هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" مقالا لأستاذة الرياضيات بجامعة القاهرة ليلى سويف بعنوان "ابني ليس وحيدا، الملايين من الشباب ارتكبوا جريمته"، حيث دافعت في المقال عن ابنها الناشط السياسي المعتقل علاء عبد الفتاح.
وقالت سويف في مقالها الذي ترجمته "عربي21"، "كنت أقف خارج مجمع طرة، الذي يعتقل فيه ابني، سألتني أم: ما سبب اعتقال
ابنك؟" فأجبت: "السياسة".
وأشارت سويف إلى أنها كانت مستغربة ليس لاعتقاله بسبب السياسة، وهذا ليس غريبا في مصر، ولكن
لأن معظم المعتقلين السياسيين هم من الإسلاميين ولم تكن تعتقد أنها أم لإسلامي، وأضافت: "كان من شباب الثورة". ولم تكن بحاجة لتوضيح أكثر.
وتساءلت والدة
المعتقل عن السبب الذي أدى لاعتقال ابنها علاء عبد الفتاح؟ مجيبة أنه كان واحدا من
عشرات آلاف المعتقلين السياسيين في مصر، مضيفة أنه معتقل منذ سبعة أعوام دون أمل
في إطلاق سراحه.
وتابعت سويف في
مقالها بأنه وقف أمام المحكمة عدة مرات مؤكدة أن حكما سيصدر بحقه يوم الإثنين
المقبل.. مضيفة أن جريمته تتمثل في أنه آمن بعالم آخر ممكن وتجرأ على المحاولة
لتحقيقه، على غرار ملايين الشباب في مصر.
وبينت في المقال
أن العالم الذي ألهم الثوريين المصريين صرف نظره، فيما لا تقدم الحكومات الديمقراطية
لمسألة العدالة والحقوق سوى الكلام لا الفعل.
واعتقل علاء عبد الفتاح في أيلول/سبتمبر 2019
وسط موجة من الاعتقالات، عقب إطلاق سراحه بعد أن قضى خمس سنوات من الاعتقال بتهم
"تنظيم احتجاجات" وكان قد بدأ في بناء حياته من جديد. ومضى حينها على
خروجه من السجن مدة ستة أشهر تحت الرقابة، وأجبر كل ليلة على النوم في مركز الشرطة
عندما تم اعتقاله.
ومنذ ذلك الوقت
احتجز في سجن طرة 2 شديد الحراسة، والظروف فيه أسوأ من سجن طرة1 حيث
يعتقل بقية السجناء.
وذكر المقال أن
حال عبد الفتاح مرعب، بحسب وصف والدته ومحاميه حيث أكدا أنه في الليلة التي دخل بها
إلى السجن، جرد من ملابسه وضرب في حفلة يطلق عليها السجناء "حفلة
الترحيب".
وأوضح المقال أن المعتقل الإبن أخبر والدته بتعرضه
للتهديد بهدف عدم ذكره لما حدث له، لكنه توجه بشكوى للنائب العام، في حين تم
حرمانه من الحصول على أي مواد للقراءة مهما كان نوعها، ولم يسمح له بالحصول على
راديو ولا مشاهدة التلفزيون ومنع من فترة النقاهة والتدرب خارج زنزانته.
وأضاف: "لا
يسمح له بالخروج منها إلا في وقت الزيارات أو الذهاب إلى المحكمة، لكنه أخبر عائلته
عن كل انتهاك أو تجاوز يعرفه"، مؤكدا أنه على علم باختفاء أشخاص من نظام السجن مما
جعله يتقدم بتقرير قال فيه إنه سمع شخصا ما يعذب في الزنزانة الملاصقة لزنزانته،
بينما لم يفقد الضباط الذين اشتكى منهم وظائفهم بل ما زالوا يحتفظون بها.
وأشارت سويف إلى أن القيود التي فرضت على
الزيارات بسبب كورونا، أدت لتعليقها مدة خمسة أشهر وعندما استؤنفت لم يسمح بها إلا
مرة واحدة في الشهر ولمدة 20 دقيقة ولشخص واحد من العائلة، حيث لم تتمكن من رؤية السجين بصفة مباشرة، بل من خلف
حاجز زجاجي حيث يتم التواصل عبر الهاتف، فيما تقوم السلطات بتسجيل المكالمات.
وذكر المقال أن علاء
عبد الفتاح أخبر والدته في الفترة الأخيرة أنه ينتابه تفكير انتحاري.
وعندما ينقل إلى
المحكمة، يوضع في قفص و"أخبرني عبر القضبان أنه سيموت داخل السجن".
وفي بداية هذا
العام حاول صحافيان الانتحار، وهما محمد إبراهيم (أو محمد أوكسجين) وعبد الرحمن
طارق (موكا) وذلك احتجاجا على سجنهما بدون محاكمة ولعدة سنوات أو ما يعرف بـ"اعتقال ما قبل المحاكمة"، وهما مثالان من عدة أمثلة.
وأضاف المقال: "عانى علاء عامين من هذا التعذيب
البطيء ولا نهاية في الأفق، حيث يقضي معظم سجنه بدون توجيه تهم له".
وتابع أنه بعد
الضغوط الدولية لإنهاء هذا النوع من الاعتقالات لأجل غير مسمى، أحيل في تشرين
الأول/أكتوبر للمحاكمة بقضية جديدة سيتم الاستماع إليها في محكمة أمن الدولة
العاجلة، وهو متهم إلى جانب محمد أوكسجين ومحاميه محمد الباقر والذي اعتقل أثناء تمثيله لعلاء بتهم نشر
الأخبار الزائفة.
وقالت سويف: "رفض القاضي منح محامي الدفاع نسخة من القضية
حتى لا يقوموا بتحضير الدفاع.. لكننا نعرف أن علاء أمام المحكمة لأنه أعاد
نشر تغريدة عن سجين توفي بسبب التعذيب، وفي نفس السجن الذي يعتقل فيه علاء الآن".
وأوضحت: "سيصدر الحكم
على علاء والمتهمين معه يوم الإثنين ولا يمكن الإستئناف على الحكم".
وتعلق ليلى سويف
أن الضغوط المزعومة التي تمارسها الولايات المتحدة وأوروبا على الحكومة المصرية، لا
تهدف سوى لإرضاء قطاعات معينة من الناخبين.
وتضيف "أن
رد السلطات المصرية بـ"تنظيف سجل
حقوق الإنسان" يعني في الحقيقة ندعمكم ولكننا نناشدكم ألا تتسبوا بالإحراج
لنا".
ونوهت: "لهذا
أصدرت مصر قبل فترة "استراتيجية حقوق الإنسان الوطنية".. وبعد شهرين من لقاء
وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن ووزير الخارجية المصري سامح شكري أصدرت
الولايات المتحدة بيانا قالت فيه إنها "ترحب بالاستراتيجية" وتخطط لمواصلة
الحوار بشأن حقوق الإنسان".
وتابعت سويف:
"من تهمهم حقوق الإنسان عليهم ألا ينخدعوا بالاستراتيجيات ولكن النظر إلى
الأفعال: البدء بالإفراج عن جيل يقتل ببطء في السجن لتفكيرهم الحر وتعبيرهم عن
أنفسهم".