ملفات وتقارير

هكذا تعطل قطار التطبيع في 2021

2021 لم يشهد انضمام أي دولة عربية جديدة لقطار التطبيع- جيتي
2021 لم يشهد انضمام أي دولة عربية جديدة لقطار التطبيع- جيتي

عُرف العام 2020، بأنه عام التطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي، إذ أقدمت الإمارات والبحرين والسودان والمغرب على تلك الخطوة خلال الأشهر الأربعة الأخيرة من العام تباعا بداية من آب/ أغسطس وحتى كانون الأول/ ديسمبر 2020.

وبرعاية الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، وقعت الإمارات والبحرين بالبيت الأبيض، اتفاق تطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي، رسميا في 15 أيلول/ سبتمبر 2020، لتنضما إلى تطبيع مصر بـ"كامب ديفيد" 1978، والأردن 1994 بـ"وادي عربة".

وانضم إليها، السودان في 23 تشرين الأول/ أكتوبر 2020، والمغرب في كانون الأول/ ديسمبر 2020، ما سبب صدمة شعبية عربية وفلسطينية.

"انتكاسة التطبيع"

لكن العام 2021، انتهى على غير المتوقع في هذا الملف، حيث أنه لم تنجح قوى التطبيع العربي بكل إمكانياتها مع داعمي هذا الملف في أمريكا، وكذلك الحكومة الجديدة في تل أبيب برئاسة نفتالي بينيت في ضم أي من الدول العربية أو الإسلامية لقطار التطبيع.

ولاقت جبهة التطبيع ضربات من الداخل الإسرائيلي الذي رفض بشكل قاطع تملك أحد أفراد الأسرة الحاكمة في أبوظبي الملياردير حمد بن خليفة آل نهيان، لـ50 بالمئة من نادي "بيتار القدس" الإسرائيلي.

وأعلنت لجنة نقل الحقوق بالاتحاد الإسرائيلي لكرة القدم، 11 شباط/ فبراير 2021، سحب نادي بيتار القدس طلب نقل الملكية لرجل الأعمال الإماراتي.

وفي 5 تشرين الأول/ نوفمبر 2021، أعلنت وزارة حماية البيئة الإسرائيلية رفضها الترخيص لمشروع إماراتي يقضي بضخ النفط من الخليج إلى أوروبا مباشرة عبر ميناء إيلات (أم الرشراش) على البحر الأحمر.

وفي أكبر الصفقات الإماراتية الإسرائيلية أهمية وتأثيرا كان الاتفاق في تشرين الأول/ أكتوبر 2020، على تدشين خط أنابيب من الإمارات يمر بالسعودية إلى إسرائيل يربط بين البحرين الأحمر والمتوسط، لتصدير النفط الخليجي لأوروبا.

ورغم ما قدمته الإمارات من من تسهيلات للإسرائيليين وعقدته من تفاهمات تجارية واتفاقيات اقتصادية، إلا أن الرئيس الأمريكي جو بايدن جمد صفقة بيع أسلحة طائرات "إف-35" بقيمة 23 مليار دولار إلى أبوظبي.

وهو نفس الإجراء الذي اتخذته الإدارة الأمريكية في 2021، بحق المغرب على الرغم من افتتاح سفارة للاحتلال في الرباط واستقبالها وزير الخارجية الإسرائيلي في آب/ أغسطس 2021، وعقدها مذكرة دفاع مشترك مع تل أبيب 24 تشرين الأول/ نوفمبر 2021.

ومطلع آب/ أغسطس 2021، أكدت صحيفة "الكونفيدينسيال" الإسبانية أن إدارة بايدن أعادت التفكير في بيع المغرب 4 طائرات بدون طيار "إم كيو-9 سكاي غارديان"، وقنابل "جيدام"، وافق عليها سلفه دونالد ترامب، وكان يمكنها حسم الصراع لصالحها ضد جبهة "البوليساريو" بالصحراء الغربية.

"استفاقة عربية"

وكان لافتا ما حققته القضية الفلسطينية من مكاسب إثر نجاح المقاومة الفلسطينية في ردع جيش الاحتلال في معركة "سيف القدس" في أيار/ مايو 2021، والتي دفعت الاحتلال للاستعانة بحلفائه الإقليميين والدوليين في القاهرة وواشنطن لوقف الصواريخ الفلسطينية.

نالت قضية فلسطين أيضا الكثير من التعاطف العربي عبر مدرجات وملاعب بطولة كأس العرب لكرة القدم في قطر (30 تشرين الأول/ نوفمبر حتى 18 كانون الأول/ ديسمبر 2021).

وشهدت البطولة هتافات لفلسطين منذ لحظة الافتتاح، ورفع علم فلسطين من الجماهير وبعض الفرق العربية بعد انتصارها، وليس انتهاء بإهداء فريق الجزائر بطل العرب النسخة العاشرة الكأس لفلسطين، ما اعتبره الكثيرون هزيمة لدعاة التطبيع.

"العائق الحقيقي"

وفي رده على تساؤل "عربي21": كيف مثّل 2021 توقفا لقطار التطبيع الذي انطلق في 2020؟ قال السياسي المصري الدكتور جمال حشمت، إن "التطبيع ممارسة عملية يهدف كل طرف فيها لتحقيق مطالب خاصة".

وأضاف في حديثه لـ"عربي21" أن "الصهاينة يهدفون بكل أنواع التطبيع المستهدف لإعادة كتابة التاريخ للمنطقة عبر تزييف الحقائق والبديهيات التي صاحبت إنشاء دولة الكيان الاستيطانية في المنطقة، تمنيا لتناسي حقيقة وطبيعة الاحتلال ورغبة في تناسي القضية الفلسطينية".

وتابع البرلماني السابق: "وأيضا القبول بوجود جرثومة الاحتلال وسط الأمة، وهذا يحقق أهدافا أخرى بالتوالي، مثل التأسيس للمشروع الحضاري الصهيوني ليكون مرجعية للمنطقة العربية".

وأكد أن "هذا قد يتولد عنه إثارة الفوضى داخل بلاد العرب بإذكاء روح التنافر والتناحر بين الأديان والطوائف والمذاهب والجماعات، وهو ما برع الاحتلال طوال تاريخه".

ويعتقد أن "الهدف النهائي؛ تمام السيطرة الثقافية والعلمية وفرض الهيمنة الصهيونية على المنطقة العربية"، لافتا إلى أنهم "لن يتنازلوا عن أهدافهم لذا فهم يتصادمون أحيانا وتتعطل عملية التطبيع لوقت، ثم تستعيد نشاطها حتى تسقط الدول واحدة وراء الأخرى".

أما بالنسبة للدول العربية التي تسعى للتطبيع فيرى حشمت، أنها "إما تقع بحالة خضوع لتعليمات السيد القاطن خارج الحدود، أو خوفا من فوات قطار المصالح المتبادلة التي تخص الطبقات الحاكمة، أو تصهينا أكثر من الصهاينة أنفسهم".

في نهاية حديثه أكد أن "العائق الحقيقي الذي يُفشل هذه العملية هو رفض الشعوب الفطري"، مشددا على أنه "يجب العمل عليه تنفيرا من التطبيع مع هؤلاء الراغبين في إذلال الأمة من خلال حكامها وطليعتها المتغربة".

"هذا ما يقلقهم"

وفي رؤيته لأهم الأحداث والمواقف التي تشير لانتكاسة توجه التطبيع خلال 2021، أكد الباحث السياسي ياسر عبدالعزيز، على تعاظم تلك الحالة الشعبية من الرفض للاحتلال أو التطبيع معه.

وأضاف لـ"عربي21" أن ذلك يأتي "برغم أن الكيان يحاول جذب الدول العربية للتطبيع وكان يحلم بدخول السعودية على الخط كونها دولة عربية كبيرة وتقود الجامعة العربية".

وأوضح الباحث المصري أن "ما جد في 2020 أن الأمور خرجت للعلن وظهر مسؤولون عرب مع الإسرائيليين أمام الكاميرات بعد لقاءات خفية من الإمارات وقطر والبحرين وعمان، وعلنية لمصر والأردن منذ اتفاقيتي (كامب ديفيد) 1978، و(أوسلو) 1993، و(وادي عربة) 1994".

وأكد أن "أزمتهم منذ كامب ديفيد هي التطبيع الشعبي، حتى حالة التطبيع الاقتصادي نوعيا كسروها عبر فرض أمريكي لاتفاقية (الكويز) عام 1996 والتي تسمح لمصر والأردن بتصدير منتجات لواشنطن معفاة من الجمارك بشرط وجود مدخلات إسرائيلية".

وأوضح عبدالعزيز، أنه منذ ذلك التوقيت "أصبحت هناك حالة كسر نوعي للممانعة الاقتصادية على مستوى الدول العربية، ومع اتفاقيات الكيان بتبادل الغاز مع مصر، وقع أيضا اتفاقيات لتبادل الكهرباء مقابل المياه مع الأردن".

واستدرك بالقول: "لكن ومع ذلك فإن مشكلتهم الكبرى مع الشعوب كما صرح بينيت، وهي النقطة الجوهرية التي ظهرت في أكثر من دولة ومناسبة، إذ خرج أردنيون رفضا لاتفاقية الغاز والماء، ومغاربة رغم القبضة الأمنية رفضا للتطبيع".

"حتى مع الشعوب الخليجية التي لا تعرف المعارضة ولا يمكنها ذلك؛ ظهرت جماعات بحرينية وإماراتية ضد التطبيع، في رفض واضح من الشعوب لتطبيع الحكومات التي تحاول تسهيل دخول الصهاينة وسط الشعوب لإحداث التطبيع الشعبي".

ويرى الباحث المصري أن "هذه الأزمة ستظل أمام الصهاينة على المستوى القريب والمتوسط، وعلينا البناء عليها وألا نقلل من قيمة الممانعة الطبيعية الفطرية المبنية على تاريخ وإرث وعلينا تعليم أبنائنا ونشر الوعي بينهم".

وفي نهاية حديثه أكد عبدالعزيز، أن "هناك انتكاسة لحالة التطبيع في 2021، وإن كانت على المستوى السياسي جيدة، ولكنها على المستوى الشعبي غير ذلك، ما يكشف عن انفصام كبير بين الشعوب والأنظمة التي تجعلنا نعيش تحت وطأة احتلال بالوكالة".

 

التعليقات (1)
آل الذل
الأربعاء، 29-12-2021 12:27 م
بلاييين أعطاها آل الذل للصهاينة لتجميل صورهم القبيحة لكن الكلب كلب و لو طوقته بالذهب.