ملفات وتقارير

هل حرم أمر الدفاع (35) الأردنيين من حقوقهم الأساسية؟

يعاقب أمر الدفاع (35) الموظف الذي يسمح بدخول أي شخص لم يتلق جرعتين من المطعوم إلى مؤسسات القطاع العام- جيتي
يعاقب أمر الدفاع (35) الموظف الذي يسمح بدخول أي شخص لم يتلق جرعتين من المطعوم إلى مؤسسات القطاع العام- جيتي
اضطر الطالب الأردني "حسن" أن يقفز من فوق سور جامعته، ليتمكن من تقديم امتحان في مادة "أساليب الاتصال البشري"، بعد أن منعه الأمن الجامعي من الدخول؛ لكونه لا يحمل شهادة تثبت تلقيه مطعومين مضادين لفايروس كورونا.

يقول حسن لـ"عربي21" طالبا عدم ذكر اسمه كاملا: "حاولت إقناع الحراس الذين يقفون على بوابات الجامعة بإدخالي لأقدم الامتحان، إلا أنهم رفضوا بحجة أن أمر الدفاع (35) دخل حيز التنفيذ، وليس بإمكانهم أن يتحملوا مسؤولية مخالفته".

ويعاقب أمر الدفاع (35) الذي بدأ تنفيذه مع بداية العام الجاري، الموظف الذي يسمح بدخول أي شخص لم يتلق جرعتين من المطعوم المضاد لكورونا إلى مؤسسات القطاع العام، بعقوبات تأديبية في نظام الخدمة المدنية، وبإغلاق منشأة القطاع الخاص في حال مخالفة أمر الدفاع، فضلا عن فرض غرامات عليها.

ويلزم الأمر موظف القطاع العام أو العامل في منشآت القطاع الخاص، بتلقي جرعتي مطعوم كوفيد-19، وإلا لا يسمح له بالالتحاق بالعمل، وتُحسم الأيام التي لا يسمح له بالدوام أو العمل فيها من رصيد إجازاته السنوية، وفي حال استنفد رصيد إجازاته السنوية فإنه يعتبر في إجازة بدون راتب ولا علاوات، ولا يستحق خلال تلك الفترة أي راتب أو علاوة أو مكافأة.

عدم مراعاة الحالات الخاصة

منسق الحملة الوطنية من أجل حقوق الطلبة "ذبحتونا" فاخر دعاس، رأى أن أمر الدفاع الأخير يلزم الناس بأخذ المطعوم بطريقة غير مباشرة، مؤكدا أهمية توعية الناس وتشجيعهم على تلقي اللقاح "لكن دون إلزام".

وأضاف لـ"عربي21" أنه "كان من المفترض أن يراعي أمر الدفاع الحالات الخاصة، كطلبة الجامعات، وطلبة الثانوية العامة الذين بدأوا تقديم امتحاناتهم التكميلية الخميس الماضي، أي قبل يومين من بدء سريان قانون الدفاع 35".

وتابع دعاس: "تم إلزام نحو 120 طالب توجيهي بتلقي مطعومين خلال مدة أقل من شهر، كشرط لتقديم الامتحان التكميلي، بينما هم غير مستعدين لتحمل مضاعفات اللقاح المَرَضية، بسبب تفرغهم التام للدراسة والاستعداد للامتحان".

ولفت إلى أن القرار تم تطبيقه منذ البداية بشكل صارم، دون حكمة أو مراعاة لبعض الحالات الخاصة، مضيفا: "كان يجب أن يكون هناك ملحق لأمر الدفاع يستثني بعض الحالات".

وأكد دعاس أن "كثيرا من المرضى اليوم يُمنعون من الدخول إلى المستشفيات لتلقي العلاج بحجة عدم تلقي المطعوم، وبزعم أن حالاتهم غير اضطرارية"، مشيرا إلى أنه "حتى مرضى مركز الحسين للسرطان يطبق عليهم قانون الدفاع، ويمنعون من تلقي العلاج داخله".

ونص أمر الدفاع (35) على أنه "لا يسمح لأي شخص تجاوز الـ18 من عمره مراجعة أي من الوزارات أو الدوائر الحكومية، أو المؤسسات الرسمية أو المؤسسات العامة، أو الدخول لأي من منشآت القطاع الخاص؛ إلا إذا تلقى جرعتي مطعوم كوفيد-19"، مستثنيا من ذلك "مَن يقوم بمراجعة المستشفيات والمراكز الصحية في الحالات الطارئة" فقط.

لا حل سوى "الإجبار"

ورأى مساعد المدير العام لشؤون المرضى في مركز الحسين للسرطان، الدكتور منذر الحوارات، أن قانون الدفاع (35) لم يحرم المواطنين من حقوقهم الأساسية، "لأن الحكومة أعطتهم مهلة كافية قبل تطبيقه، ووفّرت مراكز التطعيم بشكل ممتاز".

وأضاف لـ"عربي21" أن "على المواطنين أن يدركوا أن التساهل فيه مضرة للجميع، فهو يعني أنني أعاقب من تلقى اللقاح وأحافظ على صحته والصحة العامة؛ بمن لم يتلق المطعوم لقناعات واهية ولا علمية"، مشيرا إلى أن "صفة القانون معمول بها في كل دول العالم، حيث لا يسمح لمن لم يتلق اللقاح بدخول المواقع الصحية إلا في الحالات الطارئة".

وأكد الحوارات أنه "مع الإجبار في أخذ اللقاح، فهو خير وسيلة بعد عام كامل من طرح المطاعيم وعدم تلقيها إلا من قبل أربعة ملايين إنسان، من أصل 11 مليونا"، لافتا إلى أن "البلاد لم تصل إلى المناعة المجتمعية خلال السنة الفائتة، بل حتى لم تصل إلى المناعة في العينة المستهدفة، وهي كبار السن وضعيفي المناعة وأصحاب الأمراض المزمنة".

وحول الحديث عن عدم استقبال "مركز الحسين للسرطان" لعدد من المرضى بسبب عدم تلقيهم جرعتَي المطعوم؛ قال الحوارات إن "المركز طبّق قانون الدفاع (35) بحذافيره، مع بعض التسهيلات لمن تلقى الجرعة الأولى، حيث كان يُسمح له بالدخول بشرط إجراء فحص "بي سي آر"، الذي يكشف عن الإصابة بفايروس كورونا".

وتابع: "أما الحالات الطارئة التي لا تحتمل التأخير؛ فيتم إدخالها عن طريق الطوارئ، بعد إجراء فحص "بي سي آر"، والتأكد من حاجتها الملحة للعلاج".

حرمان من الحقوق الأساسية

وفي المقابل؛ أكدت المديرة التنفيذية لمركز العدل للمساعدة القانونية، هديل عبدالعزيز، أن قانون الدفاع (35) يحرم المواطنين من حقوقهم الأساسية بحجة أنهم لم يتلقوا المطعوم.

وقالت لـ"عربي21" إن "من حق الحكومة أن تتخذ إجراءات تشجع الناس على تلقي اللقاح بهدف الوصول إلى المناعة المجتمعية، لكن هذا لا يعطيها الحق أن تسلب المواطن حقه في مراجعة مؤسسات الدولة للحصول على الخدمات الأساسية".

وأضافت أن المواطن غير المتلقي للقاح "أصبح محروما من توثيق شهادة ميلاد، أو إتمام معاملة ضمان لأخذ تقاعده، أو الذهاب إلى صندوق المعونة أو الزكاة لاستلام مساعدة، أو الوقوف أمام القاضي في المحكمة، بل إنه يمنع من حقه في العمل والحياة الكريمة".

ورأت أن إجبار الناس على أخذ اللقاح من خلال القوانين المصادرة للحقوق الأساسية؛ قد يدفع الناس إلى ممارسات غير سليمة، مثل التزوير ومحاولات التحايل، لافتة إلى أن الحكومة لم تبذل الجهد الكافي لنشر الوعي بأهمية تلقي المطاعيم، خاصة في ظل تضارب تصريحات الجهات الحكومية حول أزمة كورونا وتداعياتها.

وتساءلت: "كيف للمواطن أن يقتنع بأهمية أخذ اللقاح وهو يرى الحفلات والتجمعات والمهرجانات التي لا يتم الالتزام فيها بأدنى معايير الوقاية الصحية؟".

وتابعت: "ليس من المنطق أن تعاقب المواطن لأنه لم يلتزم بالإجراءات الوقائية، في الوقت الذي يرى فيه أكثر النواب لا يضعون الكمامات في جلسات المجلس، ويخالط بعضهم بعضا بلا أي احترازات".

وقالت إن "الدول التي منعت الناس من دخول المنشآت دون تلقي اللقاح؛ وفّرت بدائل الكترونية، خاصة في قطاعات العمل والخدمات الحكومية، أما نحن فلم نوفر شيئا من ذلك".

وتجدر الإشارة إلى أن إجمالي عدد الإصابات منذ بدء الجائحة في الأردن، بلغ 1.069549 مليون إصابة، في حين ارتفع إجمالي عدد الوفيات إلى 12,765 وفاة، وفق موجز صادر عن وزارة الصحة الثلاثاء.
التعليقات (1)
جهان أحمد سميرات
الأربعاء، 26-01-2022 09:42 م
لا شك أن قانون الدفاع رقم 35 مجحف ويحرم المواطن من حقوقه الأساسية خصوصا أن الإلزام والفرض والتحايل بإجبار المواطن على تلقي المطعوم رغما عنه وحتى يتمكن الأخير من مجرد مراجعه المؤسسات وهو أبسط حقوقه على الدولة ويحرم العديد من الحصول على خدمة أو غير ذلك أو حتى العمل حيث بات الأمر فيه تشديد وتضييق على المجتمع بأسره أنا مع فرض التشديد في الوقاية الكمامة والتعقيم في حين أن فحص PCR يعد أجدى حيث نجد هناك من يعاني الكورنا ويراجع المؤسسات وهو متلقي المطعوم في حين أن فحص PCR أفضل من الناحية العملية حيث يدلل على خلو الشخص من المرض ويعد عمل هذا الفحص دوريا أضمن وأجدى من الناحية العملية حيث يكون من يداوم عليه فعليا متأكدا من خلوه من المرض لكن قرارات لا تراعي مصالح المواطن ولا خصوصياته وتضر به الضرر البليغ وفيها من التشدد والتعنت ومنع من ممارسة أبسط الحقوق وتعدي على الحريات لكن ماذا نقول حيث تتبع الجهات المسؤولة مايحدث في العالم التشديد والتقييم دون وجود بدائل هل نتوقف عن أخذ العلاج هل نقاطع المؤسسات أم هل تصبح الخدمات تقدم للبعض دون الآخرين وفي هذا تعدي على مبدأ المساواة وعلى الدساتير والحريات وفيه من الضرر والتعسف تحت شعار المناعة المجتمعية مت كمدا وقهرا يا أمة ضحكت من جهلها الأمم عند فرض قانون يراعى المجتمع بأسره وليس مجموعة على حساب مجموعة ودمتم ...