاسل الحديدية الأرض وسحقت حتى صهريج مياه". 
 
وتساءلت: "ما الذي سيقوله هؤلاء الجنود لعائلاتهم عندما يعودون إلى البيت من تلك المهمة؟ هل سيقولون بأنه مر عليهم يوم جيد وأنهم ساهموا في أمن إسرائيل عندما دمروا المحاصيل؟". 
 
وبينت "هآرتس"، أن سلطات الاحتلال تمنع سكان خربة "إبزيق" من اقتناء السيارات وتقوم بمصادرتها إلى جانب مصادرة معداتهم الزراعية، حتى وأنت تسير في تلك الطريق المدهشة يمكن رؤية الدمار الذي لحق بتلك الحقول بسبب دبابات الجيش الإسرائيلي، وكلما اقتربنا نحو خيمة أبناء عائلة تركمان، "المشهد يصبح أكثر قسوة وصعوبة، فهنا الدبابات تكوم الأرض المزروعة من أجل بناء خنادق للدبابات التي ستأتي في الليل، وكفة الجرافة تكوم ساتر تستخدمها الدبابة في التدريب الليلي، وفي حدود غزة الجيش الإسرائيلي يسمم الحقول من الجو، وفي حدود الغور هو يسحقها".


وأشارت إلى أن السكان الفلسطينيين، "يجلسون عل مداخل خيامهم التي لم تدمر بعد، وينظرون بصمت لحقولهم الآخذة في الاختفاء، للحظة يبدو أنه يتم تصوير فيلم هنا"، موضحة أن لدى السكان نحو 800 رأس من الأغنام، وزراعة تلك الحقول كانت بهدف إنبات الأعلاف للمواشي. 
 
ورأت أنه من أصعب المشاهد، رؤية الألواح الشمسية المحطمة، وهي مصدر الكهرباء الوحيد للسكان هنا، حيث لا توجد هنا مياه ولا كهرباء، وماذا بعد، هم سيبقون هنا والقمح سينبت مرة أخرى، مؤكدة أن الأراضي الواسعة التي تم تجريفها، هي ملكية خاصة لعائلات فلسطينية من طوباس، وعائلة محمد تركمان (58 عاما) وابن عمه عادل تركمان (46 عاما) يعيشون هنا، ويقومون بفلاحة هذه الأرض، حيث تقع ضمن الأراضي المصنفة "ج" التي لا يسمح الاحتلال للفلسطينيين بالبناء فيها. 
 
ونبهت الصحيفة، أن جيش الاحتلال وزع يوم 5 كانون الأول/ديسمبر الماضي "أوامر إبعاد وإخلاء مؤقت" من أجل تنفيذ تدريبات عسكرية، ويوم 27 من ذات الشهر طلب منهم المغادرة في يوم شديد البرد. 
 
عارف ضراغمة، الباحث في "بتسيلم"، وهو نائب رئيس مجلس شمال الغور الفلسطيني، كان معهم في ذلك اليوم لتوثيق معاناتهم، وقال: "في كل عملية إخلاء هم يخافون مما سيحدث لممتلكاتهم التي يتركونها خلفهم، ماذا سيحدث للأغنام؟ يخافون من الدبابات ومن مخلفات الذخيرة التي يمكن أن يتركوها خلفهم ويخافون على مصيرهم". 
 
وعقب تدمير خيامهم هذه المرة، طالبهم جيش الاحتلال مرة أخرى يوم 2 كانون الثاني/يناير 2022 بمغادرة أراضيهم مرة أخرى، وعندما وصل الجيش غادروا، وفي فجر اليوم التالي عادوا مثلما هو الأمر دائما، ولكن في هذه المرة كان هناك قصف في المنطقة، وعند بزوغ الفجر يوم الاثنين الماضي، رأوا ما لم يروه في أي وقت سابق، وعلق ضراغمة على ذلك بقوله: "إنها حرب"، لقد جاءت الجرافات وبدأت بالسير في حقولهم. 
 
ولفتت "هآرتس" إلى أن المتحدث بلسان الجيش الإسرائيلي، "تجاهل كليا سؤال الصحيفة: هل الجيش يتصرف هكذا أيضا في حقول اليهود؟"، منوهة إلى أن "المنطقة مظلمة، لكنها مزروعة بأضواء السيارات العسكرية التي تتجول هنا وهناك، وهي تواصل بناء الأكوام في الظلام، والسكان يتجمعون في الخيام بلا إنارة منذ تحطيم الألواح الشمسية من قبل الجيش، والرجال يواصلون رؤية الجرافات في الظلام، وبعد قليل سيشعلون النار لطرد البرد قليلا".

التعليقات (0)