بلا تسرُّع.. انتظار التفرُّغ..

أنتهينا آخيرا، من وضع آخر لبنة في جدار كان يتداعى في وجود “غلامين يتيمين في المدينة”، دون أن نضطر إلى “إقامته”، بل إلى إعادة بنائه من الأساس، ليستفيد منه الورثة من الجيل الجديد ضمن منظومة الحكم الجديدة التي تبني من جديد، على أسس وقواعد تنظيمية وتسييرية جديدة، كل من كان آيلا إلى السقوط منذ أمد بعيد.

ماذا بقي للمواطن أن ينتظره غير العمل، ثم العمل على تحقيق الوعود الرئاسية المتبقية من الـ54 عهدا، بعد أن بات يلمس الملموس في التغيير المنشود، دون أن يكفَّ عن الأمل والمطالب بالتعجيل بما تقدَّم وتأخَّر من رفع الغُبن عنه في كل المجالات بدءًا من السكن والصحة وانتهاءً بالغلاء وتدهور قدرته على الشراء؟

أهمُّ ما ينتظره المواطن خلال سنة 2022، بعد استكمال ما تبقى من إنجازات لتحقيق التنمية الشاملة ومنها إعادة النظر في منظومة التسيير القانونية للجماعات المحلية، كما أشار إلى ذلك رئيس الجمهورية مرارا بوضع سبَّابته على نقطة العصب المتسبب في الوهن: قانون البلديات والولايات، الذي يجب أن يعاد النظر فيه ضمانا للبلديات في تسيير شؤونها بنفسها والاعتماد على مداخيل أخرى في التنمية وإخراجها من دائرة المؤسسات “الآكلة للميزانيات”.

المواطن، ينتظر بعد كل هذا، وحتى قبله، أن يرى قدرته الشرائية ترتفع من جديد بعد انهيار مريع مس كل المواد وكل القطاعات. إنه يريد أن يرى سوق عمل تنمو وتنتعش من أجل استقرار اجتماعي واقتصادي له ولعائلته. يريد أن يرى الدعم بأي شكل من الأشكال، لا يهمه كيف، فقط يريد أن يعيش في كنف العيش الكريم، ينعم بعمل قارّ وراتب مُصان وسكن آمن وصحّة مضمونة. يريد أن يرى بلده في أحسن حال، ويتمنى أن يكون حالُه أحسن في المستقبل ولا يعيش دوما على أمل.. وفقط “أن نعود إلى ما كنا عليه في السابق”.. يريد أن يخرج من دائرة التشاؤم إلى دائرة الحلم والتفاؤل الواقعي.
غير أن كل هذا لن يتأتى بالانتظار من الدولة أن تنثر على المواطن شآبيب الرحمة وذهب وفضة السماء وهو قاعدٌ ينتظر وجالس ينتقد بالكلام، ويدعو بالخراب والثبور ويتوعد بالهرب والوعيد والحرقة والمزيد.

الانتخابات الأخيرة، فتحت المجال أمام أي كان أن يكون له ما يريد إذا أراد، لكن لن يكون له ذلك من دون عمل أو رغبة في ذلك أو يرغب فقط في الربح السريع الكثير والسهل، فكل عمل ليس بالسهل، والسهل هو السهل الممتنع الذي لا يتأتى إلا بالجهد والمثابرة والحرص وعدم الاستسلام لليأس والإحباط والإفشال التي تتعمّده بعض المصالح الإدارية أو المؤسساتية التي لم تفهم بعد أو التي لا تريد أن تخرج من دائرة التقاعس ولم تفهم بعد أن أي عمل أو ممارسة من هذا القبيل لن يُنظر إليه مستقبلا على أنه وفقط بيروقراطية تقليدية، بل ضربٌ من الثورة المضادَّة والعمل التخريبي الممنهج الذي يراد به تقويض التغيير والتحول في الجزائر المتحولة المتغيرة.

لن يكون بإمكان أي مواطن، شابا كان أو شعره “شاب”، أن ينتظر المنَّ والسلوى من السماء ولا أن يقال له: أهبطوا.. فإن لكم فيها ما سألتم.. فكلٌّ يعمل على شاكلته، والكل ملكٌ لنفسه ولا يحيق المكرُ السيء إلا بأهله، فالأبواب لم تعُد موصدة، بل مفتوحة على مصراعيها، مهما بقيت العراقيل و”الحجر في الحذاء”.. فالدواء جاهزٌ منذ الآن.. تحضيرا لقول ما قاله تعالى: سنفرغ لكم أيها الثقلان..