هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
تجددت الاشتباكات يومي الأربعاء والخميس بين أذربيجان وأرمينيا، وهي الأولى منذ توقيع اتفاق وقف إطلاق النار بين البلدين في 9 تشرين الثاني/نوفمبر 2020، والذي تم برعاية روسية.
وتبادل البلدان الاتهامات حول المسؤولية عن التوتر
الأخير، حيث اتهمت أرمينيا، أذربيجان بشن هجوم في الاتجاه الشرقي
لحدودها واجتياح أراضيها الواقعة في منطقة جبل كيليسالي.
وأشارت وزارة الدفاع الأرمينية إلى مقتل جندي أرمني
واحد، وأسر 13 آخرين، في حين فُقد الاتصال بـ 24 جندياً أثناء الاشتباكات الأخيرة مع
القوات الأذربيجانية، مؤكدة أنها خسرت موقعين عسكريين أصبحا تحت سيطرة باكو.
بالمقابل اتهمت أذربيجان أرمينيا بانتهاك وقف إطلاق
النار، وقالت وزارة الدفاع الأذرية، الخميس، إن القوات
الأرمينية أطلقت النار مساء الأربعاء على مواقع أذربيجانية في مدينة توفوز الحدودية،
وذلك بعد يوم من اتفاق الجانبين على وقف إطلاق النار.
وقالت الوزارة
في بيان إن القوات الأذربيجانية ردت بالمثل على مصادر النيران. وكانت قد قالت يوم
الثلاثاء الماضي إن مواقع عسكرية حدودية تابعة لها تعرضت إلى قصف مدفعي أرميني،
وإن قواتها ردت عليها.
اقرأ أيضا: أذربيجان تكشف عن حصيلة قتلى جنودها باشتباكات مع أرمينيا
اشتباكات محدودة وليست حربا
وأثار التوتر الأخير تساؤلات عن احتمالية تحول الاشتباكات
المتبادلة بين البلدين إلى حرب شاملة، كالتي حدثت العام الماضي في إقليم ناغورني
قره باغ.
قال رئيس مكتب
المشاريع الخارجية في وكالة ترند في أذربيجان، روفيز حافظ أوغلو، إن "الاشتباكات
بين البلدين تجري على الحدود المعروفة بينهما، ولكن للأسف أرمينيا لا تعترف
بالحدود الأذرية، ومنذ أسبوع دخلت بعض القوات الأرمينية إلى أراضي أذربيجان،
بالتالي التوتر الحالي لا يخص أراضي كاراباخ الجبلية، بل هي على الحدود الرسمية
المعترف بها من قبل الطرفين، لذلك ردا على الفعل الأرميني بدأت القوات الأذرية
بالهجوم ضد هذه القوات".
واستبعد أوغلو
خلال حديثه لـ"عربي21"، أن "يتحول التوتر الأخير إلى حرب"،
إلا أنه في نفس الوقت "لم يستبعد حدوث اشتباكات جديدة بين الطرفين"،
مؤكدا على "استعداد وجهوزية أذربيجان لهذه الاشتباكات المتوقع حدوثها، لأن
أرمينيا على الرغم من وجود معاهدة وقف إطلاق النار كانت تمارس بعض الأعمال
العدائية ضد الجيش الأذري"، وفق قوله.
وأضاف:
"تكمن المشكلة في أن مناطق الاشتباك الحالية لا يوجد بها قوات روسية أو تركية
التي تتواجد في كاراباخ الجبلية كمراقبين، لذلك لا أستبعد أن يكون هناك توتر جديد،
لكن هل يصل إلى حرب كالتي حدثت العام الماضي؟ لا أعتقد ذلك".
وأكد أن "التصعيد
الأذري جاء كرد فعل على التصعيد الأرميني"، مضيفا: "تصعيد أرمينيا جاء
نتيجة مطالبة أحزاب سياسية الحكومة الأرمينية بالقيام بحرب جديدة، وهذه الأحزاب
تسعى لافتعال مشكلة جديدة في المنطقة، وعلى الرغم من قول أذربيجان بأنها تعترف
بوجود المواطنين الأرمن في المنطقة، إلا أن يريفان لا تعترف بوجود المواطنين
الأذربيجانيين هناك".
اقرأ ايضا: أذربيجان تؤكد استمرار التوتر على الحدود مع أرمينيا
ضغط على أرمينيا
من جهته أشار
المحلل الأرمني، ساكو آريان، إلى أن "هذه المناوشات والتوتر على خطوط التماس
بين البلدين هي عملية ضغط على الطرف الأرميني كي يقبل بمعاهدة سلام بينه وبين
الطرف الأذري، ولكن أصل المشكلة الرئيسي هو عدم ترسيم الحدود بين البلدين، فهذه
الحدود كانت متروكة منذ انهيار الاتحاد السوفيتي".
وأوضح آريان
خلال حديثه لـ"عربي21"، بأن "البلدين لم يتمكنا من ترسيم الحدود
لعدة أسباب، أهمها الصراع في إقليم ناغورني كاراباخ".
وأشار إلى
"أنه قبل عام من الآن عندما انتهت الحرب ووقع الطرفان على مبادرة روسية
مترافقة مع تفاهمات تركية من وراء الستار، كان أهم بنود هذه المبادرة تسليم وإعادة
الجنود الأرمن الأسرى الموجودين اليوم في أذربيجان، ولكن الأخيرة لم تبادر حتى
بتقديم أي شيء، وحتى لو سلمنا جدلا بأنها الطرف الرابح عليها أن تبادر بإعطاء
الطرف الخاسر شيئا ما، ولكنها لم تبادر، وبرأيي هناك خارطة طريق مرسومة من قبل
أنقرة وهي وصل طريق ساحلي بين أذربيجان وتركيا من جهة إقليم ناختشيفان".
ونفى آريان
"احتمالية تطور التوتر الحالي إلى حرب"، مضيفا: "إذا أراد الطرفان
الحرب، يجب عليهما أن يكونا مستعدين لها، ولكن الطرف الأرمني جيشه منهار وضعيف
وهناك غموض في سياسته الخارجية، أيضا لديه مشاكل داخلية خاصة مع وجود معارضة قوية
وصلبة وحكم ضعيف".
وتابع:
"كذلك الوجود الروسي على أرض كاراباخ إشارة من أهم الأطراف وهي موسكو وأنقرة
إلى ضرورة وقف النزاع حاليا، بالطبع لا يمكن القول إن هناك حلا نهائيا حاليا، ولكن
هناك حل مؤقت توصل إليه جميع الأطراف، والوجود الروسي مهم لحفظ السلام وتثبيت
عملية وقف إطلاق النار وإنشاء منطقة عازلة بين الطرفين".
اقرأ أيضا: توتر متجدد بين أذربيجان وأرمينيا.. وقلق أممي
دعوة روسية لترسيم الحدود
وكانت روسيا
قد أشرفت على مباحثات بين الطرفين العام الماضي خلال الحرب التي وقعت بينهما،
وساهمت في توقيعهما اتفاقا لوقف إطلاق النار والأعمال العدائية بينهما، وقامت موسكو
وبالتعاون مع أنقرة بنشر قوات مشتركة لمراقبة وقف إطلاق النار في إقليم ناغورني
قره باغ.
وسعت روسيا
وفق وسائل الإعلام الروسية لخفض التوتر الحالي، ودفعهما للجلوس مرة أخرى على طاولة
المفاوضات، ما يدفع للتساؤل هل تستكمل موسكو مساعيها وتدفع البلدين لتوقيع معاهدة
سلام نهائية، تنهي الأزمة بشكل عام وتام؟
أوضح المحلل
السياسي الروسي، أندريه أونتيكوف، بأن "روسيا كضامن للاتفاق بين البلدين قد
تدخلت في هذا الأمر بشكل سريع جدا، حيث كانت هناك اتصالات للرئيس بوتين مع رئيس
الوزراء الأرميني، وكذلك قام وزير الدفاع الروسي بالاتصال بنظيريه الأرمني
والأذري، وكانت نتيجة هذا الجهود توقُّف العمليات القتالية".
وتابع أونتيكوف
خلال حديثه لـ"عربي21": "كذلك دعت الخارجية الروسية إلى ترسيم
الحدود بين أذربيجان وأرمينيا وتنفيذ الاتفاقية التي وقعت العام الماضي بشكل كامل،
بالتالي روسيا تسيطر على الأوضاع".
وأضاف: "ولكن
ليس سرا أن الحرب الأخيرة لم تنه الخلافات بين البلدين بشكل نهائي، وبالتالي التوتر
في العلاقات ما زال موجودا، لذلك من وقت لآخر نرى وسنرى تصعيدا في المناطق الحدودية، لكن في
نفس الوقت روسيا لا تزال موجودة على الأرض كدولة ضامنة للاتفاق وتتدخل فورا في مثل
هذه التوترات وتبذل الجهود لأجل خفض التوتر الحالي".
اقرأ أيضا: أرمينيا مستعدة لإجراء مباحثات مع تركيا لتطبيع العلاقات
ضغط روسي على تركيا
بدوره عبر رئيس
تحرير وكالة "أوكرانيا برس"، صفوان جولاق، عن اعتقاده بأن "الموقف الروسي
هو الذي سيحدد إذا ما كان هناك تصعيد جديد أم لا، بمعنى إذا كانت روسيا تعتبر أن
تركيا تدعم أوكرانيا في الشرق عبر الضغط على الانفصاليين سواء عبر طائرات
بيرقدار المسيرة أو غيرها، قد يؤدي ذلك بموسكو لأن تدفع أرمينيا نحو التصعيد مع
أذربيجان للضغط على أنقرة ومنعها من دعم أوكرانيا في ملف الانفصاليين".
وتابع جولاق
خلال حديثه لـ"عربي21": "بالتالي أتوقع أن مسألة التصعيد من عدمه
هو بيد روسيا أكثر من أرمينيا، لأن الأخيرة كما رأينا لم يكن باستطاعتها مواجهة
أذربيجان التي تلقت دعما قويا من تركيا، لذلك أرى أن الأمر يتعلق بمدى رغبة روسيا في
الضغط على تركيا من عدمه".