سياسة عربية

ترقب لتحرك القضاة ضد سعيّد.. واتهامات له بإغراق تونس

تزايدت الضغوط على سعيد بسبب تدابيره الاستثنائية - جيتي
تزايدت الضغوط على سعيد بسبب تدابيره الاستثنائية - جيتي

تشهد العاصمة التونسية، الاثنين، تحركا مدنيا يقوده قضاة، رفضا لتوجهات رئيس البلاد قيس سعيّد، ودفاعا على المجلس الأعلى للقضاء واستقلاليته.


من المقرر أن يشارك في هذا التحرك أعضاء من المجلس الأعلى للقضاء، ورؤساء المجالس القطاعية في القضاء، وجمعية القضاة، ونقابة القضاة، ومنظمات من المجتمع المدني ، تتقدمهم الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان.


ويأتي هذا الاحتجاج رفضا لمساعي سعيّد من أجل التدخل في شؤون القضاء، بعد أن نصب نفسه رئيسا للنيابة العامة إثر إعلان تدابيره الاستثنائية في 25 تموز/ يوليو الماضي، وتكليف وزيرة عدله لاحقا بإعداد مشروع إصلاح المجلس الأعلى للقضاء.

 

وخلال لقائه بمجموعة من القضاة الاثنين الماضي، قال سعيّد: "أنتم تعلمون ذلك أكثر مما يعلمه الكثيرون، القضاء أوّلا وظيفة، والسلطة والسيادة للشعب وكلّ البقية وظائف وليس أن يتحوّل سلطة مستقلة عن الدولة، القرارات تصدر باسم الشعب التونسي والقضاء وظيفة وليس سلطة مستقلة، ليس سلطة قائمة الذات مستقلة عن الدولة''.

 


وردا على هذه التوجهات، قرر القضاة التحرك من أجل "تحذير السلطة السياسية من خطورة المساس بالسلطة القضائية، وتحديداً المجلس الأعلى للقضاء، وأيضا بحث الخطوات المقبلة والأشكال النضالية في الدفاع عن شرعية المجلس الأعلى للقضاء والرهانات المطروحة وأشكال الحماية والخطوط الحمر التي لا يمكن المساس بها"، بحسب تصريح للقاضي السابق أحمد صواب لوكالة تونس أفريقيا للأنباء الرسمية.

 

وفي وقت سابق، دعا المجلس الأعلى للقضاء عموم القضاة وكافة مكونات العدالة بتونس إلى ضرورة التمسك بمكتسبات القضاء المستقل، معلنا في نفس الوقت إبقاء جلسته العامة في حالة انعقاد لمتابعة كل مساس من ضمانات استقلالية السلطة القضائية.


جمعية القضاة


وفي سياق متصل، أصدرت جمعية القضاة التونسيين بيانا، مساء الأحد، جددت فيه تمسكها باستقلال القضاء والفصل بين السلطات.


وذكرت الجمعية "بالموقف الثابت منذ اتخاذ الإجراءات الاستثنائية من قبل رئيس الجمهورية، وخاصة احترام كامل الضمانات التي يقتضيها النظام الديمقراطي من تفريق بين سلط الدولة، وأن أي إصلاحات بخصوص نظام السلط يجب ألا تؤول إلى الانتقاص من الموقع المتكافئ للقضاء إزاء بقية السلط طبق الدستور، كما يجب أن تتم ضمن مقاربة حوارية وطنية تشاركية بعيدا عن المقاربات الأحادية المسقطة".

 


وجدد القضاة "تمسكهم التام باستقلال السلطة القضائية بأصنافها العدلي والإداري والمالي، وبهياكلها من هيئات حكمية ونيابة عمومية طبق الضمانات والمكتسبات الدستورية الواردة بالباب الخامس من الدستور، وبالمكسب الديمقراطي للمجلس الأعلى للقضاء كمؤسسة مستقلة لنظام الفصل بين السلط والتوازن بينها يضمن حسن سير القضاء واستقلاله، ويسهر على حماية الهيئات القضائية من الوقوع تحت أي ضغوطات أو تدخل في المسارات المهنية للقضاة، بما يضعف ويقوّض دورهم في حماية الحقوق والحريات ودولة القانون بالنزاهة والاستقلالية المستوجبة".

 

اقرأ أيضا: دعوات للتظاهر بتونس ضد سعيّد بمناسبة ذكرى اندلاع الثورة

 

وأكد البيان "التمسّك بالنظام الديمقراطي القائم على مبدأ الفصل بين السلط ووجود سلطة قضائية مستقلة ضامنة للحقوق والحريات ولإنفاذ القانون واحترام علويته ومساواة الجميع أمامه". وعبروا عن "التمسك التام بك ما جاء بباب الحقوق والحريات بدستور 2014 وبباب السلطة القضائية باعتباره الضامن الفعلي لها وبكافة الضمانات المتعلقة بهما، ويرفض كل مقاربة أحادية الجانب للمس بهذه المضامين الدستورية التي جاءت ثمرة مسارات تشاركية جماعية وتأسست على نضالات طويلة للتونسيين والتونسيات ولمكونات المجتمع المدني".


"إغراق تونس"


إلى ذلك، وقع نواب وسياسيون ونشطاء بالمجتمع المدني ومحامون تونسيون، مساء الأحد، عريضة شعبية حملوا خلالها قيس سعيّد مسؤولية "إغراق تونس في أزمة اقتصادية تهدد أمن البلاد".

 


واتهم الموقعون على العريضة سعيّد بإدخال تونس في أزمة اقتصادية بسبب مخططاته الشخصية، مشيرين إلى تدهور حال التونسيين بسبب ما آلت إليه الأوضاع في البلد.


واستنكر الموقعون على العريضة "استمرار العمل بما يسمى بالتدابير الاستثنائية دون أي سقف زمني أو رؤية واضحة لمستقبل البلاد"، معبرين عن رفضهم إصدار سعيد الأمر الرئاسي رقم 117 وإلغاء العمل بالدستور، حسب نص العريضة.


وأدانت العريضة "عمل سعيد على إرساء ما يسمى بالشركات الأهلية والتخلي عن تفعيل القانون 38 (يخص تشغيل من طالت بطالتهم) بعد أن قام سعيد بختمه ونشره بالجريدة الرسمية التونسية".

 

أزمة اقتصادية


وتأتي هذه الاتهامات الموجهة لسعيّد بإغراق البلاد في أزمة اقتصادية، في وقت ارتفع فيه حجم الاقتراض الداخلي من 5.5 مليارات دينار (1.89 مليار دولار) في قانون الموازنة الأصلي إلى 8.1 مليارات دينار (2.79 مليار دولار) في القانون التكميلي.


في المقابل، خفضت الحكومة في قانون الموازنة التكميلي من موارد الاقتراض الخارجي من 13 مليار دينار (4.48 مليارات دولار) إلى 12.1 مليار دينار (4.17 مليار دولار).


وتحتاج تونس إلى سيولة نقدية لسد عجز ما تبقى من موازنة العام الجاري، والذي يتم عادة عبر الاقتراض من الأسواق العالمية، لكن ضعف موقف البلاد ديمقراطيا، قد يقابل طلبها الاستدانة خارجيا، بالرفض، زد على ذلك تراجع الإمارات والسعودية عن توفير الدعم المالي لتونس، بعد أن كشف البنك المركزي التونسي دخوله في مفاوضات مع الدولتين من أجل الحصول على أموال لتغطية عجز الموازنة.


يشار إلى أن معدل التضخم ارتفع في البلاد خلال تشرين الأول/ أكتوبر الماضي إلى 6.3 بالمئة، بحسب الأرقام الرسمية.

 

اقرأ أيضا: الضغوط تتزايد على قيس سعيّد.. والمعارضة تدرس تحركا ضده
 

كما عرفت معدلات البطالة في تونس ارتفاعا ملحوظا، حيث كشف أحدث تقرير للمعهد الوطني للإحصاء (رسمي) عن وجود 762.6 ألف عاطل عن العمل في تونس من مجموع السكان النشطين، بزيادة 16 ألفا مقارنة بالربع الثاني من السنة ذاتها.


وخفضت الحكومة التونسية توقعاتها للنمو الاقتصادي لعام 2021، إلى 2.6 بالمئة في الموازنة التكميلية لعام 2021، من 4 بالمئة في قانون الموازنة الأصلي.


وحسب بيانات وزارة المالية، بلغ حجم الدين العام في التسعة أشهر الأولى من العام الحالي 101.8 مليار دينار (35.3 مليار دولار) يتوزع بين 39.6 مليار دينار (13.7 مليار دولار) دين داخلي، و62.1 مليار دينار (21.5 مليار دولار) دين خارجي.


التعليقات (0)